عالمي

الدينار الليبي يواجه شبح الانهيار أمام العملات الأجنبية

يشهد الدينار الليبي تدهوراً في قيمته أمام بقية العملات الأجنبية التي سجلت ارتفاعاً غير مسبوق مقارنة بالعامين الماضيين، إذ بلغ سعر صرفه في مقابل الدولار الأميركي نحو 4.90 دينار، بحسب قائمة أسعار العملات بمصرف ليبيا المركزي، في حين تجاوز خمسة دنانير في السوق الموازية “السوداء”.

يقول الباحث في الاقتصاد عبدالحميد الفضيل إن رفض مصرف ليبيا المركزي فتح مزيد من الاعتمادات هو العامل الأساسي الذي يقف وراء هذه الضغوط على العملة الليبية، مشيراً إلى أن سعر صرف الدينار الليبي أمام بقية العملات الأجنبية في السوق الموازية عرف استقراراً منذ يناير (كانون الثاني) 2021، وذلك بعد تعديل سعر الصرف من مجلس إدارة المصرف، إلى أن بدأ الارتفاع مع نهاية الأسبوع الماضي بشكل ملحوظ لم تصل ليبيا إليه منذ نهاية عام 2020، وفق قوله.

وأوضح الفضيل أن “تفاعلات قوة الطلب أمام ضعف العرض هو السبب الرئيس أمام هذا الارتفاع، فمن خلال البيانات التي ينشرها مصرف ليبيا المركزي، نلاحظ أن الطلب على النقد الأجنبي خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي ارتفع بمقدار يناهز 3.5 مليار دولار لغرض الاعتمادات المستندية والأغراض الشخصية فحسب، أي بنسبة ارتفاع بلغت تقريباً 32,4 في المئة”.

وأردف المتخصص بالشأن الاقتصادي أن “زيادة الطلب على النقد الأجنبي خلال ثمانية أشهر من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، ارتفعت ليصاحبها عجز يقدر بـ2.1 مليار دولار، لذلك لجأ مصرف ليبيا المركزي إلى فرض قيود ضمنية ليست صريحة، تمثلت في بعض التأخير بإتمام عدد من المعاملات المستندية والتعقيدات في بيع النقد الأجنبي لأغراض شخصية (علاج بالخارج، سفر، تجارة) وهو ما تبين من خلال البيانات التي سبق وأصدرها المصرف المركزي”. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوه الفضيل بأنه “نتيجة لهذه القيود تقلصت مبيعات النقد الأجنبي المخصصة للأغراض الشخصية بمقدار 50 في المئة في الشهرين الماضيين مقارنة بالستة أشهر الأولى من العام الحالي، بالتالي فإنه مع فرض كل هذه القيود أصبح هناك طلب مرتفع يقابله خلل في العرض من المصرف المركزي”.

وقال إن حاجة الليبيين إلى الحصول على النقد الأجنبي هي الممول الرئيس للسوق السوداء، بالتالي فإن الكميات المعروضة في السوق الموازية مصدرها الرئيس هي الاعتمادات المستندية. 

غسل الأموال 

وتوقع الفضيل أن تكون هناك أسباب أخرى لفرض تلك القيود، تدور حول شبهات غسل أموال، مردفاً “إذا ما تحدثنا عن بيع النقد الأجنبي لبعض المصارف نرى أن كميات منها بيعت على سبيل المثال من خلال مصرف الوحدة، زادت بنسبة تقريبية تناهز 171 في المئة عما كانت عليه في العام الماضي”.

واستبعد إمكان انهيار قيمة الدينار الليبي، باعتبار أن المصرف المركزي ما زال يبيع النقد الأجنبي على رغم القيود التي يفرضها، مؤكداً أن “الإشكال الأساسي يتمثل في صعوبة عودة سعر الصرف للقيمة التي كان عليها في حدود 5.20 دولار مع فقدان الثقة في قيمة العملة المحلية، في ظل استمرار ارتفاع العملات الأجنبية، ومن ثم فإن كل من لديه نقد أجنبي سيحجم عن البيع، في المقابل كل من لديه قيمة مالية بالدينار الليبي سيحاول أن يشتري النقد الأجنبي خوفاً من انهيار أكبر، وهو ما سيدفع سعر الصرف إلى الارتفاع أكثر، إذ من المتوقع أن تتجاوز قيمة سعر صرف العملات الأجنبية ستة دنانير خلال الفترة المقبلة”.

الحلول

ولعلاج هذه الأزمة اقترح المتخصص في الشأن الاقتصادي محسن دريجة فتح حسابات بالدولار للأشخاص والشركات باعتبار أن القانون المصرفي الليبي يسمح بذلك حتى تضمن ليبيا بقاء العملات الأجنبية داخل نظامها المصرفي، الأمر الذي سيعزز من احتياطات النقد الأجنبي في مصرف ليبيا المركزي.

ودعا دريجة في تصريحات صحافية الدولة الليبية إلى “توفير الحماية للنقد الأجنبي لتشجيع أصحاب رؤوس الأموال على نقلها من الخارج إلى المصارف الليبية مما سيدعم بدوره الاقتصاد الوطني، وذلك عن طريق توفير كميات أكبر من العملة الصعبة، خصوصاً أن الأموال الليبية بالخارج تتعرض بين الحين والآخر لعمليات استحواذ بسبب عدم قدرة أصحابها على الإفصاح عن مصادرها، بينما في ليبيا يمكن معرفة مصدرها بكل يسر باعتبار أن المنظومة المالية محلية”.

وأوضح دريجة أنه “إذا ما سمح بفتح حسابات بالعملة الصعبة داخل ليبيا ستكون هناك رقابة مالية من السلطة النقدية في ليبيا المتمثلة في مصرف ليبيا المركزي، مما سيجنب البلد عمليات غسل الأموال، لأن مواصلة فتح اعتمادات لشركات ليبية خارج الدولة الليبية هو عبارة عن استنزاف لاحتياطات النقد الأجنبي”.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى