عالمي

موازنة تونس في 2024 مثقلة بالقروض

كشفت الحكومة التونسية عن مشروع موازنتها لعام 2024، وأعلنت أنها ستعمل من خلاله على تحقيق المرحلة الأولى من أهداف رؤيتها الاستراتيجية للرفع من مستوى النمو، وتحسين مناخ الأعمال واستقطاب المستثمرين الأجانب وإعادة الثقة مع شركاء تونس، إذ يعمل على تسريع نسق تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية ويحافظ على ديمومة المالية العمومية من خلال التحكم في عجز الموازنة ونسبة المديونية.

وقدرت حجم موازنة الدولة لعام 2024 بـ77.86 مليار دينار (24.48 مليار دولار) بزيادة 9.3 في المئة مقارنة بعام 2023، وبلغت حاجات تمويل الموازنة (حاجات اقتراض) 28.7 مليار دينار (9.02 مليار دولار) منها 10.6 مليار دينار (3.33 مليار دولار) نتيجة للعجز ويمثل 6.6 في المئة من الناتج الإجمالي، و17.8 مليار دينار (5.59 مليار دولار) لتسديد أصل الدين.

ووضعت الموازنة على أساس فرضية نسبة نمو في حدود 2.1 في المئة مقابل 0.9 لكامل 2023، وقدرت الحكومة الموارد الذاتية لعام 2024 بـ49.1 مليار دينار (15.44 مليار دولار) بتطور قدره 8.4 في المئة 2023، وتمثل نسبة 63.1 في المئة من موارد الدولة لعام 2024، وتتوزع بين مداخيل جبائية (أداءات) وهي 89.6 في المئة وغير جبائية تمثل 9.7 في المئة.

توسيع قاعدة الأداءات

وسيقع العمل على تحسين قدرة الدولة على استخلاص مواردها للحد من الضغوطات على المالية العمومية ودعم الامتثال الضريبي والتصدي للتهرب الضريبي وإدماج الاقتصاد الموازي في اتجاه دعم موارد الميزانية وتوسيع قاعدة الأداء وفق الوزارة.

ومن بين الإجراءات الأخرى الرفع في ضريبة أرباح البنوك وشركات التأمين بنسبة أربعة في المئة لتصل إلى 38.5 في المئة، والرفع في الأداءات على المقاهي والمطاعم السياحية والفنادق والحانات وشركات صناعة الخمور.

وأدت الأزمات المتفاقمة إلى رفع العجز الجاري وعجز موازنة الدولة إضافة إلى تراجع نسق النمو والاستثمار ووصول مستوى التضخم إلى تسعة في المئة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبلغت نسبة النمو 1.2 في المئة خلال النصف الأول من 2023 مقابل 2.4 في المئة في النصف الموازي من العام الماضي، وأدى الدعم إلى مزيد إثقال كاهل موازنة الدولة وتعميق العجز ليبلغ حدود 7.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 من ناحية، والتقليص من نفقات الاستثمار.

كتلة الأجور المنهكة

وزادت نفقات موازنة 2024 لتبلغ 59.8 مليار دينار (18.8 مليار دولار) مقابل 56 مليار دينار (17.6 مليار دولار) في موازنة 2023 بزيادة قدرها 6.7 في المئة، ويعود ذلك إلى زيادة نفقات الأجور لتصل إلى 23.711 مليار دينار (7.4 مليار دولار) مقابل 22.773 مليار دينار (7.1 مليار دولار) بموازنة 2023، بزيادة مقدرة بـ 4.1 في المئة، وتمثل نفقات الأجور 13.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 14.4 في المئة عام 2023 و14.7 في المئة مسجلة في 2022.

وطالما شكل التخفيض في هذه الكتلة مطلباً أساساً لصندوق النقد الدولي في إطار برنامج الإصلاحات، وذكرت وزارة المالية أن تقديرات نفقات الأجور ترتكز على التحكم في حجمها والنزول بها تدريجاً إلى نسب معقولة من خلال ترشيد برامج الزيادات في الأجور، والتحكم في الانتدابات وحصرها في القطاعات ذات الأولوية والترفيع في سن التقاعد والتحكم في نسب الترقيات السنوية بأن لا تتجاوز نسبة 20 في المئة.

وخصص ما قدره 5.34 مليار دينار (1.67 مليار دولار) موازنة للاستثمار والعمليات المالية في 2024 مقابل 4.75 مليار دينار (1.49 مليار دولار) في 2023، وتشمل المشاريع والبرامج التنموية التي تنجزها الدولة سواء بصفة مباشرة أو عن طريق المؤسسات العمومية، أما بالنسبة لنفقات العمليات المالية فتشمل الاعتمادات المرصودة لفائدة المؤسسات العمومية مساهمات أو قروض.

وسيتواصل في موازنة 2024 توفير الدعم للمواد الأساس وخصص 3.6 مليار دينار (1.13 مليار دولار) مقابل 3.8 مليار دينار (1.19 مليار دولار) متوقعة في 2023 بتراجع 5.6 في المئة.

وقدرت هذه الموازنة على فرضيات تراجع معدل سعر القمح في الأسواق العالمية لمستوى 327 دولاراً للطن مقابل 343 دولاراً في 2023، وتراجع معدل سعر الزيت النباتي لمستوى 1100 دولار للطن مقابل 1250 دولاراً متوقعة في 2023 واستقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتبلغ نفقات الدعم في 2024 ما قدره 11.3 مليار دينار (3.55 مليار دولار) وهو ما يمثل 19 في المئة من جملة نفقات موازنة الدولة و6.5 في المئة الناتج الإجمالي، وقدرت حاجيات التمويل الضرورية لتوازن منظومة المحروقات والكهرباء والغاز لعام 2024 بـ 8.03 مليار دينار (2.52 مليار دولار) على أساس معدل سعر النفط خام برنت 81 دولاراً للبرميل.

وكشفت الموازنة المقدرة في 2023 عن حجم للناتج المحلي الإجمالي قدر بـ158.5 مليار دينار (49.8 مليار دولار) متوقعة ارتفاعه إلى 175.3 مليار دينار (55.1 مليار دولار) في 2024.

ارتفاع خدمة الدين

وأسفرت الضغوطات على أسعار الصرف إلى ارتفاع كلفة التداين وخدمة الدين العمومي بنسبة فائدة متغيرة في ظل تراجع التصنيف السيادي لتونس وهو ما فاقم حجم الدين العمومي الذي ينتظر أن يبلغ 139.9 مليار دينار (44 مليار دولار) في 2024 مقابل 127.1 مليار دينار (39.9 مليار دولار) 2023، ويتوزع بين 59 مليار دينار (18.5 مليار دولار) ديناً داخلياً و80.9 مليار دينار (25.4 مليار دولار) ديوناً خارجية، ويمثل 79.8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 80.20 في المئة عام 2023.

ومن المتوقع أن ترتفع خدمة الدين بنسبة 18.7 في المئة لتبلغ نحو 24.7 مليار دينار (7.76 مليار دولار) في 2024 ما يساوي 14 في المئة من الناتج الإجمالي مقابل 20.8 مليار دينار (6.54 مليار دولار) في 2023 أي 13.12 في المئة. ويفسر ارتفاع خدمة الدين العمومي أساساً بارتفاع أصل الدين وبحلول آجال قروض مصدرة بالأسواق المالية العالمية.

ورأى المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي، محمد صالح سويلم، في تصريحه لـ”اندبندنت عربية” أن مقترح الحكومة يعكس الحاجة إلى تعبئة موارد مالية إضافية، واختارت الترفيع في الأداءات لتطوير الموارد الذاتية للدولة في محاولة للتخفيف من العجز وبحثاً عن السيولة.

وأسفرت الضغوط المتزايدة على أسعار الصرف إلى ارتفاع كلفة التداين، وعمقت الاختيارات السابقة هذه الصعوبات بسبب رفض التخلي عن الدعم وبطء الاصلاحات ومواصلة إنهاك ميزان المدفوعات في ظل عدم تحقيق نسبة نمو كافية. وبناء على ذلك تبدو موارد الخزانة متدنية بحكم نقص ناتج من تراجع أرباح القطاع الخاص، وتبدو الآفاق غير رحبة لتحقيق نسبة نمو مريحة على ضوء الرفع في الأداءات على أرباح البنوك نتيجة التأثيرات السلبية المنتظرة على الاستثمار في المؤسسات المالية، وفق ما يقوله.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى