مصر تعاود طرق أبواب شرق آسيا بحثاً عن التمويل
طرقت الحكومة المصرية من جديد أبواب الأسواق في أقصى شرق القارة الآسيوية، فأعلنت وزارة المالية إصدار سندات الباندا المقومة بالعملة الصينية اليوان (الرينمبي) بقيمة 3.5 مليار يوان (478.74 مليون دولار أميركي).
وقالت الوزارة المصرية أول من أمس الإثنين في بيان رسمي إن “مصر أصدرت سندات الباندا لأجل ثلاث أعوام بقيمة 3.5 مليار يوان (478.74 مليون دولار)”، بينما تواجه القاهرة استحقاقات سداد ديون خارجية متزايدة خلال العام الحالي.
عائد 3.5 في المئة
ووفقاً للبيان قال وزير المالية محمد معيط إن “القاهرة نجحت في الحصول على تسعير منخفض لسندات الباندا التي تصدرها للمرة الأولى بعائد 3.5 في المئة سنوياً لمدة ثلاثة أعوام”، مضيفاً أن “هذا السعر يجعلها أكثر تميزاً مقارنة بأسعار الفائدة الخاصة بإصدارات السندات الدولارية الدولية”.
وأوضح معيط أن “هذا النوع من الإصدارات يتميز بأنه مدعم بضمانة ائتمانية مقدمة من بنوك تنموية عالمية مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والبنك الأفريقي للتنمية، وهي بنوك ذات تصنيف ائتماني مرتفع”.
ويشار إلى أن سندات الباندا مقومة باليوان الصيني ولكنها صادرة عن مقترضين أجانب.
ليست المرة الأولى
ولم تكن الخطوة المصرية الجديدة صوب أسواق شرق آسيا الوحيدة، إذ وافق مجلس الوزراء المصري على تنفيذ إصدار جديد من “سندات الساموراي” بقيمة 500 مليون دولار بالين الياباني مدة خمس أعوام للمرة الثانية، كما أصدرت القاهرة أيضاً في مارس (آذار) 2022 “سندات الساموراي” بقيمة تصل إلى 500 مليون دولار وبمعدل فائدة سنوي يبلغ 0.85 في المئة لأجل خمسة أعوام. وجاء الإصدار بضمانة ائتمانية من البنك الياباني سوميتومو ميتسوي، وتغطية مؤسسة التأمين اليابانية الحكومية “نيبون” للتأمين على الصادرات والاستثمار.
وجمعت مصر في فبراير (شباط) الماضي 1.5 مليار دولار من أول إصدار لسندات إسلامية (صكوك) لأجل ثلاثة أعوام بعائد 11 في المئة.
وتأتي الخطوات المصرية صوب الأسواق الآسيوية في وقت تعاني القاهرة أزمة سيولة في العملة الصعبة، وتسعى إلى زيادة التدفقات المالية للدولة بعدما فقدت أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة في أعقاب قرارات رفع أسعار الفائدة عالمياً بعد بدء الحرب الروسية – الأوكرانية.
14.60 مليار دولار ديون مستحقة
وزادت ديون مصر الخارجية أربعة أمثالها خلال الأعوام الثمانية الماضية، إذ تشير بيانات البنك المركزي إلى أن ديون الحكومة المتوسطة والطويلة الأجل المستحقة في النصف الثاني من العام الحالي بلغت حتى نهاية مارس 2023 ما إجماله 11.76 مليار دولار، منها سندات دولية بقيمة 500 مليون دولار تستحق في الـ 20 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، و14.60 مليار دولار تستحق في النصف الأول من 2024.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي محاولة لفك أزمة العملة رتبت مصر الشهر الماضي اتفاقاً لمقايضة الدرهم الإماراتي والجنيه المصري بقيمة 1.3 مليار دولار.
وكانت السندات السيادية المصرية بالدولار هبطت خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري بعد أن خفضت وكالة “موديز” التصنيف الائتماني للبلاد إلى منطقة عالية الأخطار، وبعد أن خفضت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني تصنيف مصر درجة واحدة من B3)) إلى (Caa1)، وهو المستوى السابع للتصنيف عالي الأخطار، عازية قرارها إلى تدهور قدرتها على سداد ديون.
وتعاني القاهرة أزمة اقتصادية طاحنة مع تضخم قياسي وديون حكومية ثقيلة وخفض في قيمة الجنيه المصري مقابل حزمة من العملات الرئيسة وفي مقدمها الدولار الأميركي.
انتهاء مراجعتي الصندوق الدولي
ووفقاً لبيانات “تريدويب” مطلع الشهر الجاري فإن جميع السندات السيادية الدولارية للحكومة المصرية تراجعت، لكن السندات المستحقة عام 2027 كانت الأكثر خفضاً، إذ هبطت بنحو ثلاثة سنتات تقريباً قبل أن تقلص الخسارة إلى 1.5 سنت وحسب، ليتم تداول معظم السندات المصرية عند أدنى مستوياتها منذ مايو (أيار) 2023.
وقبل عام تقريباً وافق صندوق النقد الدولي على حزمة إنقاذ لمصر بقيمة 3 مليارات دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
إلى ذلك تترقب القاهرة انتهاء المراجعة الأولى والثانية مع الصندوق الدولي للحصول على الشريحة الثانية والثالثة من القرض بعد أن حصلت على الشريحة الأولى منه في فبراير الماضي.
وعلى رغم الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر بعد التقييمات السلبية لمؤسسات التنصيف الائتماني، فإن صندوق النقد الدولي منح مصر جرعة ثقة في أوقات حرجة، إذ قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور عند إجابته عن أسئلة لـ “وكالة الصحافة الفرنسية” على هامش الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي في مراكش في شأن الوضع في مصر، إنه “على رغم أن بعض وكالات التنصيف عدلت التصنيف الائتماني لمصر، إلا أننا نعتبر أن الاقتصاد المصري له قدرات قوية وقدرة على النمو وتوسيع هذه القدرة يجب القيام بمجموعة من الأمور على صعيد السياسات والإصلاحات الاقتصادية”، مضيفاً أن “أبرز الإجراءات تتحقق من خلال اتجاه الاقتصاد المصري أكثر نحو التصدير، إذ إن التصدير يخلق قدرة للحصول على العملة الصعبة من دون الاضطرار إلى استقطاب رؤوس الأموال السريعة التي تؤثر سلباً في بعض الأحيان”.
وشدد أزعور على أن “التزام الصندوق في مصر قائم ومستمر”، مشيراً إلى أن “بعثة الصندوق ستتوجه سريعاً إلى القاهرة لاستكمال المشاورات”، ومستدركاً “نحن في مرحلة استكمال المشاورات”.