بعد نزف مفاجئ… هل يواصل الدولار خسائره أمام الجنيه المصري؟

على رغم موجة الخسائر الأخيرة رجح تقرير حديث ارتفاع متوسط سعر صرف الدولار الأميركي أمام الجنيه المصري إلى 51.75 جنيه خلال العام المالي المقبل مقارنة بتقديرات سابقة كانت تبلغ نحو 49.9 جنيه للعام المالي الحالي.
وأشارت تقديرات شركة “إي أف جي هيرميس” إلى تحسن ملحوظ في أداء الاقتصاد المصري، إذ توقعت نمو الناتج المحلي الإجمال بنسبة 4.7 في المئة خلال العام المالي المقبل مقارنة بنحو 3.7 في المئة متوقع للعام الحالي، مما يعكس تفاؤلاً في شأن وتيرة التعافي الاقتصادي.
وكان الدولار سجل أعلى مستوى له على الإطلاق في نهاية تعاملات الشهر الماضي عندما تجاوز 51 جنيهاً، لكن منذ بداية تعاملات الشهر الجاري، واصل الدولار الأميركي موجة النزف ليقترب من 50 جنيهاً في التعاملات الأخيرة.
وفي الوقت الحالي يجري تداول الدولار بالبنك المركزي المصري عند 50.32 جنيه للشراء، و50.46 جنيه للبيع.
وسجل مصرف “أبوظبي الإسلامي” أعلى سعر لصرف الدولار عند 50.37 جنيه للشراء، مقابل 50.47 جنيه للبيع، فيما كان أقل سعر للصرف في بنك “أبوظبي التجاري” والبنك “المصري لتنمية الصادرات”، عند 50.08 جنيه للشراء، و50.18 جنيه للبيع.
ولدى بنوك “الأهلي المصري” و”مصر” و”القاهرة” و”التجاري الدولي – مصر” استقر سعر صرف الدولار عند مستوى 50.12 جنيه للشراء، و50.22 جنيه للبيع.
والشهر الماضي رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار ليسجل 49.6 جنيه في المتوسط خلال العام المالي الحالي مقابل 50.6 جنيه في تقديراته السابقة.
وقدر الصندوق سعر الدولار بنحو 52.26 جنيه في العام المالي المقبل بدلاً من 54.89 جنيه، وفي العام المالي التالي يصل إلى 54.1 جنيه مقابل 57.2 جنيه تقديراته السابقة.
توقعات بتحسن كبير في السيولة الدولارية
وتوقعت “هيرميس” استمرار تعافي ارتفاع احتياط النقد الأجنبي في ظل استقرار نسبي في الموارد الأجنبية للبلاد.
وتشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع احتياط مصر من النقد الأجنبي بنحو مليار دولار منذ بداية 2025، ووصل بنهاية أبريل (نيسان) الماضي إلى 48.1 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي.
وفي يناير (كانون الثاني) 2025 سجلت قيمة احتياط النقد الأجنبي 47.3 مليار دولار، في ارتفاع بنحو 34 في المئة عما كانت عليه في الفترة نفسها من عام 2024.
في سياق تحسن السيولة الدولارية، فقد سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج قفزة تاريخية خلال الفترة من مارس (آذار) 2024 وحتى نهاية فبراير (شباط) الماضي، إذ زادت قيمة التحويلات بنسبة 72.4 في المئة بما يعادل نحو 13.7 مليار دولار لتصل إلى نحو 32.6 مليار دولار وذلك منذ صدور قرار التعويم الأخير في مارس الماضي وحتى نهاية فبراير الماضي.
وارتفعت قيمة التحويلات خلال فبراير 2025 للشهر الـ12 بأكثر من الضعف، لتصل إلى نحو 3.0 مليارات دولار (مقابل نحو 1.3 مليار دولار خلال فبراير 2024)، وهي تدفقات لم تحدث من قبل خلال الشهر نفسه تاريخياً من كل عام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ما يتعلق بصافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، توقعت الشركة انخفاضه إلى 5.8 مليار دولار في العام المالي المقبل، مقابل 7 مليارات دولار متوقعة للعام المالي الحالي، في إشارة إلى استمرار الضغوط على السيولة الدولارية في القطاع المصرفي.
كان مدير الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الدكتور جهاد أزعور، قد توقع وصول معدل النمو المتوقع للاقتصاد المصري إلى 3.8 في المئة خلال العام المالي 2024/2025، على أن يرتفع إلى 4.3 في المئة خلال العام المالي 2025/2026، ويتوقع أن ينخفض معدل التضخم إلى 12 في المئة خلال العام المالي المقبل.
وأوضح أن تحسن مؤشرات النمو الاقتصادي في مصر وانخفاض التضخم يعودان إلى الاستمرار في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، مشيراً إلى أهمية تعزيز دور القطاع الخاص وتسريع برنامج الطروحات الحكومية. وأشار إلى أن الأثر المباشر للصدمات التجارية العالمية كان محدوداً في المنطقة، معتبراً أن التغيرات الجيوسياسية العالمية هي التي تؤثر بصورة أكبر في اقتصاداتها.
ماذا يبحث صندوق النقد في مراجعته الخامسة؟
تأتي خسائر الدولار تزامناً مع الاجتماعات التي تجريها بعثة من صندوق النقد الدولي مع الحكومة المصرية في شأن المراجعة الخامسة لبرنامج التمويل البالغ قيمته 8 مليارات دولار. وتتركز الاجتماعات التي تجرى في الوقت الحالي على الإصلاحات الهيكلية التي تضمن استدامة ما تحقق بالفعل على مستوى النمو وخفض الدين، إذ يسعى الصندوق إلى ضمان استقرار الموازنة العامة للحكومة في مواجهة أي تغييرات تطرأ على المشهد العالمي.
وقد وصل فريق من صندوق النقد الدولي إلى القاهرة أواخر الأسبوع قبل الماضي، ويضم جدول أعماله اجتماعات مع مسؤولين من البنك المركزي ووزارات المالية والاستثمار والتعاون الدولي.
وبعد انتهاء البعثة الأولية من مراجعة وتحليل البيانات، سيصل وفد كامل من صندوق النقد الدولي لاستكمال متطلبات المراجعة، وإصدار تقريره حول مدى اجتياز مصر المراجعة الخامسة، ثم يمرر هذا التقرير إلى المجلس التنفيذي للصندوق للتصديق عليه، مما قد يتيح لمصر الحصول على نحو 1.3 مليار دولار.
ولدى صندوق النقد عدد من المطالب التي تتضمن تسريع تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة والتزام الحكومة جدولاً زمنياً لانسحاب الدولة من القطاعات الاقتصادية بالنسب الواردة في الوثيقة المقبولة من قبل صندوق النقد الدولي. ويأمل الصندوق أن تنجح مصر في تأمين حاجاتها من العملة الأجنبية عبر تدفقات واضحة من العملة الأجنبية تضمن استقرار سعر الصرف في مواجهة أي تحديات عالمية.
وفي بيانات سابقة كان الصندوق قد أعرب عن تفهمه للتغيرات التي طرأت أخيراً على المشهد العالمي وعلى المنطقة وتداعياتها المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد المصري، وأشار إلى أنه يرى هذه التحديات فرصة لتقييم صلابة الاقتصاد المصري بعدما حقق تقدماً كبيراً في برنامجه الإصلاحي.
ويمثل معيار الصلابة واستدامة النمو والمستهدفات أحد أهم أركان المراجعة الخامسة لبرنامج الصندوق، وأن سقف الديون والاستثمارات الحكومية تمثل هي الأخرى إحدى نقاط النقاش المهمة من أجل التأكد من عدم العودة مجدداً لانتظام الموازنة في تنفيذ استثمارات حكومية، والتأكد أيضاً من الانفتاح على الشراكات مع القطاع الخاص.