عالمي

هل حان الوقت لتأميم “مياه التايمز” في بريطانيا؟

كنوع من التجارب الواقعية لتقييم فعالية تشغيل أحد المرافق الرئيسة من القطاع الخاص على المدى الطويل، تشير إعادة التأميم الطارئة والوشيكة لشركة “مياه التايمز” [مسؤولة عن إمدادات المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي في معظم مناطق لندن الكبرى، ولوتون، ووادي التايمز، وساري، وغلوسترشاير، وشمال ويلتشير، وأقصى غرب كنت، وبعض أجزاء أخرى من إنجلترا]، إلى أن هذا التشغيل لم يكن فكرة جيدة في المقام الأول. في الواقع، يمكن الحكم على هذا التشغيل الآن في شكل منصف على أنه إخفاق – وإخفاق محرج للطرف المسؤول في ضوء ما جرى.

ثمة شركات مياه أخرى، كما يقولون، وهي ليست في حال مؤسفة مثل الشركة التي تحمل اسم نهر التايمز، لكن أفضل ما يمكن أن يقال عما يجري هو أن ذلك إثبات على أن كون شركة مياه مملوكة من مساهمين فإن ذلك لا يضمن بالضرورة نظافة الأنهار وخدمة عملاء رائعة، بل وحتى دخلاً ثابتاً موثوقاً لمالكيها.

معظم الشركات الخاصة، على غرار “مياه التايمز”، والمثقلة بكثير من الديون وبإدارة مشكوك فيها، تكون نتيجتها الإفلاس، للأسف، ويكون مصير الموظفين والأصول والمساهمين والعملاء متروكاً لحركة السوق. لكن بالنسبة إلى شركة مياه، ولأسباب واضحة تتعلق بإمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي، لا يمكن تركها تقفل أبوابها وحسب. كما كان عليه الحال مع المصارف الكبرى خلال الأزمة المالية العالمية، وبعد ذلك مع عديد من الشركات المشغلة للقطارات المفلسة، تعد “مياه التايمز” “أكبر من أن تترك لتنهار” too big to fail، ويجب إنقاذها.

ربما كان من الممكن إبقاء “مياه التايمز” في القطاع الخاص، لو كانت هيئة تنظيم خدمات المياه نظمتها في شكل أفضل. كان “من الممكن” منع “مياه التايمز”، أثناء امتلاكها سابقاً من أحد المصارف، من الاقتراض كثيراً كما حصل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عليكم أن تتساءلوا عما إذا كان الارتفاع الحالي في معدلات الفائدة جعل من الصعب على “مياه التايمز” الالتزام بديونها البالغة 14 مليار جنيه إسترليني (17.7 مليار دولار) – أو “إعادة جدولتها” Remortgage – مما أثار بالتالي الأزمة الحالية.

على أية حال، إذا عجزت الشركة عن تسديد ديونها، لا يمكن للحكومة البريطانية ببساطة أن تسمح بإغلاق الصنابير والمراحيض في عاصمتنا – في إذلال وطني يضاف إلى كارثة السياسات التي انتهجها حزب المحافظين. ماذا سيقول المديرون في فندق “سافوي” Savoy لضيوفهم الأميركيين والسعوديين والصينيين المذهولين إن لم يكن المنزعجين عندما تتوقف مياه الاستحمام؟ عذراً، لكن بريطانيا بعد “بريكست” لم تعد تشغل الصرف الصحي؟ جربوا باريس؟

ما حدث هو أن “مياه التايمز”، شأنها شأن الشركات الإقليمية الأخرى، كانت أطلقت في نظام يخضع إلى قليل من الإشراف البيئي عام 1989، التي كان من الممكن أن تخضع بالفعل إلى سيطرة أكبر بكثير تطاول كل شيء من إطلاقات مياه الصرف الصحي، إلى التسربات، إلى خطط الاستثمار، وصولاً إلى تحديد الرسوم المطلوبة من العملاء، والأرباح السهمية، ورواتب المسؤولين التنفيذيين ومكافآتهم – وحتى جودة البسكويت الذي يقدم خلال اجتماعات الفريق.

عند هذه النقطة عليكم أن تسألوا: ما المنفعة من التظاهر بأن هذه الشركة مناسبة في شكل طبيعي لكي تكون في القطاع الخاص؟ في هذا الصدد، يشبه قطاع المياه إلى حد كبير قطاع السكك الحديد، فكانت هذه الأخيرة احتكارات خاسرة ومضطربة عندما كانت جهات مؤممة وذات سمعة سيئة واستثمارات غير كافية، ونقلت تلك العيوب الأساسية نفسها إلى الملكية الخاصة.

نعم، قد نسأل أيضاً عن المقبل في هذا البلد. ربما بعد فترة غامضة من “الوصاية المالية” يستكشف فيها حل من حلول القطاع الخاص، ستضخ الدولة البريطانية الأموال اللازمة لإبقاء المياه متدفقة. وفي المقابل، قد تأخذ الدولة حصة كبيرة – ربما حصة كاملة – في أسهم “مياه التايمز” – لا إعانات من دون أن يحصل دافعو الضرائب على شيء في المقابل.

(بالمناسبة، كانت هذه هي الطريقة التي أنقذ بها غوردون براون وميرفن كينغ النظام المالي خلال الأزمة المصرفية عام 2008، وهو حل واضح ومنصف في شكل مثير للإعجاب).

بمجرد استقرار “مياه التايمز”، يمكننا النظر في مستقبلها مرة أخرى، وما إذا كان موردون آخرون بحاجة أيضاً إلى وضع “وصايا معيشية” [تنص على العلاجات المرغوبة في حال المرض العضال] إذا واجهوا مشكلات وجودية. وبالنظر إلى اتجاه معدلات الفائدة، قد تستعرض الخزانة وبنك إنجلترا مرة أخرى وفي شكل مفيد مرونة ما لدينا من صناديق التقاعد، والجهات الموردة للطاقة، وغيرها من الجهات المعرضة إلى تقلب كهذا.

على أية حال، انتهت تجربة الخصخصة العظيمة للمياه. فشلت، في الأقل في حال “مياه التايمز”، في تقديم الاستثمار الذي يتطلبه نظام المياه والصرف الصحي الفيكتوري الرائع لكن المتداعي في بريطانيا – والأميال من التمديدات وملايين من الجنيهات من معدات معامل المعالجة التي ستكون مطلوبة للتعامل مع حاجاتنا الحالية. وسيؤدي تغير المناخ وما يعقبه من نقص في المياه في الجنوب إلى زيادة الضغوط.

في نهاية المطاف، سيكون العملاء ودافعو الضرائب هم الذين سيدفعون الفواتير، إذ من المتوقع أن تقفز رسوم المياه بنسبة 40 في المئة، ذلك أن الخصخصة تركت المملكة المتحدة بلداً لا يمكنه حتى ضمان المياه النظيفة الجارية لشعبه – وهو أمر لم يحدث عندما كانت المجالس المحلية تدير محطات المياه البلدية.

في لندن، جرى أخيراً التوصل إلى حل لنظام المياه والصرف الصحي من خلال إجراءات قامت بها الدولة عندما أجبرت “الرائحة الكريهة الكبرى” في نهر التايمز البرلمان على اتخاذ إجراء، لأن النواب لم يعودوا قادرين على تجنب رائحة الفشل. والآن تمر حكومتنا بأزمة مماثلة – وإن كانت أقل حدة – بفضل تجربة الخصخصة. إنها الفكرة الثاتشرية التي وعدت بالكثير، لكنها أخفقت. ما الذي تقوله هذه التجربة عن كفاءة حزب المحافظين؟

كما تبدو الأمور، ستخسر المصارف وصناديق التقاعدي التي تملك “مياه التايمز” قريباً وعن حق ملكية الشركة وسيطرتها عليها. وأفضل شيء في المرحلة المقبلة هو إعادتها في شكل إلزامي إلى الملكية العامة، لأننا لا يمكن أن نخسر خدمات المياه النظيفة والصرف الصحي في لندن.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى