مقالات

كيف يستعد مستثمرو الأسهم في أوروبا للانتخابات الرئاسية الأمريكية ؟

يتأهب المستثمرون في أوروبا لاحتمال فوز دونالد ترمب، وهو الأمر الذي تسبب في السابق في أسوأ أداء للأسهم بالمنطقة مقارنة بنظيراتها الأميركية خلال أي من الإدارات الأميركية الثماني الماضية.

السياسات الحمائية التي قد يطبقها المرشح الجمهوري، والتي قد تستهدف الصناعات الأوروبية المعتمدة على التصدير إذا تفوق على كامالا هاريس مرشحة الديمقراطيين، تفسر سبب توقع بعض المستثمرين تكرار التاريخ نفسه في أسواق الأسهم.

يرى نيل بريل، الرئيس التنفيذي للاستثمار في “بريميير ميتون إنفستورز”، أن السوق في أوروبا بدأت تتوقع احتمال فوز ترمب، يقول: “بدأ الناس يتجنبون أنواع الاستثمارات التي لم تحقق أداءً جيداً خلال فترة رئاسة ترمب السابقة”.

بينما تحقق الشركات المدرجة في مؤشر “إس أند بي 500” (S&P 500) حوالي 72% من مبيعاتها في الولايات المتحدة، فإن شركات مؤشر “ستوكس 600” (Stoxx 600) الأوروبي لا تجني سوى 40% من إيراداتها داخل المنطقة نفسها. يأتي جزء كبير من البقية من الولايات المتحدة، وهي أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، حيث بلغ حجم التجارة بينهما 952 مليار دولار في 2023، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ”.

بدأ المستثمرون بالابتعاد عن الأسهم التي ترتبط بسياسات الديمقراطيين. فقد تراجع مؤشر أسهم مجموعة من الشركات الأوروبية التي يُتوقع استفادتها من “قانون خفض التضخم” الذي أطلقته إدارة بايدن، إلى جانب شركات الطاقة المتجددة، والشركات التي تحقق أفضل أداء عندما تكون العلاقات التجارية سلسة، بنحو 10% الشهر الماضي، وذلك بالتزامن مع زيادة الرهانات على فوز ترمب.

تشمل هذه القائمة شركات الطاقة المتجددة مثل “فيستاس ويند سيستمز”، وشركات المنتجات الاستهلاكية مثل “برنود ريكار” و”فولكس واجن”. على النقيض من ذلك، ارتفعت أسعار أسهم الشركات التي يرى بنك “يو بي إس” أنها مرشحة للاستفادة من فوز الجمهوريين.

تشمل هذه الشركات تلك التي تستفيد من إعادة توطين التصنيع في الولايات المتحدة، وعودة التضخم، وتراجع “قانون خفض التضخم”، وتقليل الدور الأميركي في الدفاع الأوروبي، وتوترات التجارة. تشمل هذه الشركات مجموعات دفاعية مثل “راينميتال” و”تاليس” وشركة التبغ الكبرى “إمبريال براندز”.

فيما يلي نظرة على الأسهم والقطاعات الأكثر احتمالاً لتأثرها بفوز ترمب، وتلك التي تتأثر بمقترحات هاريس:

تهديد الرسوم الجمركية

يُعتبر رفع الرسوم الجمركية على الواردات وتخفيض ضرائب الشركات من أبرز ملامح سياسة ترمب الاقتصادية. إذ اقترح رفع الرسوم إلى 60% على الواردات الصينية، و20% على الواردات من بقية العالم، مما يثير القلق لدى قادة الشركات الأوروبية. إلى جانب أي ضربة مباشرة، قد تتعرض شركاتهم للخطر إذا صدرت إجراءات انتقامية من الصين.

قال استراتيجيون في “بنك أوف أميركا” بقيادة سيباستيان ريدلر في مذكرة إن “اكتساح الجمهوريين قد يمنح الحكومة المجال الأوسع لفرض رسوم جمركية أعلى وضرائب أقل على الشركات”، وأضافوا: “سيجعلنا ذلك حذرين من القطاعات الأوروبية ذات الانكشاف الكبير على المبيعات بالولايات المتحدة”.

تشير تقديرات الاستراتيجيين في “مورغان ستانلي” بقيادة مارينا زافولك إلى أن فرض رسوم جمركية عالمية بنسبة 10% قد يخفض نمو أوروبا بنحو 0.3 إلى 0.6 نقطة مئوية.

في إشارة أخرى إلى توجه المستثمرين، تراجع مؤشر “غولدمان ساكس” للشركات التي تتعرض للرسوم الجمركية الأميركية مقارنة مع الشركات ذات الإنتاج الكبير في أميركا خلال العام الماضي. تشمل الشركات المتعرضة للرسوم شركات السيارات الألمانية “مرسيدس بنز”، و”بورشه” و”بي إم دبليو”، وشركات المشروبات “برنود ريكار” و”ريمي كوانترو” و”دياغيو”، إضافة إلى شركات الصناعات مثل “سيغنيفاي” و”لوغران” و”أسا أبلوي”.

مع ذلك، قد يؤدي فوز هاريس إلى ارتفاع أسعار الأسهم التي تعاني حالياً بسبب تهديد الرسوم الجمركية. قال استراتيجيون في “باركليز” بقيادة إيمانويل كو في مذكرة: “إذا فازت هاريس، فقد نشهد تخفيضاً في علاوة المخاطر المتعلقة بالرسوم الجمركية على الأسهم الأوروبية، مع احتمالية استفادة القطاعات ذات التعرض الكبير للتجارة والصين، حيث يجري بالفعل تسعير بعض المخاطر الجمركية”.

صناعة السيارات

تستحق شركات السيارات الأوروبية اهتماماً خاصاً في مسألة الرسوم الجمركية، إذ إن قطاع السيارات في مؤشر “ستوكس 600” هو الأسوأ أداءً هذا العام، وقد يكون عرضةً للضرر. تعهد ترمب بتقديم إعفاءات ضريبية للأميركيين الذين يشترون سيارات مصنعة في الولايات المتحدة فقط، ويدعم فرض رسوم باهظة على السيارات المستوردة من المكسيك والصين تصل إلى 1000%.

من بين المصنعين الأوروبيين، أشار المحلل في “جيفريز” فيليب هوشوا إلى أن شركات مثل “بي إم دبليو” و”مرسيدس بنز” تتمتع بتوازن أفضل في الإنتاج الأميركي مقارنة بـ”فولكس واجن” التي تدير أحد أكبر مواقع التصنيع في المكسيك، و”بورشه” التي تعتمد فقط على الواردات.

يشكل التعديل المحتمل من إدارة ترمب فيما يتعلق بأهلية السيارات الكهربائية للحصول على حوافز قانون “خفض التضخم” تهديداً لشركات السيارات الكهربائية الأوروبية، حيث قد يصبح من الصعب على هذه السيارات الحصول على الدعم، بينما تستفيد الصناعات التي تحظى بتفضيل الجمهوريين، مثل احتجاز الكربون وإنتاج الهيدروجين بمساعدة الوقود الأحفوري.

الطاقة المتجددة

يُنظر إلى إلغاء قانون “خفض التضخم” بشكل كامل على أنه غير مرجح تحت إدارة ترمب، بالنظر إلى الأموال التي تدفقت بالفعل إلى الولايات التي تميل إلى الجمهوريين. مع ذلك، فإن حملته ضد ما أسماه “احتيال الصفقة الخضراء الجديدة”، قد تجعل صناعة طاقة الرياح البحرية تحت المجهر.

يقول محللو “يو بي إس” إن نتيجة الانتخابات ستكون حاسمة فيما يتعلق بشركات مثل “أورستد” الدنماركية. وقد تتعرض هذه الصناعة لضغوط إذا قرر ترمب تعليق الموافقات على مشاريع جديدة.

من بين الأسهم الأخرى التي تحتل محور التركيز شركة إنتاج طاقة الرياح البرتغالية “إي دي بي رينوفافيس”، حيث ترى المحللة في “سيتي غروب” جيني بينغ أن نتائج الشركة قد تبدو “غير ذات أهمية” كمحرك لسعر السهم مقارنة بنتيجة الانتخابات.

أضافت بينغ “إذا فاز ترمب، نعتقد أن أسهم (إي دي بي) قد تتأثر سلباً على صعيد معنويات المستثمرين”.

على النقيض، قد تستفيد الشركات المتعرضة للوقود الأحفوري. قال توماس زلوودزكي، الاستراتيجي في “أودو بي إتش إف” (Oddo BHF) إن سياسات ترمب الأكثر تسبباً في التضخم ستفيد قطاعات مثل النفط وأسهم خدمات النفط، بما في ذلك شركات كبرى مثل “بي بي” و”توتال إنرجيز” و”ريبسول”.

أسهم الدفاع

قد تبرز شركات الدفاع الأوروبية مثل “بي إيه إي سيستمز”، و”راينميتال” و”تاليس” في حال قرر مستشارو ترمب مطالبة حلفاء الناتو بزيادة إنفاقهم على الدفاع.

يرى استراتيجيون في “بنك أوف أميركا” أن الضغط المتزايد من ترمب على أعضاء الناتو للقيام بذلك (أي بزيادة الإنفاق على الدفاع) قد يكون له أثر إيجابي على القطاع.

كذلك، قد تكون أسهم الدفاع حساسة تجاه أي مستجدات حول أوكرانيا، بالنظر إلى أن ترمب صرح أنه سيعمل على إنهاء الحرب عبر التواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أيام من انتخابه لإبرام صفقة. في المقابل، رفضت هاريس فكرة المحادثات المباشرة مع بوتين.

مع ذلك، ينصح بعض الخبراء المستثمرين بالنظر إلى ما هو أبعد من الضجيج السياسي، والتركيز على كيفية متابعة الشركات لاستراتيجياتها، بدلاً من التركيز فقط على نتيجة الانتخابات.

قالت فريدريك كارير، رئيسة استراتيجيات الاستثمار في “آر بي سي ويلث مانجمنت”: “رسالتنا الرئيسية للعملاء هي أن دورة الأعمال، ودورة الابتكار، ودورة الأرباح هي محركات أهم بكثير للأسواق المالية على المدى المتوسط إلى البعيد، من هوية الشخص الذي سيجلس في البيت الأبيض”. أضافت: “لكن مع ذلك، يمكن للانتخابات أن تسبب بعض التقلبات”.


Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى