لماذا تراجعت أسعار السيارات في مصر؟

أقدم بعض كبار الوكلاء وكبار موزعي السيارات في مصر على تقديم خفوض سعرية بنسب تتراوح ما بين 5 و15 في المئة، لتحفيز المبيعات مع وفرة المعروض وتراجع معدلات الطلب، مع سعي الموزعين إلى تصريف مخزونات العام الماضي قبل إطلاق الطرز الجديدة التي تظهر في السوق المحلية في أغسطس (آب) كل عام.
وتأتي خفوض الأسعار على رغم التعافي الطفيف في مبيعات السيارات التي تراجعت 22 في المئة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، قبل أن تتعافى في فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين، إذ شهدت سوق السيارات في مصر حالاً من الارتباك مع تفاقم أزمة شح الدولار، إضافة إلى تدخل الحكومة لتقنين ملف سيارات المعوقين التي كان يستوردها بعض المصريين باستخدام أحد المسجلين في قائمة ذوي الحاجات الخاصة.
وقالت مصادر مطلعة إن عدداً من الموزعين استوردوا أعداداً كبيرة من السيارات أواخر العام الماضي وأخطأوا في تقدير الطلب، ومع بقاء السوق في حال ترقب يؤجل كثير من المستهلكين عمليات الشراء، متوقعين مزيداً من خفض أسعار الفائدة مع استمرار البنك المركزي المصري في دورة التيسير النقدي.
الأسعار تتراجع إلى 15 في المئة
وقال أشرف عبدالعزيز، وهو صاحب معارض سيارات في محافظة الجيزة، إن السوق تشهد حالاً من الركود في البيع والشراء على رغم تراجع أسعار غالبية السيارات بنسب تصل في السيارات الجديدة إلى 15 في المئة، لكن بالنسبة إلى السيارات المستعملة فإن أسعارها شهدت أيضاً انخفاضات طفيفة خلال الفترة الماضية، وأوضح أن عدداً كبير من الوكلاء وكبار الموزعين يمتلكون أعداداً كبيرة من السيارات في المخازن، ومع ضغوط ارتفاعات الأسعار، وبخاصة في الوقود، والتي ارتفعت بنسب كبيرة خلال الأعوام الماضية، تخلى عدد كبير من المصريين عن فكرة شراء سيارة مستخدماً المواصلات لخفض كلفة الانتقالات، وربما تسببت عودة الاستيراد بكامل قوتها في زيادة المعروض من السيارات داخل السوق المصرية، وبعد فترة من الشد والجذب أصبحت الحكومة المصرية تدير ملف استيراد السيارات بصورة جيدة، مما وافر داخل السوق، سواء كانت الأوروبية أم يابانية أو صينية.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2024 أكدت مصادر أن وكلاء السيارات في مصر يتطلعون إلى استيراد ما قيمته نحو 1.8 مليار دولار من السيارات عام 2025، وفي تصريحات حديثة قال رئيس رابطة مصنعي السيارات خالد سعد إن “خطط التصنيع المحلي كانت وراء تراجع الطلب على السيارات المستوردة مرتفعة القيمة”، مشيراً وفق نشرة “إنتربرايز” إلى أن وجود طرز محلية أسهم في توجيه جزء من الطلب نحو شراء السيارات المجمعة محلياً، مما دفع وكلاء الطرز الأخرى للإعلان عن عروض ترويجية للحفاظ على العملاء.
لكن تأثير الإنتاج المحلي لا يزال محدوداً، فقد حمل التصنيع المحلي تأثيراً محدوداً في تحركات السوق بسبب محدودية الإنتاج بكميات تلبي طلب الشريحة المتوسطة، بحسب ما أكده عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية منتصر زيتون.
كيف تتفاعل السوق مع استقرار الدولار؟
وفي السياق ذاته ومع تراجع الطلب وزيادة المعروض، فليس من المتوقع أي زيادة في الـ “أوفر برايس”، إذ سجلت الأسعار تراجعاً بنسب متفاوتة مع اختفاء الظاهرة في السوق لبعض الطرز التي شهدت ما يسمى “أوفر برايس” عن السعر الرسمي بما يصل إلى 200 ألف جنيه (3976 دولار)، وهو ما يعود لوفرة العرض في مقابل الطلب.
وامتد انخفاض الأسعار في سوق السيارات الجديدة إلى السيارات المستعملة، إذ فقد بعضها ما بين 20 و25 في المئة من قيمتها مقارنة بذروة ما وصلت إليه العام الماضي، فقد تدخل سوق السيارات المستعملة لسد الفجوة الناتجة من نقص المعروض عندما كان الاستيراد مقيداً بنقص العملات الأجنبية، لكنه يعيد الآن موازنة نفسه مع آليات العرض والطلب في السوق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن هناك توقعات بزيادة المنافسة داخل السوق خلال الفترة المقبلة، إذ من المتوقع أن يجري طرح مزيد من السيارات المجمعة محلياً في السوق بدءاً من يوليو (تموز) المقبل، ومن المتوقع أن تزيد هذه الخطوة المنافسة على السعر وفتح شهية المستهلكين الذين سيكون لديهم مزيد من الخيارات، كما أن أسعار الصرف والفائدة تمثل عوامل حاسمة، ومن المتوقع أن تستمر تقلبات أسعار الصرف والتغيرات في أسعار الفائدة في الاضطلاع بدور رئيس على صعيد تشكيل اتجاهات أسعار السيارات في المرحلة المقبلة.
تراجع كبير في واردات السيارات
وكانت بيانات رسمية كشفت عن تراجع واردات مصر من السيارات خلال يناير الماضي، ووفق البيانات الصادرة عن “الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء”، فقد شهدت واردات السيارات تراجعاً بـ 33.7 في المئة خلال يناير الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وقدرت بيانات “جهاز الإحصاء” إجمال واردات مصر من سيارات الركوب بنحو 198.839 مليون دولار في يناير الماضي، مقارنة بـ 299.772 مليون دولار خلال يناير 2024، بتراجع بلغت قيمته 100.933 مليون دولار.
وجاءت واردات السيارات ضمن قائمة أهم الواردات المصرية من السيارات خلال يناير الماضي، بعدما بلغت القيمة الإجمالية للواردات نحو 307.909 مليون دولار، مقارنة بـ 400.998 مليون دولار خلال الشهر نفسه من عام 2024، بتراجع بلغت قيمته 93.089 مليون دولار.
وحققت الواردات المصرية من سيارات الركوب ارتفاعاً كبيراً بنهاية عام 2024، قياساً إلى الفترة نفسها من العام السابق له، وفقاً لبيانات “الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء”، وسجل إجمال واردات مصر من السيارات نحو 2.611 مليار دولار خلال عام 2024، بينما كانت نحو 2.135 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق له 2023، بزيادة بلغت قيمتها 0.476 مليار دولار، بزيادة 22.3 في المئة.