الاقتصاد الأميركي ينمو بأسرع وتيرة منذ عامين
من جديد يفاجئ الاقتصاد الأميركي الأسواق بنمو غير متوقع وصل إلى خمسة في المئة في الربع الثالث من هذه السنة، متحدياً التحذيرات التي توقعت أن يشهد الاقتصاد ركوداً بعد سلسلة من رفع الفائدة بدأها مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في مارس (آذار) من العام الماضي.
إلى ذلك أعلنت وزارة التجارة الأميركية نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي 4.9 في المئة في الربع الأخير من العام الحالي، وهو أسرع نمو منذ ما يقارب عامين، وتحديداً منذ الربع الرابع من 2021، وكان اقتصاديون استطلعت وكالة “رويترز” آراءهم توقعوا ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 4.3 في المئة.
في غضون ذلك ساعد ارتفاع الأجور في سوق العمل على تغذية الإنفاق الاستهلاكي وعمل الشركات على تلبية الطلب القوي، إضافة إلى انتعاش الاستثمار في القطاع السكني الذي انكمش لمدة سبعة أرباع متتالية.
حيرة في الأسواق
وباتت الأسواق الآن في حيرة من أمرها بعد هذه البيانات، إذ من المتوقع أن يستمر “الفيدرالي” في رفع الفائدة للحد من هذا الطلب القوي الذي قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم.
لكن معظم التوقعات ترجح أن النمو القوي الذي حصل خلال أشهر هذا الصيف قد لا يكون مستداماً.
تباطؤ متوقع
وأيضاً، قد يتباطأ النمو في الربع الرابع بسبب إضرابات عمال السيارات، واستئناف سداد القروض الطلابية من قبل ملايين الأميركيين بعد توقفها لما بعد الجائحة وبسبب الآثار المتأخرة لرفع أسعار الفائدة.
وراجع معظم الاقتصاديين توقعاتهم، إذ يعتقدون الآن أن بنك الاحتياط الفيدرالي قادر على هندسة “هبوط سلس” للاقتصاد، مستشهدين بتوقعات تشير إلى أن الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين أظهرت قدرة الاقتصاد على التكيف.
أعلى من توقعات “الفيدرالي”
وكان الاقتصاد الأميركي نما بنسبة 2.1 في المئة في الربع الثاني من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) الماضي، وهو يتوسع بوتيرة أعلى بكثير مما يعتبره مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي معدل نمو غير تضخمي يبلغ نحو 1.8 في المئة.
كما تسارع نمو الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي، بمعدل أربعة في المئة في الربع الثالث هذا العام بعد ارتفاعه بمعدل 0.8 في المئة فحسب في الربع الثاني من العام الحالي، ليضيف 2.69 نقطة مئوية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي، وكان مدفوعاً بالإنفاق على كل من السلع والخدمات.
هبوط بـ”وول ستريت”
وأدت هذه البيانات الإيجابية إلى خفض الأسهم في “وول ستريت”، إذ يتخوف المستثمرون من استمرار سيناريو استمرار رفع الفوائد، وإن كان أداء الاقتصاد جيداً.
في المقابل ارتفع الدولار مقابل سلة من العملات، إذ تعزز قوة الاقتصاد من قوة العملة، كما انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية، وهو سيناريو يحدث دائماً حين تدفع الحكومة على سندات عوائد أقل عندما تكون بموقف أقوى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهناك تخوف في “وول ستريت” من الفائدة المرتفعة حالياً التي قد تنفجر تبعاتها فجأة، فالمستهلكون من ذوي الدخل المنخفض يعتمدون بصورة متزايدة على الديون لتمويل مشترياتهم، ومع ارتفاع كلف الاقتراض، فقد تزيد حالات التأخر في سداد بطاقات الائتمان.
بين المتشائمين والمتفائلين
ويقدر الاقتصاديون المتشائمون أن المدخرات الفائضة المتراكمة خلال جائحة “كوفيد-19” تتركز في الغالب بين الأسر ذات الدخل المرتفع وسوف تنفد بحلول الربع الأول من عام 2024، إذ يرون أن هناك تباطؤاً حاداً وشيكاً.
على الجانب الآخر لا يشعر الاقتصاديون المتفائلون بالقلق الشديد، إذ يزعمون أن الإنفاق لم يكن يعتمد على الائتمان، بل على سوق العمل القوية والتحويلات الحكومية السخية خلال الجائحة.
تقرير العمل والتضخم
وسلط الضوء على مرونة سوق العمل من خلال تقرير منفصل صدر أيضاً عن وزارة العمل، إذ أظهر أن مطالب إعانات البطالة بقيت في الحد الأدنى جداً من نطاقها الذي يتراوح بين 194 ألفاً و265 ألف طلب لهذا العام.
كما نشرت الوزارة تقريراً حول ضغوط الأسعار الأساسية، إذ ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (وهو مؤشر مهم لقياس التضخم) باستثناء الغذاء والطاقة بمعدل 2.4 في المئة. وكانت تلك أبطأ وتيرة منذ الربع الرابع من عام 2020 وتأتي بعد وتيرة زيادة بنسبة 3.7 في المئة في الربع الثاني.
موقف “الفيدرالي” الأسبوع المقبل
ويعد مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساس أحد مقاييس التضخم التي يتتبعها بنك الاحتياط الفيدرالي لتحقيق هدفه البالغ اثنين في المئة.
ومن المتوقع أن يترك “الفيدرالي” أسعار الفائدة من دون تغيير في اجتماعه الأربعاء المقبل، بعدما رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار 525 نقطة أساس على مدى عام ونصف العام تقريباً، لتصل إلى النطاق الحالي الذي يتراوح ما بين 5.25 في المئة و5.50 في المئة.ش