عالمي

التمويل يعرقل خطط التحول إلى الطاقة الخضراء في الدول العربية

ذكرت المنسقة العامة بالاتحاد الأوروبي لمشروع تمكين الانتقال الطاقي في منطقة البحر الأبيض المتوسط عبر التخفيف البيئي كريستينا كاسيلا، أن تمويل مشاريع الانتقال الطاقي والاستثمارات في الطاقة النظيفة تمثل الإشكال الذي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى التدخل للتخفيف من آثاره في بلدان جنوب وشرق المتوسط المنضوية في هذا البرنامج.

أضافت في تصريح حصري لـ”اندبندنت عربية” أن تقدم معالجة هذا الإشكال في البلدان الأعضاء متفاوت، في وقت يعمل الاتحاد الأوروبي على الدفع لخلق الآليات اللازمة المرافقة لمشاريع الانتقال الطاقي والنجاعة الطاقية بجمع كل الفاعلين والشركاء من مانحين ومؤسسات دولية وحكومية متخصصة في هذه البلدان للنقاش حول الطرق المناسبة لتسهيل التمويل، ونقل التجربة الأوروبية المتمثلة في مؤسسات الضمان لديها، في ظل صعوبات التوصل لتمويل هذه المشاريع المكلفة.

وقالت إن الضمانات تمحو الأخطار وتغطي العجز عن تسديد القروض في حال حدوثها بنسبة معينة وفي حال وجود إشكالات، موضحة أن برنامج “ميد مات” هو مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي، طورته رابطة البحر الأبيض المتوسط ​​للوكالات الوطنية لإدارة الطاقة (MEDENER) والمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE)، ويمثل أحد أهم المشاريع المنخرطة في مسار إزالة الكربون بحوض المتوسط، وينخرط فيه 14 بلداً من شمال وجنوب المتوسط.

الطاقة الخضراء العربية

وقال المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، الذراع الفنية لجامعة الدول العربية، جواد الخراز، إن أداء الدول العربية متفاوت في مجال الانتقال الطاقي بسبب صعوبات الحصول على التمويلات، إضافة إلى عدم مواكبة التشريعات، إذ تبدو الفوارق بين بلدان تمكنت من الرفع من مستوى إنتاج المزيج الطاقي المستخرج من الطاقات المتجددة وأخرى بدا انتقالها أكثر بطئاً واسعة، موضحاً أن المغرب من التجارب الرائدة التي تمكنت من إنتاج 20 في المئة من المزيج الطاقي من الطاقة الخضراء، مستهدفاً الوصول بهذه النسبة إلى 52 في المئة بحلول 2030، وتنتج مصر أيضاً 20 في المئة من مزيجها الطاقي من الطاقة النظيفة، وتخطط لبلوغ 60 في المئة بحلول 2040 بعد ترفيعها من سقف 42 في المئة في عام 2030، في حين لا يتجاوز إنتاج الجزائر واحداً في المئة من مزيجها الطاقي، وتسعى إلى بلوغ 37 في المئة بحلول عام 2030، وتونس تنتج ثلاثة في المئة فقط، وتبحث عن بلوغ 35 في المئة بحلول نهاية العقد الحالي.

أضاف “ينتج الأردن 27 في المئة من حاجياته من الكهرباء من الطاقات المتجددة، ويعمل على إنتاج 50 في المئة في عام 2030، في حين تشهد بلدان في الخليج العربي طفرة في هذا المجال وحققت قفزات عملاقة مثل السعودية والإمارات وسلطنة عمان بعد إصلاحات كبيرة في مجال إنتاج الطاقات المتجددة”.

وذكر على سبيل المثال مشروع مدينة “نيوم” لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا بالسعودية وسط مستهدفات للرياض بالوصول إلى مرحلة الحياد الكربوني بحلول عام 2060، والمحطات الشمسية العملاقة في الإمارات التي تطمح إلى إنتاج 30 في المئة من المزيج الطاقي من الطاقة الخضراء بحلول 2030.

وتابع الخراز “اتبع عدد من البلدان العربية جملة من الإصلاحات على مستوى السياسات والإطار التشريعي عن طريق تطوير بنود تشريعية محفزة للاستثمار، وكذلك أدوات وآليات تمويل مهمة، علاوة على الحوافز المادية التي أسهمت في تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في الطاقات المتجددة، وأدت إلى أسعار تنافسية عدت الأفضل في العالم في السعودية ومصر والمغرب، إذ بلغ سعر الكيلوات 0.02 دولار للطاقة الشمسية، و0.024 للطاقة الهوائية وهي أسعار تنافسية غير متوفرة في أوروبا”.

فرص واعدة لكن

وفق الخراز، تبلغ قدرات جميع البلدان العربية 36 غيغاوات (باحتساب غير المنخرطين في مشروع ميت ماد الأوروبي)، وتأمل في ترفيعها بخاصة أن المعطيات المتاحة تسمح بتحقيق الأضعاف بحلول 2030، لكن يتوقف ذلك على قدرتها على استقطاب  التمويلات، وتمثل تحديات التمويل الأهم في هذا القطاع الواعد في البلدان العربية، ففي حين تتوفر على المستوى الدولي تمويلات تعجز بعض البلدان العربية عن الظفر بها بسبب غياب القدرات المؤهلة لتجهيز ملفات مشاريع قابلة للتمويل، فيما يتحتم الإسراع بإصلاح الإطار التشريعي المنظم للاستثمارات في الطاقة الخضراء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة في تونس فتحي لحنشي، فلفت إلى أهمية التعامل الإقليمي في هذا الملف الذي أثمر التجربة التونسية المبكرة في مجال النجاعة الطاقية، التي جعلتها تتصدر قائمة بلدان جنوب المتوسط بفضل تبادل الخبرات مع الشريك الأوروبي. وتحدث الحنشي عن مواصلة مساندة الشركاء الأوروبيين لتنفيذ الانتقال الطاقي في تونس بدعم صندوق الانتقال الطاقي البالغ 50 مليون يورو (53.5 مليون دولار)، والموجه إلى قطاعي النجاعة الطاقية ومشاريع الطاقات المتجددة، وصرف أكثر من 70 في المئة من هذا التمويل لصالح الخزانة العامة.

أضاف الحنشي “من جهة أخرى، مكن صندوق الانتقال الطاقي (الممول للاستثمارات) من تمويل أكثر من 1600 عقد برنامج في ميادين مختلفة أهمها قطاعات الصناعة والبناء والنقل والفلاحة، باستثمارات تتجاوز 1.5 مليار دينار (476 مليون دولار)، مما مكن تونس من اقتصاد 12 مليون طن مكافئ نفط منذ عام 2010، بما يعادل 11 مليار دينار (3.5 مليار دولار)”.

وبلغت تمويلات الوكالة الفرنسية للتنمية لمشاريع الطاقات المتجددة في تونس 270 مليون يورو (288.9 مليون دولار) منذ عام 2010، وفق ما أفاد به مكتب الوكالة في تونس لـ”اندبندنت عربية”.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى