السيارات الكهربائية بأسعار باهظة في بريطانيا عام 2024 بسبب بريكست
كشف مسؤولون من قطاع [صناعة السيارات في بريطانيا] لصحيفة “اندبندنت” عن أنه إذا لم يتوصل ريشي سوناك إلى اتفاق [حول الرسوم الجمركية] لمرحلة ما بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي [بريكست]، فسيدفع السائقون البريطانيون 6 آلاف جنيه استرليني إضافية متى أرادوا شراء سيارات كهربائية.
وفي هذا الإطار، حذرت الشركات المصنعة في المملكة المتحدة من مغبة “حرب أسعار مدمرة” على المستهلكين، قد تهدد سوق السيارات الكهربائية البريطانية، و[تقوض] التزامات المملكة المتحدة [للحد من] تغير المناخ، في حال بدأ العمل بالرسوم [الجمركية] في يناير (كانون الثاني) 2024.
وفي أحدث جدال سياسي كبير حول “بريكست”، تسعى حكومة سوناك إلى إقناع المفوضية الأوروبية بتأجيل إنفاذ القوانين الجديدة المكلفة التي من المقرر أن يبدأ العمل بها مطلع العام المقبل كجزء من الاتفاق التجاري الذي أبرمه بوريس جونسون لمرحلة ما بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
بيد أن بروكسل لا تظهر أي عزم على التراجع، مما يثير اليأس والقلق في أوساط رؤساء الشركات حيال تأثير الرسوم التي تصل إلى 10 في المئة في الصادرات، وستفرض على قطاع السيارات في بريطانيا.
وستزيد الرسوم الجديدة سعر سيارة “تيسلا موديل واي” Tesla Model Y الجديدة، وهي السيارة الكهربائية الأكثر شعبية لدى البريطانيين، بـ6 آلاف جنيه إسترليني أو أكثر، وفق تقرير جديد نشرته “اللجنة المستقلة للعلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي” وشاركته مع “اندبندنت”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذا الصدد، ذكر مدير اللجنة، مايك باكلي، أنه “من أجل اقتصادنا وكوكبنا، يتوجب على الحكومة تحمل مسؤولية التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لحل هذه المسألة، ومعالجة مجموعة من المسائل الأخرى المثيرة للجدل ضمن اتفاق بريكست”.
وبموجب قواعد المنشأ الجديدة المتفق عليها في “اتفاق التجارة والتعاون” (TCA) [بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي] في إطار تنفيذ “بريكست”، لا بد من أن تكون 45 في المئة من قيمة السيارة الكهربائية نابعة من المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، كي تضحي مؤهلة للإعفاء من رسوم التجارة.
وقد حذر قطاع السيارات البريطاني من أن قواعد [المنشأ] المزمع إنفاذها عام 2024 تشكل “خطراً وجودياً” يهدد مبيعاتها، بسبب نقص البطاريات المحلية الصنع التي تخول الامتثال للقواعد، وبالتالي، طالب تأجيل العمل بها حتى عام 2027.
[تشكل البطارية نسبة وازنة من ثمن السيارة الكهربائية، مما يصعب الوصول إلى نسبة تصنيع محلي بـ45 في المئة لأن معظم ما تستعمله السيارات البريطانية من البطاريات يأتي من الخارج، خصوصاً الصين].
وفي سياق متصل، طالبت مجموعة ضغط تدافع عن مصالح قطاع تصنيع السيارات الألماني، معروفة باسم “في دي أي” VDA، باتخاذ إجراءات “عاجلة” لتأجيل بدء العمل بهذه القوانين، محذرة من أنها ستؤدي إلى “انخفاض كبير في مستويات القدرة التنافسية” لشركات تصنيع السيارات الأوروبية مقارنة بمنافسيها في الصين وفي دول آسيوية أخرى.
وعلى نحو مماثل، حذر التقرير الجديد الصادر عن “اللجنة المستقلة للعلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي”، بالتعاون مع اتحاد الشركات المصنعة البريطانية “ميك يو كاي” MakeUK وغرفة التجارة البريطانية، من أن الرسوم الجمركية [التي ستفرض] في يناير ستزيد فوراً من الكلف وتضر بمبيعات السيارات الكهربائية.
في ملمح آخر، حذر ريتشارد رامبيلو، مدير التجارة الدولية في اتحاد الشركات المصنعة البريطانية “ميك يو كاي”، من أن “حافة الهاوية السعرية” التي ستقف عندها السيارات الكهربائية في يناير قد تكون ضخمة”، قبل أن يضيف أن “الأسر قد تتكلف قريباً آلاف الدولارات الإضافية مقابل شراء السيارات الكهربائية. وبالتالي، ستكون حرب الأسعار الهمجية هذه مدمرة للمستهلكين”.
وتابع الخبير التجاري أنه “من الضروري أن تجلس الحكومة إلى طاولة الحوار مع الاتحاد الأوروبي، وتعالج هذه المسألة بأسرع ما يمكن، إذ يحتاج القطاع إلى ضمانة بأنه لن يضطر إلى فرض كلف إضافية على المستهلكين في خضم هذه المرحلة التي تعتبر من بين أصعب الأوقات بالنسبة إلى الاقتصاد”.
في ملمح آخر، حذرت تلك اللجنة التجارية نفسها التي تستعرض وتدرس التأثيرات المستمرة لاتفاق “بريكست” التجاري، من أن هذا الأخير قد يقوض آمال سوناك في جعل صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون شبه منعدم [ويصل إلى الصفر] بحلول عام 2050.
وقد اتهم رئيس الوزراء سابقاً بالتأثير بصورة سلبية في سوق السيارات الكهربائية، من خلال إقدامه على تأجيل حظر يطاول مبيعات السيارات التي تعمل بالبنزين والمازوت بين عامي 2030 و2035.
وكذلك أكدت اللجنة التجارية أن عدم التوصل إلى اتفاق لتمديد فترة السماح قد يخفض إنتاج السيارات الكهربائية بمقدار يصل إلى 480 ألف سيارة.
وأوضح باكلي أن “زيادة عدد السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري على الطرقات ستؤدي إلى إضافة أكثر من 807 مليارات غرام من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي في أرجاء المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي”. وبعدها، أضاف “بالنظر إلى أن المملكة المتحدة تسلك منذ الآن مساراً لن يخولها تحقيق أهداف [الحد من] التغير المناخي على الأصعدة كافة، فإن أي عقبة إضافية ستنذر حتماً بكارثة”.
واستطراداً، طالب التقرير حكومة سوناك أيضاً بالسعي إلى إبرام اتفاق يسمح للمملكة المتحدة بالبقاء ضمن منطقة ضريبة القيمة المضافة في الاتحاد الأوروبي، حتى لا تكون الشركات مرغمة على دفع الضرائب عند استيراد البضائع. كذلك أوصى التقرير بعقد اتفاق في مجال الزراعة والأغذية لتبسيط إجراءات التفتيش عند الحدود، مما سيعود بالفائدة على تجارة المواد الغذائية والمشروبات.
وفي إضافة مهمة، لفت باكلي إلى أن “المشكلة على رسوم السيارات الكهربائية ليست سوى مثال على الطريقة التي فرض فيها اتفاق ’بريكست‘ مجموعة من القيود الطويلة الأمد على اقتصاد المملكة المتحدة، وبالتالي صعب عليها تحقيق النمو وتوفير الوظائف وإنهاء الأزمة المعيشية”.
وإذ تناول الخلاف حول الرسوم التي ستفرض على السيارات، أضاف مدير اللجنة أن “المسألة لا تتعلق بالسياسة، بل تهدف إلى التأكد من أن الأسر البريطانية ستحصل على أفضل صفقة ممكنة ولن تنفق آلاف [الجنيهات] بصورة عبثية”.
وتوضيحاً، لقد اجتمع مسؤولون بريطانيون وأوروبيون في لندن الشهر الماضي، وسيعمدون إلى مناقشة الرسوم التي ستفرض على السيارات وغيرها من المشكلات التجارية، لكن بروكسل تتردد في إعادة النظر في أي جزء من اتفاق “بريكست” الحالي.
في مسار موازٍ، لاحظ المفوض الأوروبي المؤثر تييري بريتون أن الانصياع إلى ضغوط يفرضها قطاع صناعي واحد ليس أمراً صائباً، مؤكداً أنه “إذا جرى التفاوض على مسألة محددة، فلا ينبغي إحداث أي تغيير فيها”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تكافح المملكة المتحدة لزيادة إنتاجها لبطاريات السيارات الكهربائية، بعد انهيار شركة “بريتيش فولت” Britishvolt في وقت سابق هذا العام. وخلال الصيف الماضي، أعلنت مجموعة “تاتا غروب” Tata Group، مالكة علامة “جاغوار لاند روفر”، خططاً لبناء معمل بطاريات بكلفة 4 مليارات جنيه استرليني في بلدة سومرست. وقد وصف سوناك ذلك بأنه “لحظة فخر استثنائية”.
وفي سياق مشابه، وعد حزب العمال بالتوصل إلى اتفاق في مجال الزراعة والغذاء لتحقيق تقارب أكبر مع الاتحاد الأوروبي، ولفت إلى أنه سيحاول تحسين اتفاق “بريكست” التجاري حينما يحل موعد مراجعته بشكل رسمي عام 2025.
في المقابل، فضّل السير كير ستارمر تجنب فكرة العودة للسوق المشتركة والاتحاد الجمركي. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صرح وزير الخارجية في حكومة الظل ديفيد لامي بأن حكومة حزب العمال ستضطر إلى “مواعدة” الاتحاد الأوروبي [والتودد إليه] من جديد قبل أن يصبح توثيق العلاقات [معه] من الأمور الممكنة.