عالمي

كيف ترفع سياسات ترمب كلفة الاقتراض في السوق الأميركية؟

مع استمرار تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في سياسات مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، قالت عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابل إن “الحد من استقلال البنك المركزي الأميركي قد يأتي بنتائج عكسية ويرفع كلف الاقتراض بدلاً من خفضها، بينما يعطل النظام المالي العالمي بأكمله”.

ويمارس ترمب ضغوطاً متواصلة على “الفيدرالي” لخفض أسعار الفائدة، وناقش علناً ​​إقالة رئيس البنك جيروم باول الذي وصفه بـ”الأحمق” لعدم استجابته لمطالبه.

وفي تصعيد لهذه المعركة، حاول ترمب الشهر الماضي إقالة حاكمة “الفيدرالي” ليزا كوك، مما أثار اختبارا قانونياً حاسماً لقدرة البنك على العمل من دون تدخل سياسي، وهو حجر الزاوية في النظام المصرفي المركزي الحديث.

وقالت شنابل إن “أية محاولة لتقويض استقلال البنك المركزي ستؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة المتوسطة والطويلة الأجل”، مضيفة أن “التاريخ واضح للغاية في شأن فوائد استقلال البنوك المركزية، فهو يخفض علاوة الأخطار ويسهل شروط التمويل للأسر والشركات والحكومات”.

تحذيرات من تصدير التضخم من السوق الأميركية

ويطالب ترمب بخفض أسعار الفائدة لتعزيز الاستثمار وإعفاء المقترضين العقاريين من بعض أعلى أسعار الفائدة في العالم المتقدم، ولكن خفض أسعار الفائدة بدوافع سياسية من شأنه أن يشير إلى استعداد “الفيدرالي” للتسامح مع ارتفاع التضخم، ما من شأنه أن يؤدي إلى تآكل الثقة بين المستثمرين الذين يحتفظون بتريليونات الدولارات من الأصول الأميركية، ويعتمدون على اليقين السياسي من جانب “الفيدرالي”.

وقالت شنابل لوكالة “رويترز” “إذا فقد البنك استقلاليته، فسيكون لذلك تأثير مدمر للغاية في النظام المالي العالمي وسيكون له أيضاً تأثير في البنك المركزي الأوروبي”.

وتابعت “من الممكن أن يؤدي هذا الفقدان للثقة إلى ارتفاع كلف الاقتراض الأطول أجلاً التي هي أكثر أهمية من أسعار الفائدة القصيرة الأجل التي يفرضها البنك المركزي على الرهن العقاري وقروض الأعمال، مما قد يؤدي إلى إبطال أي جهد من جانب الفيدرالي لتخفيف العبء التمويلي”.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة قد تصدر أيضاً معدلات تضخم أعلى، إذ كان الدرس الرئيس من الجائحة هو أن البلدان تكافح من أجل مواجهة التطورات التضخمية العالمية، وعلى رغم أن مثل هذا الفقدان للثقة قد يهدد أيضاً تفوق الدولار في النظام المالي العالمي، فإنه لا يوجد بديل للدولار في الوقت الحالي.

وأوضحت أن “بعض المسؤولين الأوروبيين زعموا أن انعدام الثقة بالسياسة الأميركية قد يخلق فرصة لليورو لكسب حصة في السوق”، مشيرة إلى أن العالم ليس مستعداً بعد للعيش من دون هيمنة الدولار، والسؤال المهم هو ما إذا كان الدولار الأميركي قادراً على الحفاظ على وضعه الحالي”، قائلة “أعتقد بأنه قادر على ذلك”.

خطر بالغ على الاقتصاد الأميركي والعالمي

في السياق حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد من أن إقدام ترمب على إقالة جيروم باول سيشكل “خطراً بالغاً” على الاقتصاد الأميركي والعالمي.

وقالت خلال مقابلة مع إذاعة راديو “كلاسيك” الفرنسية، “إذا لم تعُد السياسة النقدية الأميركية مستقلة وأصبحت تعتمد على إملاءات هذا الشخص أو ذاك، فإنني أعتقد بأن التأثير في توازن الاقتصاد الأميركي، نتيجة للتأثيرات التي قد تحدث في جميع أنحاء العالم، قد يكون مقلقاً للغاية لأن أميركا هي أكبر اقتصاد في العالم”.

وهاجم ترمب مراراً باول لعدم خفضه أسعار الفائدة قصيرة الأجل، مهدداً بإقالته، ويبدو أن الرئيس الأميركي حريص ليس على رحيل رئيس “الفيدرالي” وحسب، بل أيضاً على إحداث تغييرات جذرية في البنك بأكمله ليعكس على نحو أوثق رؤيته العالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأثارت جهود ترمب لإعادة تشكيل “الفيدرالي” بحسب رغبته والضغط عليه لخفض أسعار الفائدة تساؤلات حول ما إذا كان البنك المركزي الأميركي قادراً على الحفاظ على استقلاليته وقدرته على مكافحة التضخم.

ومن المقرر أن يترك باول منصبه كرئيس “الفيدرالي” في مايو (أيار) المقبل، على رغم أن فترة ولايته في البنك المركزي الأميركي لن تنتهي حتى عام 2028. واختار ترمب، أخيراً، مستشاره ستيفن ميران لشغل مقعد في المجلس أصبح شاغراً بعد رحيل أدريانا كوغلر.

وكان صانع السياسات في البنك المركزي الأوروبي أولي رين رجح في وقت سابق أن تكون للهجمات المتصاعدة التي يشنها الرئيس الأميركي على “الفيدرالي” آثار كبيرة وعالمية في الأسواق المالية والاقتصاد الحقيقي، بما في ذلك ارتفاع التضخم.

كيف تتحرك الأسهم الأميركية مع تصاعد الضغوط؟

ومع تفاقم حال عدم اليقين الاقتصادي، تذبذبت العقود الآجلة للأسهم الأميركية مع استعداد “وول ستريت” لافتتاح متأخر للأسبوع بعد إغلاق تعاملات الإثنين لمناسبة عطلة “عيد العمال”.

ويستعد المستثمرون لشهر مضطرب، مع تركيز كبير على الدراما القانونية المتعلقة برسوم ترمب الجمركية والمخاوف في شأن استقلالية “الفيدرالي”.

وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر “داو جونز” الصناعي بنسبة 0.1 في المئة، في حين ظلت العقود المرتبطة بمؤشر “ستاندرد أند بورز 500″ و”ناسداك 100” تحوم أسفل الخط الثابت.

وبعد بلوغهما مستويات قياسية مرتفعة خلال أغسطس (آب) الماضي، أنهى مؤشرا “ستاندرد أند بورز 500″ و”داو جونز” الشهر بمكاسب بلغت 1.4 في المئة واثنين في المئة على التوالي، مسجلين بذلك الشهر الرابع من المكاسب لهذين المؤشرين، واختتم مؤشر “ناسداك” تعاملات الشهر الماضي بمكاسب بلغت 1.6 في المئة، محققاً بذلك خامس شهر له على التوالي من المكاسب.

وجاءت الخطوات الأولى الصامتة في سبتمبر (أيلول) الجاري عقب ضربة قانونية كبيرة محتملة لأجندة ترمب التجارية، بعدما قضت محكمة استئناف فيدرالية بأن معظم الرسوم الجمركية العالمية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي غير دستورية، مؤكدة أن الكونغرس وحده من يملك سلطة فرضها، بينما وصف ترمب القرار بأنه “متحيز للغاية” وتعهد برفع القضية إلى المحكمة العليا.

وقد يضيف عدم اليقين مزيداً من العبء على الأسواق خلال الشهر الجاري، وهو تاريخياً أضعف شهر للأسهم، إذ انخفض مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” بمعدل 4.2 في المئة خلال أشهر سبتمبر الخمسة الماضية، وأكثر من اثنين في المئة خلال العقد الماضي.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى