مخاطر كبيرة تحيط بالديون.. ماذا يعني خفض موديز تصنيف مصر الائتماني؟
خفضت وكالة موديز تصنيف مصر الائتماني للمرة الثانية هذا العام، في خطوة استباقية لقرار كان متوقعاً أن يصدر نهاية نوفمبر تشرين الثاني المقبل، وهو ما يعكس أوضاع الاقتصاد المصري الحالية.
وانخفض تصنيف مصر الائتماني من B3 إلى Caa1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهي درجة ائتمانية تعني وجود مخاطر كبيرة تحيط بسداد الديون السيادية للدولة.
وسبق أن خفضت موديز تصنيف مصر الائتماني في فبراير شباط الماضي، ووضعت التصنيف تحت المراجعة السلبية في مايو أيار الماضي، ثم أعادت وضعه مرة ثانية لمدة ثلاثة أشهر بدأت في أغسطس آب الماضي.
ما التصنيف الائتماني؟
يُعرّف معهد المحللين الماليين الأميركي التصنيف الائتماني بأنه تصنيف تقاس من خلاله قدرة الدول أو الشركات على الحصول على قروض ومدى وفائها بسداد فوائد ديونها أو الأقساط المترتبة عليها ومدى احتمالية التخلف عن السداد.
وتستند الوكالات في تصنيفها للدول على الأداء المالي والاقتصادي والاستقرار النقدي للدولة، وتساعد التصنيفات الائتمانية المستثمرين والمقرضين على فهم المخاطر المرتبطة بالدول والشركات التي تقرضها.
لماذا خفضت موديز تصنيف مصر الائتماني؟
يعكس خفض التصنيف الائتماني لمصر تدهور قدرة الحكومة المصرية على تحمل الديون واستمرار نقص العملات الأجنبية في مواجهة زيادة مدفوعات خدمة الدين الخارجي على مدى العامين المقبلين، وفقاً لموديز.
و تعاني مصر نقصاً حاداً في العملة الأجنبية في وقت ارتفعت فيه قيمة مدفوعات الديون المتوقع سدادها على مصر خلال الأعوام القليلة المقبلة.
وتشير تقديرات البنك المركزي المصري إلى أن قيمة أقساط وفوائد الديون الخارجية لمصر المتوقع سدادها خلال العام المقبل تصل إلى 29.229 مليار دولار.
وبحسب موديز فإن مراجعة خفض التصنيف ركزت على قدرة الحكومة على وقف التراجع في السيولة بالعملة الأجنبية، والتخفيف من تكاليف الاقتراض المتزايدة، وقدرتها على تنفيذ الإصلاحات لضمان استمرار الدعم الرسمي من المقرضين الرسميين، بما في ذلك صندوق النقد الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي.
وقالت الوكالة إن ارتفاع متطلبات خدمة الدين الخارجي وسط النقص المستمر في العملات الأجنبية يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة المحلية ومخاطر ميزان المدفوعات.
تأثير انخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار
ومنذ العام الماضي يسجل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار تراجعاً شديداً، ومنذ مارس آذار الماضي يتداول الدولار عند 30.9 جنيه، بينما يبلغ سعر الصرف في السوق الموازية 40 جنيهاً للدولار.
وبحسب موديز فإن تأثير التخفيضات التراكمية لسعر الصرف الرسمي للجنيه وأسعار الفائدة الحقيقية السلبية أدّيا إلى تقويض استقرار الأسعار المحلية وزيادة تكاليف الاقتراض المحلي خلال فترة المراجعة، ما أضعف بشكل كبير القدرة على تحمل الديون مقاسة بمعدل الفائدة.
ومنذ انخفاض سعر الجنيه وارتفاع معدلات التضخم في مصر إلى مستويات قياسية، رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة 11 نقطة أساس، لكن هذه الزيادة أسهمت في ارتفاع العائد الذي تدفعه الحكومة المصرية على أدوات الدين المحلية المصرية، ما يزيد الأعباء على الموازنة العامة للبلاد.
وتتوقع موديز أن يشهد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه ارتفاعاً جديداً ليسجل 35 جنيهاً في نهاية العام المالي الجاري -يونيو 2024- على أن يسجل 40 جنيهاً في نهاية العام المالي المقبل -يونيو 2025- مع الحفاظ على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي المتوقعة بين 95 في المئة و100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي حتى السنة المالية 2025-2026.
هل كان قرار خفض تصنيف مصر الائتماني متوقعاً؟
تقول منى بدير، الخبيرة الاقتصادية، إن قرار الخفض جاء في موعد غير متوقع، إذ كان من المقرر أن تصدر الوكالة قرارها نهاية الشهر المقبل، وهو ما يُعد تطوراً مهماً.
وأضافت لـ«CNN الاقتصادية» أن أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا القرار هو التأخر في مراجعة برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي.
وكان من المقرر أن تُجري مصر مراجعتين لقرضها مع صندوق النقد الدولي في مارس آذار وسبتمبر أيلول الماضيين، إلا أن الصندوق ومصر يتفاوضان على بعض الإصلاحات ومنها مرونة سعر الصرف.
وتعكس هذه الخطوة المخاوف بشأن قدرة البلاد على إدارة سيولة العملات الأجنبية وتصاعد تكاليف الاقتراض، وسط النقص المستمر في العملات الأجنبية، بحسب بدير.
وأوضحت بدير أن الحكومة المصرية تاريخياً تمكنت من إدارة مستويات الديون المرتفعة، لكن الارتفاع السريع في أسعار الفائدة قصيرة الأجل يسلط الضوء على الحاجة إلى توليد إيرادات أعلى.
وتتوقع موديز أن تستمر مصر في الحصول على قرضها من صندوق النقد وكذلك الدعم من دول مجلس التعاون الخليجي.
وتقول بدير إن هذه القرارات والتقييمات محورية بالنسبة للمستثمرين وصانعي السياسات وأصحاب المصلحة، وتذكرنا بالتوازن المعقد الذي يجب على الدول تحقيقه للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وسط التحديات العالمية والمحلية.
وستكون مصر على موعد مع مراجعة جديدة لاقتصادها في 20 أكتوبر تشرين الأول الجاري من وكالة ستاندرد آند بورز التي ستنظر في تصنيف مصر الائتماني، وكذلك وكالة فيتش التي ستنظر في وضع مصر في 3 نوفمبر تشرين الثاني المقبل، وفقاً لبيانات ريفنيتيف.
Source link