عربي

«الفائدة» تخمد فورة التقنية الآسيوية .. والموت السريري للعملات المشفرة كشف هشاشة الشركات

[ad_1]

سواء اتفقنا أم اختلفنا على أن هناك حربا ضروسا تدور رحاها بشأن من سيحكم قبضته على الصناعات التكنولوجية في العالم، وسواء اتفقنا أم اختلفنا على من ستكون له السطوة في هذا القطاع، فإن الأمر المتفق عليه ويحظى بتأكيد ومناصرة عديد من الخبراء، أن من سينجح في الاستحواذ على الجزء الأكبر والأهم من قطاع التكنولوجيا فإن إمكانية فوزه بقيادة الاقتصاد العالمي أو تحديد مساره ستكون أكبر من منافسيه.

تدرك بلدان جنوب شرق آسيا تلك الحقيقة مثلها مثل الآخرين، هذا الإدراك تحديدا هو ما يدفع الخبراء إلى التساؤل دائما: هل ستحافظ صناعة التكنولوجيا في بلدان جنوب شرق آسيا على قوة الدفع والنمو الذي تتمتع به؟ وهل في مقدورها تذليل العقبات التي تواجهها لفتح طريق أوسع أمامها للانطلاق ومنافسة عمالقة دوليين على غرار الولايات المتحدة والصين واليابان؟

تشير الإحصاءات الدولية إلى أن حجم سوق تكنولوجيا المعلومات سينمو في جنوب شرق آسيا بمقدار 22.39 مليار دولار خلال الفترة من 2021 – 2025 بنسبة نمو تبلغ 6 في المائة، لكن هل لهذا السبب فقط تتجه الأنظار إلى جنوب شرق آسيا عند الحديث عن مستقبل قطاع التكنولوجيا العالمي؟

هنا يقول لـ”الاقتصادية” الدكتور كومار سنج أستاذ الاقتصاد الحديث في جامعة ليدز، “إن السوق الأمريكية أصبحت أكثر تكلفة، لهذا يبحث أصحاب رؤوس الأموال بنشاط عن أسواق جديدة للنمو، ويراقب كثير من المستثمرين والخبراء في مجال التقنيات المتطورة بلدان جنوب شرق آسيا، فالسوق الإقليمية متنوعة وقوية للغاية في بلدان مثل فيتنام وتايلاند وإندونيسيا وسنغافورة وماليزيا والفلبين، وفي الأعوام الماضية تمتعت الصناعات التكنولوجية والرقمية في المنطقة بازدهار هائل، والعام الماضي بلغت قيمة شركات التكنولوجيا الناشئة في بلدان جنوب شرق آسيا مجتمعة 340 مليار دولار، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2025”.

مع ذلك يوضح أن السوق في جنوب شرق آسيا معقدة للغاية، وعديد من رواد الأعمال يواجهون مخاوف تتعلق باختلاف عقلية ممارسة النشاط الاستثماري، ويعانون الافتقار إلى فهم كيفية القيام بأعمال تجارية واستثمارية في المنطقة.

لكن تلك النظرة وما تحتويه من جوانب إيجابية تجاه أسواق جنوب شرق آسيا التكنولوجية، لا تنفي وجود وجهات نظر أخرى ترصد عددا من الملاحظات التي تبدو مقلقة بشأن مستقبل القطاع التكنولوجي في المنطقة.

وعلى الرغم من أعوام النمو الجامح لشركات التكنولوجيا والإنترنت في المنطقة فإنها حصدت أرباحا قليلة، وأدى ذلك إلى انخفاض أسعار الأسهم، والمؤكد أن المنافسة لا تزال محتدمة بين كبريات الشركات التكنولوجية في المنطقة، لكن معظم اللاعبين الرئيسين ينفقون الآن بطريقة أكثر عقلانية مما مضى، إلا أن ذلك جاء على حساب التوظيف وتسريح مزيد من العمال والموظفين والخبراء في المجال التقني.

من جانبها، تعتقد كريستين نيكولاس الباحثة في مجال النظم الاستثمارية، أن السلوك الجديد لشركات التكنولوجيا في جنوب شرق آسيا خاصة شركات التجارة الإلكترونية يكشف عن درجة أعلى من النضج في الفكر الاستثماري، وتعلق قائلة “هذا التحول له معنى استراتيجي في مجال الأعمال، ولا يتعلق فقط بطلبات المستثمرين المتعلقة بالأرباح”.

وتؤكد نيكولاس أن نمو الإيرادات القوي مستقبلا إلى جانب خفض الإنفاق الترويجي وزيادة فرص المنصات لبيع منتجات مختلفة، سيساعد على رفع تقييمات شركات التكنولوجيا في المنطقة.

إلا أن أنطوني نيثن الخبير الاستثماري ينظر إلى الأمر من جانب آخر، إذ قال “إن النمو الاقتصادي كان قويا في جنوب شرق آسيا العام الماضي، لكن الشركات الكبرى العاملة في مجال التكنولوجيا في المنطقة خفضت الوظائف، ويكشف هذا عن انفصال بين قطاع التكنولوجيا والاقتصاد الأوسع، ويرجع ذلك إلى أن الفورة التقنية في المنطقة اعتمدت على أسعار الفائدة شديدة الانخفاض التي استمرت منذ عام 2008، لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة فإن جزءا كبيرا من الشركات التكنولوجية في العالم عامة وفي جنوب شرق آسيا على وجه الخصوص بات مكشوفا ماليا وأدرك أن نفقاته لا تتناسب مع إيراداته الحقيقية”.

ويستدرك في حديثه لـ”الاقتصادية” قائلا “لكن العامل الأكبر الذي كشف هشاشة عديد من تلك الشركات يعود إلى الانهيار ثم الموت السريري للعملات المشفرة، وكان عديد من شركات التكنولوجيا تحديدا قد اشتق قوته من انتعاش سوق العملات المشفرة، وبتراجعها تراجعت مصادر القوة لدى الشركات التي اعتادت على بيع منتجاتها اعتمادا على تلك العملات”.

مع هذا يرى البعض أن مستقبل شركات التكنولوجيا في جنوب شرق آسيا سيرتبط بنموذج الأعمال الذي ستتبناه، وعليها أولا أن تحدد رؤيتها للمصدر الأساسي الذي ستجني منه عوائدها المالية، فشركات التكنولوجيا الكبيرة مثل الفابت وميتافيرس لم تدفع أرباحا لمساهميها، ومساهمتها الاقتصادية المتمثلة في تطوير تقنيات الجيل التالي من التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة لم تحقق لها عوائد تذكر بل كلفتها خسائر مالية، فشركة ميتافيرس خسرت عشرة مليارات دولار عام 2021 في تطوير قسم الواقع الافتراضي، تلك المشاريع قد تكون لها تأثيرات اقتصادية عميقة ومربحة مستقبلا.

لكن في الوقت الحالي، فإن شركات التكنولوجيا الأمريكية تولد الجزء الأكبر من عائداتها من الإعلانات، ثم تعيد استثمار أرباحها الهائلة في عملية إعادة شراء الأسهم، وتحتفظ بكميات ضخمة من الأرباح المتبقية في شكل سيولة مالية.

من هنا يصبح السؤال: هل ستتبنى شركات التكنولوجيا في جنوب شرق آسيا النموذج الأمريكي، أم ستبحث عن نموذج آخر يضمن لها تعزيز مكانتها في الأسواق الدولية؟

حتى الآن تبدو شركات جنوب شرق آسيا العاملة في مجال التقنية “تائهة” في تحديد النموذج الذي ستتبناه، وهذا ما يجعل السوق التقنية في المنطقة واعدة لكنها معقدة للغاية.

يدفع ذلك بعدد من الخبراء إلى الحديث عن أن العمل المنفرد لن يجدي نفعا لشركات التكنولوجيا المحلية عند مواجهة الشركات الدولية العملاقة التي يسيل لعابها للسيطرة على أسواق المنطقة، وأن مواصلة التقدم إلى الأمام يتطلب رؤية جديدة تعتمد على الاندماج بين الشركات المحلية والإقليمية للاستفادة من المزايا النسبية للسوق.

فعدد سكان بلدان جنوب شرق آسيا مجتمعة يبلغ 655 مليون نسمة أي نحو 8.5 في المائة من سكان العالم، ويتجاوز معدل النمو السكاني مثيله في كل من الأمريكتين وأوروبا، كما أن مستوى التطور يختلف من بلد إلى آخر، ما يوفر مجموعة متنوعة من الفرص لإنشاء تقنيات جديدة ونماذج أعمال مستحدثة.

من جانبه، ذكر لـ”الاقتصادية” المهندس أميت صامويل الاستشاري في عدد من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، “الشركات التكنولوجية بما في ذلك الشركات الناشئة في جنوب شرق آسيا لديها فوائض وسيولة مالية في الوقت الراهن، ولديها رغبة في التوسع، تحفزها في ذلك ضخامة الأسواق المحلية، لكن في الوقت ذاته فإن المنافسة التي تواجهها من الشركات الدولية تدفعها دفعا إلى عمليات اندماج أو استحواذ خاصة في ظل رغبة جميع الشركات المحلية في إضافة شريحة منتجات جديدة تستهدف بها فئة جديدة من المستهلكين، كما أن هذا الأسلوب لا يضمن لها فقط التصدي لشركات التكنولوجيا الدولية خاصة الأمريكية والصينية، إنما أيضا إخراج منافسيها المحليين من السوق”.

وأضاف أن “المنطقة مؤلفة من نحو 11 دولة، وهناك تنوع ثقافي يجعل تلك البلدان تختلف عن بعضها بعضا رغم قربها الجغرافي، ويؤدي ذلك إلى إيجاد سلوكيات مختلفة جدا للمستهلك وخصائص السوق، والعمل المنفرد يرهق ويرفع التكلفة خاصة لشركات التكنولوجيا الجديدة بينما تستطيع الشركات العملاقة وليدة الاندماج أو الاستحواذ تحمل تلك التكلفة”.

ولا يزال عمالقة التكنولوجيا الدوليون يستهدفون منطقة جنوب شرق آسيا عبر إنشاء مكاتب ومراكز إقليمية في المنطقة، وهناك عديد من شركات التقنية الناشئة في المنطقة قادرة على جذب الاستثمارات والنجاح، ومع نمو الطبقة المتوسطة والمؤشرات الإيجابية للاقتصاد الكلي فإن الأرضية مؤهلة لشركات التقنية الحديثة في جنوب شرق آسيا في أن تحقق مزيدا من النجاح، شريطة أن تعدل أوضاعها وتحدد خياراتها بما يتلاءم مع الإمكانات الهائلة والمتاحة للنمو والفرص الواعدة في الإقليم.

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى