وزير المالية السعودي: نستهدف إيجاد حلول للديون في الأسواق الناشئة

شدد وزير المالية السعودي محمد الجدعان على ضرورة أن تكون هناك رؤية طويلة المدى وتحسين الظروف الاقتصادية للأسواق الناشئة وإيجاد حلول للديون السيادية.
وأضاف الوزير السعودي، في كلمته الافتتاحية في مؤتمر “العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة” بتنظيم مشترك من وزارة المالية السعودية وصندوق النقد الدولي، اليوم الأحد، ويستمر على مدى يومين في محافظة العلا السعودية، “سنستكشف اليوم سبل معالجة التحديات المشتركة التي نواجهها، حتى نتمكن من بناء اقتصاد عالمي أقوى ودائم وشامل لجميع الدول والشعوب”.
وقال الجدعان إن “الطريق أمامنا ليس سهلاً بالتأكيد، ولتحسين الاقتصاد العالمي ومعالجة التحديات المشتركة لا يوجد مسار أكثر فاعلية من إنشاء إطار عمل متعدد الأطراف واسع النطاق، ويبدأ هذا العمل بمحادثات مثل تلك التي نجريها في هذا المؤتمر”.
وقال محمد الجدعان إن هذا المؤتمر لاقتصادات الأسواق الناشئة يأتي بالشراكة مع صندوق النقد الدولي وبوجود مديرة الصندوق كريستالينا غورغييفا، وبجهود قوية من مكتب الصندوق الإقليمي في الرياض، الذي سيدعم بناء القدرات الاقتصادية لدول المنطقة لا سيما الأقل حظاً.
وأوضح أن المؤتمر سيستكشف أساليب مختلفة للحديث عن التحديات المشتركة حتى نتمكن من بناء اقتصادات قوية تكون صامدة وشاملة لكل الدول والشعوب، مضيفاً أن “الطريق أمامنا ليس بالسهل”.
التعاون المتعدد الأطراف المسار الأكثر فاعلية
وأشار إلى أنه لتحسين الاقتصاد العالمي ولمشاركة الحديث عن التحديات المشتركة فإنه لا يوجد أي مسار أكثر فاعلية عن التعاون المتعدد الأطراف، وذلك يبدأ بالحوارات التي ستجري في هذا المؤتمر، وخلال اليومين المقبلين سنناقش كثيراً من المواضيع المهمة مثل التحولات الهيكلية والديون والمساحات المالية المحدودة.
وقال محمد الجدعان “سنتحدث أيضاً عن أثر التقنية والسياسات النقدية والاستثمارات وتحقيق المرونة والصمود، في مقابل الصدمات القوية التي يمكن أن نواجهها في ظل الاقتصادات المتعثرة عالمياً”.
وأوضح أن “إحداث التقدم يتطلب أكثر من المهارة التقنية، وهو الحاجة إلى الحديث عن هذه التحديات في مشهد جيوسياسي متغير، ومع تغير الظروف السياسية درامياً في بعض الأحيان فلا بد أن نتسم بتركيز عالٍ جداً لتحسين حيوات شعوبنا”.
وتابع بقوله “يجب أن نجد أرضاً مشتركة لتحقيق الخير والنفع للجميع، وحلول تحقق المكسب للكل، ونقاط تعاون بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، لتكون هناك آثار إيجابية لشركائنا في التجارة والدول المجاورة، وهذا يعني عمل القطاعين الحكومي والخاص معاً لمصلحة الاقتصادات الناشئة”.
رؤية طويلة المدى
وأضاف وزير المالية السعودي “يجب أن تكون هناك رؤية طويلة المدى من خلال إيجاد خطة يمكن التواصل بها بشكل جيد لتحسين الظروف الاقتصادية للأسواق الناشئة”.
وتابع “في وقت تندر فيه رؤوس الأموال علينا استخدام كل دولار بأكبر قدر من الفاعلية، وقد نصل إلى توفير تريليون دولار عالمياً وفقاً لتقارير البنك الدولي”.
تحديات أمام الاقتصادات الناشئة
وفي كلمتها خلال المؤتمر، قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، إن ارتفاع الديون والموارد المالية المحدودة والضغوط المتزايدة على الإنفاق تمثل تحديات أمام الاقتصادات الناشئة.
وأكدت غورغييفا أن التجارة العالمية لم تعد تسهم في الدخل القومي كما كانت في العقود الماضية، إذ شهدت تحولات جذرية أثرت في دورها في الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن الفرص الاقتصادية العابرة للحدود تزداد أهمية يوماً بعد يوم، مما يجعل القدرة على التكيف مع هذه المتغيرات أمراً بالغ الأهمية.
وأشارت غورغييفا إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة تضع التجارة والتعريفات الجمركية في صدارة أولوياتها، إلى جانب قضايا مثل الهجرة، مضيفة “في الوقت نفسه نشهد ثورة تكنولوجية يقودها الذكاء الاصطناعي، الذي يمثل فرصة كبيرة لتبسيط العمليات وتحسين الكفاءة، لكنه أيضاً سيؤثر بصورة كبيرة في سوق العمل خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وهذا بدوره سيخلق تحديات جديدة للأسواق الناشئة، التي تحتاج إلى التأقلم مع هذا الواقع الجديد”.
وأضافت “إذا نظرنا إلى الأعوام الماضية نجد أن الأسواق الناشئة تعرضت لصدمات اقتصادية متكررة، وأعتقد أن أمام هذه الاقتصادات اتجاهين للتعامل مع هذه التحديات: إما أن تكون مرنة وقادرة على التكيف، أو أن تواجه صعوبات متزايدة، لذا فإن الوصفة المثلى للنجاح تكمن في تعزيز القدرة على الصمود والاستجابة السريعة لمتغيرات السوق.”
وأوضحت غورغييفا أن التضخم وأسعار الصرف والسياسات النقدية جميعها عوامل تؤثر في الأسواق الناشئة، لا سيما مع ارتفاع قوة الدولار، مما يزيد الضغوط على هذه الاقتصادات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت أن كثيراً من الدول تواجه تحديات كبيرة، مثل ارتفاع الديون ومحدودية الموارد المالية وزيادة الضغوط الاقتصادية، مما يدفع الحكومات غالباً إلى اللجوء إلى الحوافز المالية لدعم النمو الاقتصادي والتعامل مع الأزمات.
وتابعت “أعتقد أن الحل الأمثل هو التركيز على الكفاءة والبحث عن أساليب مبتكرة لتعزيز الإنتاجية، نحن الآن في مرحلة تحول اقتصادي عالمي، إذ تؤدي المنافسة دوراً حاسماً، لذا علينا الحفاظ على المكاسب التي حققناها، والعمل على تحقيق مزيد من التحولات الاقتصادية لضمان النمو والازدهار”.
خلق فرص العمل في صلب الأولويات
وأضافت غورغييفا أن خلق فرص العمل يجب أن يكون في صلب أولويات الاقتصادات الناشئة، مع ضمان استفادة الجميع من التقدم التكنولوجي، بخاصة في ظل التطورات السريعة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، فحين تتحقق إنتاجية عالية ونمو اقتصادي مستدام سينعكس ذلك إيجاباً على مستويات المعيشة وجودة الحياة.
وقالت غورغييفا “علينا جميعاً البحث عن أفكار جديدة لتعزيز الأسواق الناشئة وتحسين أدائها الاقتصادي، ونحن في صندوق النقد الدولي ندرك تماماً مسؤوليتنا في هذا السياق، وسنواصل العمل مع شركائنا لضمان تحقيق مستقبل اقتصادي أكثر استقراراً وازدهاراً للجميع.”
مؤتمر العلا
وانطلق اليوم مؤتمر “العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة”، بتنظيم مشترك من وزارة المالية وصندوق النقد الدولي، ويعقد على مدى يومين في قاعة مرايا بمحافظة العلا.
ويعد المؤتمر منصة عالمية بارزة تهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الأسواق الناشئة، بخاصة في ظل التحولات الهيكلية للاقتصاد العالمي، إذ يجمع الحدث نخبة من صناع القرار والشخصيات الاقتصادية والمحللين من مختلف أنحاء العالم، لمناقشة سبل دعم النمو الاقتصادي وتعزيز المرونة المالية في الأسواق الناشئة.
ويتناول المؤتمر محاور رئيسة عدة، تشمل السياسات النقدية والمالية وإدارة الديون السيادية ودور التقنية والذكاء الاصطناعي في دعم التنمية الاقتصادية، إضافة إلى استعراض الفرص المتاحة لتعزيز تنافسية اقتصادات الأسواق الناشئة، ويسلط الضوء على أهمية الشراكة الدولية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي المستدام.