عربي

كيف سيواجه الاقتصاد الأردني أمراضه المزمنة؟

تراوح أزمة #الاقتصاد_الأردني مكانها في العام الجديد، بينما يرسم اقتصاديون ومراقبون سيناريوهات متشائمة لما ستكون عليه الحال خلال الأشهر المقبلة، إن لم تتدارك الحكومة الأردنية الأمر وتقوم بإجراءات من شأنها تعزيز #الاستقرار_المالي والاقتصادي للبلاد.

أزمة مستمرة

يرى أستاذ الاقتصاد مازن مرجي أن أزمة الاقتصاد الأردني مستمرة ومتعمقة عاماً بعد آخر، نتيجة الممارسات والسياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة والمتحفظة، الأمر الذي أنتج أعلى نسب البطالة التي وصلت إلى 23.1 في المئة، كما وصلت نسب الفقر إلى أرقام مشابهة.

ويضيف مرجي “الاستمرار في رفع أسعار الفوائد تسحب أية سيولة من السوق وترفع كلفة الاقتراض لأغراض الاستثمار أو الاستهلاك، بدل سياسة التحفيز والتسهيل المعاكسة التي تمارسها الدول المتبعة لسياسات تحفيزية أكثر حصافة”.

يصف مرجي إدارة المرحلة الماضية بأنها مليئة بالأخطاء من قبل الإدارات الحكومية المتعاقبة، وعدم بذل جهود حقيقية لتطبيق الإصلاح الاقتصادي، حيث اعتمد أسلوب ترحيل الأزمات والمشكلات بدل حلها، كالتوسع في الإنفاق العام بنحو 10 في المئة سنوياً ليبلغ أكثر من 15 مليار دولار في العام الحالي، من دون ضوابط حقيقية أو الاستناد إلى نمو كاف في الإيرادات العامة يغطي تلك النفقات، متوقعاً ألا تزيد الإيرادات على 11 مليار دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتوقع أستاذ الاقتصاد مزيداً من الاقتراض الحكومي بنحو 11 مليار دولار هذا العام، عبر الاقتراض الداخلي والخارجي وإصدار السندات المحلية بالدولار وسندات اليوروبوند، وهو ما يفسر ارتفاع المديونية إلى ما يتجاوز 52 مليار دولار، بأقساط وفوائد سنوية تزيد على ملياري دولار، الأمر الذي سيثقل كاهل الموازنة منذ سنوات طويلة.

يتساءل مرجي “إلى أين تأخذ هذه السياسات الاقتصاد الأردني؟ في ظل تبعية كاملة للاحتياطي الفيدرالي الأميركي عبر محاكاة تامة لسياسات أسعار الفوائد”، مؤكداً أن الاعتماد على الدعم المالي الأميركي هو الدعم شبه الوحيد المتبقي للأردن، إذ شحت أو انعدمت المساعدات العربية التي كان يتلقاها الأردن سابقاً.

ويتوقع أستاذ الاقتصاد تعمق مشكلات الفقر والبطالة واستمرار هروب الاستثمارات، إضافة إلى تراجع مستوى المعيشة بعد أن تراجعت قيمة الدخول، بالتالي القوة الشرائية للمواطنين.

وعلى رغم نفي الحكومة وجود ضرائب جديدة فإن واقع الحال، وفق مرجي، يشير إلى اتباع أسلوب ملتو لزيادة الضرائب عبر تطبيق ضرائب بتسميات مختلفة أقرت في سنوات سابقة، ومنها ضرائب ثابتة على المشتقات النفطية، متوقعاً رفع أسعار المشتقات النفطية لتأمين إيرادات كبيرة في غياب تنمية اقتصادية حقيقية.

عبء اللجوء السوري

يتحدث عوني الداوود رئيس مركز “الدستور” للدراسات الاقتصادية عن أبرز التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني كارتفاع عجز الموازنة وارتفاع المديونية وزيادة نسب الفقر والبطالة، وهي تحديات أصبحت شبه مزمنة بسبب عوامل عديدة، منها ما سمي بالربيع العربي وما تبعه من نزوح الأشقاء السوريين الذين بلغ عددهم نحو 1.3 مليون نسمة، بما يمثل نحو 15 في المئة من سكان الأردن، وعدم تصدي المجتمع الدولي لدعم الأردن في مواجهة تبعات هذا اللجوء.

يشير الداوود إلى أن كلفة اللجوء السوري للأردن خلال 10 أعوام بلغت نحو 50 مليار دولار أميركي، وهذا الرقم نفسه هو حجم مديونية الأردن نهاية العام الماضي.

ويؤكد أن الاقتصاد الأردني بات يعتمد في موازنته الأخيرة على إيرادات ضريبتي المبيعات والدخل، وعلى المساعدات الأميركية فقط بعد انتهاء مدة المنحة الخليجية وتراجع أو توقف كثير من المساعدات المباشرة، مضيفاً “على رغم كل ذلك فإن الاقتصاد الأردني، وبشهادات صندوق النقد والبنك الدوليين، يعد من أفضل دول المنطقة في مواجهة تداعيات جائحة كورونا اقتصادياً بفضل سياسات التحوط”.

ويتوقع الداوود معدلات نمو مريحة بنحو2.7 في المئة هذا العام، وارتفاع الاحتياطات الأجنبية في البنك المركزي لنحو 17 مليار دولار، فضلاً عن نجاح السياستين المالية والنقدية بمواجهة تحديات ارتفاع معدلات التضخم عالمياً، إذ ما زالت المعدلات في الأردن ضمن الأقل إقليمياً وعالمياً، مشيراً إلى أن سياسة البنك المركزي عبر ربط الدينار بالدولار منذ عام 1995، أدت لاستقرار الدينار الأردني في الوقت الذي انهارت عملات دول مجاورة أو تراجعت.

ويؤكد الداوود أن الحكومة لديها اليوم أدوات لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة والمستقبلية، من بينها الرؤية الاقتصادية للسنوات الـ10 المقبلة، التي تهدف لرفع معدلات النمو وتحسين معيشة المواطنين وخلق نحو مليون فرصة عمل.

كما يشير إلى المساعدات الأميركية الاقتصادية التاريخية، إذ تم توقيع مذكرة بين البلدين جرت من خلالها زيادة المساعدات إلى 1.45 مليار دولار سنوياً للسنوات السبع المقبلة (2023- 2029) بإجمالي 10.2 مليار دولار.

مشاريع إقليمية

لا يقلل الداوود من أهمية المشاريع الإقليمية من خلال محور (الأردن – مصر – العراق)، وهي مشاريع تسعى إلى التكامل الاقتصادي بين هذه الدول الثلاث، كالمنطقة الاقتصادية بين الأردن والعراق، ومشاريع الربط الكهربائي بين البلدين، ومشروع توصيل الكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر الأراضي السورية، ومشروع خط النفط من البصرة إلى العقبة وصولاً إلى مصر، ومشروع الناقل الوطني، وغيرها من المشاريع الإقليمية في قطاعات الطاقة، والطاقة المتجددة، والمياه، والنقل، والتكنولوجيا، والتعدين، والصناعات الغذائية والدوائية، وغيرها.

يراهن الأردن، وفق الداوود، على مشروع الربط الكهربائي مع العراق لتحقيق إيرادات مالية نتيجة بيع الكهرباء، نظراً إلى وجود قدرات كهربائية عالية لا يستفاد منها، علاوة على تعزيز دور الأردن كمركز إقليمي للربط الكهربائي ولأمن الطاقة، متوقعاً أن يتم الإعلان عن استكمال المشروع بين الأردن والعراق في يونيو (حزيران) المقبل.

أما بخصوص الاتفاقيات مع سوريا، لا يبدي الداوود تفاؤلاً حيالها بعد فرض الإدارة الأميركية في 2020 قيوداً على التعامل التجاري مع سوريا تحت عنوان “قانون حماية المدنيين في سوريا”، أو ما يعرف بـ”قانون قيصر”، بخاصة مع ما يواجهه الأردن من حرب ضد تجار وعصابات المخدرات المنظمة.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى