6 اشتراطات لتقليص خسائر المصريين من التعويم المرتقب للجنيه
على رغم تراجع معدل التضخم في السوق المصرية إلى أدنى مستوى في عام، لا تزال الأنظار صوب البنك المركزي المصري والخفض مرتقب للجنيه المصري مقابل الدولار.
يرى بنك “غولدمان ساكس”، أنه في ظل الظروف الحالية، من المستبعد أن يفي الخفض المدار لقيمة الجنيه بأهداف سياسة الحكومة المصرية، مشيراً إلى ستة اشتراطات حتى يتمكن البنك المركزي من تحريك أو خفض الجنيه مقابل الدولار.
وكشف البنك في مذكرة بحثية حديثة، أن الحكومة المصري تسعى بشكل جاد إلى توحيد سعر الصرف في السوقين الرسمية والموازية، وضمان استقرار سعر صرف الجنيه على المدى المتوسط، مع تقليص عمق الخفض المطلوب لإتمام ذلك، ومن غير المرجح أن يحدث ذلك من دون مزيد من تشديد السياسة النقدية، وتدبير حصيلة كافية من السيولة بالعملات الأجنبية قبل خفض قيمة الجنيه.
وذكر، أنه ينبغي أن يتماشى الطلب على العملات الأجنبية في مصر مع تدفقات المعروض المتوقعة بعد خفض قيمة الجنيه، ويجب أن تكون احتياطات السيولة من العملات الأجنبية كافية لضمان تلبية الطلب عليها في البلاد خلال أي تعديلات على سعر الصرف الرسمي.
ويعتقد “غولدمان ساكس”، أن الطلب على العملات الأجنبية لا يزال “مرتفعاً ولا يتسق مع الوصول إلى سعر صرف رسمي تعادلي”، مما يصعب على مصر توحيد سعر الصرف من دون تخفيض حاد (أو تعويم كامل) للجنيه، إضافة إلى ذلك، يعتقد البنك أن القطاع المصرفي الرسمي ليس لديه ما يكفي من السيولة الأجنبية لسد الفجوة مع السوق الموازية، على خلفية تراكم الطلب المحتمل وتدفق كثير من العملات الأجنبية في البلاد خارج القنوات الرسمية.
كلفة التأمين على الديون السيادية تتراجع
في الوقت نفسه تراجعت كلفة التأمين على الديون السيادية لمصر أو ما يعرف بعقود مبادلة التخلف عن السداد لأدنى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2023، حينما أعلنت مصر توصلها لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وبلغت كلفة التأمين على الديون السيادية أجل عام نحو 5.33 في المئة مقابل 7.56 في المئة في السادس من فبراير (شباط) الحالي، من 10 في المئة في 26 يناير الماضي، فيما بلغت كلفة التأمين أجل خمسة أعوام نحو 9.81 في المئة مقابل 10.93 في المئة في السادس من فبراير 2024، ونحو 12.94 في المئة في 26 يناير الماضي.
وبحسب بيانات بورصة “شتوتغارت”، تحسنت كلفة التأمين على الديون السيادية للآجال الطويلة أيضاً، فانخفضت العقود أجل 10 أعوام إلى 9.15 في المئة، وأجل 20 عاماً إلى نحو 8.76 في المئة، وأجل 30 عاماً نحو 8.57 في المئة. وتراجعت عوائد سندات مصر الدولارية استحقاق مايو (أيار) 2024 إلى 9.219 في المئة مقابل 13.22 في المئة في منتصف يناير الماضي، وانخفضت العوائد استحقاق يونيو (حزيران) 2025 إلى 10.65 في المئة مقابل 13.12 في المئة.
ويعزز تراجع كلفة التأمين على أخطار السندات المصرية قدرة مصر على التوجه لأسواق الدين الدولية، نظراً إلى أنه كلما انخفضت كلفة التأمين يتراجع العائد الذي يطلبه المستثمرون للاكتتاب في إصدارات الدين، إذ إن كلفة التأمين هي جزء يخصم من العائد الإجمالي على السندات الدولية.
6 إجراءات مهمة قبل قرار التعويم
في تقريره، قال “غولدمان ساكس”، إن الحكومة المصرية ستواصل إدارة سعر الصرف الرسمي، ولكن “ربما بمرونة أكبر” مما كانت عليه في الماضي، وأرجع هذا النهج المتحفظ إلى مخاوف الدولة من تجاوز سعر الصرف الرسمي مستواه في السوق الموازية، وإمكانية أن يصبح أكثر تقلباً في حالة التعويم الكامل.
وقال إن الحكومة المصرية في حاجة إلى العمل على ستة محاور للحد من الطلب على العملة الأجنبية، وبناء احتياط من السيولة قبيل أي محاولة مستقبلية لتوحيد سعر الصرف من خلال تخفيض سعر الصرف الرسمي.
تتضمن تلك الإجراءات مواصلة رفع معدلات الفائدة، لمعالجة مستويات التضخم المرتفعة في البلاد من خلال خفض الطلب، الذي بدوره سيساعد في الحد من المضاربة في العملات الأجنبية بغرض التحوط، إضافة إلى التشديد المالي، لتقليل الإنفاق على تمويل عجز الموازنة وإبطاء زيادة تسييل الديون، الذي يعتبره البنك محفزاً جزئياً للتضخم والطلب على العملات الأجنبية.
وشدد على أهمية ترشيد الإنفاق خارج الموازنة، على المشاريع للحد من ضغوط الطلب على العملات الأجنبية والطلب الكلي، إضافة إلى الاقتراض من الشركاء الخارجيين، لتوفير سيولة من العملات الأجنبية وتخفيف قيود العرض، مع مواصلة بيع الأصول المملوكة للدولة، للمساعدة في بناء الاحتياط النقدي طويل الأجل.
وتعكف مصر على تنفيذ بعض هذه الإجراءات بالفعل، إذ رفع البنك المركزي مطلع الشهر الجاري أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، بينما يتوقع عديد المحللين مزيداً من الزيادات، تزامناً مع التخفيض المرتقب لقيمة الجنيه.
وقبل أيام، قررت الحكومة المصرية ترشيد الإنفاق الاستثماري حتى نهاية العام المالي 2024/2023، ليضاف القرار إلى خطة ترشيد الإنفاق الحكومي التي استهدفت في البداية المشروعات والنفقات غير الضرورية التي تستنفد موارد النقد الأجنبي.
وأقرت القاهرة تمديد سلسلة من إجراءات ترشيد الإنفاق العام الذي استهدف في البداية المشاريع والحاجات، التي لا تحمل طابع “الضرورة القصوى” إذا تضمنت مكوناً دولارياً للحد من الطلب على العملات الأجنبية.
التضخم يتراجع إلى أدنى مستوى في عام
في الوقت نفسه انخفض معدل التضخم السنوي للشهر الرابع على التوالي في يناير الماضي ليسجل أدنى مستوى له في 12 شهراً مع استمرار تباطؤ الزيادات في أسعار المواد الغذائية. وأظهرت البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نهاية الأسبوع الماضي، أن التضخم في المدن المصرية تباطأ إلى 29.8 في المئة على أساس سنوي خلال الشهر، من 33.7 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكن معدل التضخم الشهري ارتفع إلى 1.6 في المئة في يناير الماضي، من 1.4 في المئة خلال ديسمبر الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفق البيانات، تراجع معدل التضخم الأساس –الذي يستبعد السلع متقلبة الأسعار كالغذاء والوقود، إلى 29 في المئة في يناير، من 34.2 في المئة في ديسمبر، بحسب البيانات الصادرة عن البنك المركزي، لكن معدل التضخم الأساس الشهري ارتفع إلى 2.2 في المئة من 1.3 في المئة في ديسمبر. وأشارت البيانات إلى تراجع الزيادة في أسعار المواد الغذائية والمشروبات، التي تعد المكون الرئيس في سلة السلع والخدمات المستخدمة في قياس التضخم العام، لتصل إلى 47.9 في المئة على أساس سنوي في يناير، من 60.5 في المئة في ديسمبر.
من شأن الارتفاع السريع في التضخم نهاية عام 2022 والنصف الأول من عام 2023 أن يساعد في تحسين بيانات التضخم السنوية خلال الأشهر المقبلة (مع تساوي العوامل الأخرى)، والسؤال الرئيس هو إذا ما كان هذا سيفوق التأثير التضخمي المتوقع حال قرر “المركزي” الانتقال إلى سعر صرف مرن.
وجاءت البيانات الأخيرة أدنى بكثير من متوسط توقعات المحللين في استطلاع أجرته وكالة “رويترز”، عند 32.5 في المئة، وتراجع التضخم خلال الأشهر الماضية بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في سبتمبر (أيلول) الماضي عند 38 في المئة، لكن المحللين حذروا من أن النظرة المستقبلية للتضخم في البلاد ضبابية نظراً إلى التخفيض المرتقب للجنيه، وزيادة الحكومة أسعار الخدمات والمرافق.
وتأمل الحكومة المصرية خفض معدل التضخم السنوي إلى مستوى 15 في المئة في المتوسط خلال العام المالي المقبل 2024/2025، بخفض كبير عن النسبة المتوقعة للعام المالي الحالي عند 38 في المئة، ويستهدف البنك المركزي خفض التضخم إلى سبعة في المئة (±2 في المئة) في المتوسط بحلول الربع الرابع من عام 2024.