عالمي

الأميركيون بين صعوبة التوظيف والتسريح في أسوأ سوق عمل منذ أعوام

يواجه الطلاب الأميركيون من خريجي دفعة 2025 مهمة شاقة لإيجاد وظيفة في سوق العمل الحالية التي لا يقبل التعيينات أو التسريحات بصورة عامة.

ويبلغ معدل البطالة  نحو 4.2 في المئة وحسب، وقد أضاف الاقتصاد وظائف جديدة لـ 52 شهراً متتالياً، ثاني أطول سلسلة نمو وظيفي متواصل في تاريخ الولايات المتحدة.

ومع ذلك فهناك بعض المؤشرات التحذيرية الكامنة، فقد أصيبت عملية صنع القرار في قطاع الأعمال بالشلل بسبب الحرب التجارية الفوضوية،

وانخفضت معدلات التوظيف للمبتدئين، ويقول بعض قادة صناعة الذكاء الاصطناعي إن التكنولوجيا سريعة التطور قد تقضي على وظائف ذوي الياقات البيضاء، إن لم تكن قد بدأت بالفعل.

وحتى مع تعافي سوق العمل بصورة عامة نسبياً، يقول اقتصاديون إن هذا هو أسوأ سوق لخريجي الجامعات الجدد منذ ذروة جائحة “كوفيد-19″، إذ إن حصولهم على وظيفة يستغرق وقتاً طويلاً مما يتركهم عاطلين من العمل ومثقلين بديون الطلاب لفترة طويلة ومحبطة.

وللمرة الأولى منذ بدء تسجيل هذا الموضوع عام 1980، كان معدل البطالة بين الخريجين الجدد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22 و27 سنة والحاصلين على درجة البكالوريوس أو أعلى، أعلى باستمرار من معدل البطالة الوطني، وفقاً لبيانات “أكسفورد إيكونوميكس”، إذ قال كبير الاقتصاديين في المؤسسة ماثيو مارتن إنها “سوق عمل صعبة للغاية بالنسبة إلى خريجي الجامعات، وسيستغرق الأمر وقتاً للتغلب عليها”.

ارتفاع مستمر لمعدل البطالة بين الشباب

ومنذ منتصف عام 2023 ارتفع معدل بطالة خريجي الجامعات الجدد بنسبة 1.6 نقطة مئوية، أي ثلاثة أضعاف الزيادة الوطنية، وفقاً لبيانات “أكسفورد إيكونوميكس”، ويبلغ معدل بطالة من تتراوح أعمارهم ما بين 20 و24 سنة ضعف المعدل الوطني تقريباً وهو 8.2 في المئة، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل، وهذه الصورة أكثر إثارة للقلق بالنسبة إلى الشباب الذين يعانون معدل بطالة يبلغ 9.6 في المئة مقارنة بـ 6.7 في المئة قبل عام.

وبعد أن سارعت الشركات خلال عامي 2021 و2022 إلى توظيف العمال، فإنها اليوم تتبنى نهجاً أكثر حذراً في ظل الحرب التجارية الغامضة ومواجهة أسعار الفائدة المرتفعة، وكشفت وزارة العمل الأميركية في بيان حديث أن عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات البطالة ارتفع منتصف مايو (أيار) الماضي إلى أعلى مستوى له خلال أربعة أعوام، وهي إشارة إلى أن الباحثين عن عمل يستغرقون وقتاً أطول للعثور على وظيفة.

ووفق بيانات منصة التواصل المهني “لينكد إن” فقد انخفض التوظيف للمبتدئين 23 في المئة مقارنة بمارس (آذار) 2020، متجاوزاً الانخفاض البالغ 18 في المئة في إجمال التوظيف خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ويعد هذا وضعاً صعباً للعمال الذين يبحثون عن وظيفة جديدة، ولكنه يدعم انخفاض التضخم وزيادة الإنتاجية واستمرار النمو الاقتصادي على المدى الطويل”، وفق ما ذكره كبير الاقتصاديين الأميركيين في “جيفريز” توماس سيمونز.

بحث “يائس” عن وظيفة

ووفق شبكة “سي أن أن” فقد بحثت جينا ماكسود (23 سنة) من نيوجيرسي عن أول وظيفة لها بعد تخرجها من الجامعة الأميركية أواخر عام 2023 لأكثر من عام، وتقدمت الشابة لكثير من الوظائف التي غالباً كانت تتراوح ما بين خمس و10 وظائف يومياً، لكنها واجهت صعوبة في الحصول على رد من أصحاب العمل المحتملين، وتقول ماكسود إنه “بالنظر إلى الماضي  كان الأمر صادماً للغاية، وقد بدأ كاهلي يثقل وشعرت باليأس”.

وغالباً ما يؤثر البحث المطول عن وظيفة سلباً في الخريجين الجدد، فقد انخفضت ثقة العمال بين جيل “Z” في الولايات المتحدة أخيراً إلى مستويات قياسية، حتى إنها كانت أقل مما كانت عليه عند بداية جائحة “كوفيد-19″، وفقاً لمنصة “لينكدإن”، وبالنسبة إلى ماكسود فقد ازداد الضغط عليها بسبب تراكم ديونها الطلابية مثل كثير من خريجي الجامعات، والتي بلغت نحو 70 ألف دولار.

وبعد أن واجهت صعوبة في إيجاد وظائف حكومية ومنظمات غير حكومية، وسعت نطاق بحثها وحصلت على وظيفة في تطوير الأعمال في شركة متخصصة بتكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، وفيما حثت خريجي اليوم على عدم اليأس من الرفض قالت “إنها لعبة أرقام، عليك تغيير عقليتك من الإحباط من عدم تحقيق أي تقدم إلى مواجهة الأمر والمثابرة”.

هل يلغي الذكاء الاصطناعي وظائف المبتدئين؟

وقد يصبح العثور على وظيفة أكثر صعوبة مع التطورات السريعة التي تحدثها نماذج الذكاء الاصطناعي من الجيل التالي، إذ حذر الرئيس التنفيذي لشركة “أنثروبيك” العملاقة للذكاء الاصطناعي داريو أمودي من أن الذكاء الاصطناعي قد يلغي نصف وظائف ذوي الياقات البيضاء المبتدئة، ويرفع معدل البطالة إلى ما بين 10 و20 في المئة خلال الأعوام الخمسة المقبلة، قائلاً إنه “من الغريب مدى جهل الجمهور والمشرعين بما يحدث مع تطورات الذكاء الاصطناعي في القوى العاملة”، متابعاً “علينا أن نتحرك الآن ولا يمكننا أن نستسلم للأمر دون وعي، وربما يكون هذا التدمير للوظائف المبتدئة قد بدأ بالفعل، في الأقل داخل بعض قطاعات سوق العمل”.

وتشير “أكسفورد إيكونوميكس” إلى أن التوظيف في علوم الحاسوب والرياضيات، وهما قطاعان معرضان بصورة خاصة لتأثير الذكاء الاصطناعي، قد انخفض ثمانية في المئة منذ عام 2022 لمن تتراوح أعمارهم ما بين 22 و27 عاماً، وفي المقابل لم يتغير معدل التوظيف لمن تزيد أعمارهم على 27 عاماً في هذه القطاعات كثيراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مارتن من “أكسفورد إيكونوميكس” إنه “من المؤكد أن الذكاء الاصطناعي يحل محل بعض هذه الوظائف ذات المستوى الأدنى”، مضيفاً أنه يتوقع أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى القضاء على بعض الوظائف وخلقها في آن واحد، ولا سيما في قطاع التكنولوجيا.

ويجادل آخرون بأن المخاوف المتعلقة بتوظيف الذكاء الاصطناعي مبالغ فيها، فيقول رئيس قسم الاقتصاد في “لينكد إن” كوري كانتينغا إننا “لا نرى أي دليل على أن هذا تباطؤ التوظيف في وظائف المبتدئين مدفوع بالذكاء الاصطناعي”، مشيراً إلى وجود توقعات قاتمة حول أن التكنولوجيا ستقضي على الوظائف، وعندما طرحت أجهزة الصراف الآلي كان هناك خوف من اختفاء صرافين البنوك تماماً، لكن الواقع أنهم تطوروا وتكيفوا.

كلفة باهظة للدراسة الجامعية

ويأتي سوق العمل الصعب لخريجي الجامعات في خضم جدل أوسع حول قيمة الشهادة الجامعية التي قد تكلف مئات آلاف الدولارات وتثقل كاهل الطلاب بديون هائلة، إذ يعد معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22 و27 سنة، والحاصلين على درجة البكالوريوس أو أكثر، أقل منه بين غير الحاصلين عليها، على رغم أن هذه الفجوة قد تضاءلت خلال الأعوام الأخيرة، وفقاً للبيانات الفيدرالية.

ويقول كانتينغا من “لينكد إن” إنه على رغم ارتفاع كلفة الحصول على شهادة جامعية مدة أربعة أعوام لكن كثيراً من الأميركيين يرون أنها لا تزال تستحق العناء، نظراً إلى ارتفاع إمكانات الدخل وانخفاض معدل البطالة، مضيفاً أنه “في نهاية المطاف لا تزال مكافآت الحصول على شهادة جامعية تفوق الكُلف بكثير”.

ويقول الاقتصاديون إنه مع سوق العمل الصعبة والأخطار المحيطة بالذكاء الاصطناعي، فإن طلاب الجامعات يتحملون مسؤولية اختيار مجالات تركيزهم بحكمة، فعلى سبيل المثال نجد أن القطاعات الأسرع نمواً في القوى العاملة هي الرعاية الصحية والتعليم، وقال كانتينغا “اعرف أين يكمن الزخم، وفكر لا وحسب في وظيفتك الأولى بل في خطوتك التالية أيضاً، فإذا حصلت على وظيفة أولى براتب مرتفع فهذا رائع، لكن ليس إذا لم يكن لديك مكان آخر تذهب إليه بعد ذلك”.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى