أسواق النفط تترقب تحولات مؤثرة .. التصويت حول سقف الدين الأمريكي ونتائج اجتماع «أوبك+»
تواصلت تذبذبات أسعار النفط الخام وسط حالة عدم اليقين بشأن صفقة سقف الديون الأمريكية، التي يتم تمريرها من خلال الكونجرس والتي لا تزال عالقة مع إعلان بعض الجمهوريين أنهم سيرفضون الصفقة، وبالتالي تغذي جاذبية الدولار كملاذ آمن مع النفور من المخاطرة، ما دفع الدولار الأمريكي إلى الارتفاع والضغط الهبوطي على النفط وفق العلاقة العكسية بينهما.
ويستمر تراجع أسعار النفط الخام على خلفية قوة الدولار، وسط ترقب السوق قرار “أوبك+” خلال أيام بشأن مستوى الإنتاج الجماعي.
ويقول لـ «الاقتصادية» محللون نفطيون، إن معنويات السوق هبطت نسبيا، بعد أن أدى مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصيني إلى تفاقم التوقعات السلبية بشأن الطلب، حيث وصلت الأرقام الفعلية إلى أدنى مستوى في العام الجاري مع تسليط الضوء على حالة الانكماش للاقتصاد الصناعي الصيني.
وفي سياق متصل، أعلنت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” رسميا عقد ثلاثة اجتماعات وزارية حضورية في فيينا يومي السبت والأحد المقبلين. وقال بيان لـ”أوبك” إن الاجتماع الوزاري 186 (العادي) لمنظمة أوبك سيبدأ السبت المقبل يعقبه الاجتماع الـ49 للجنة المراقبة الوزارية المشتركة والاجتماع الوزاري الـ35 لـ “أوبك” و”أوبك+” الأحد المقبل.
يشار إلى أن الاجتماعات الثلاثة ستناقش سياسة الإنتاج الجماعي لـ23 منتجا أعضاء في تحالف “أوبك+” ومدى فاعلية تخفيضات الإنتاج المطبقة حاليا وسبل تعزيز الاستقرار في سوق النفط.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة “إنرجي شتايرمارك” النمساوية للطاقة، إن قوة الدولار تكبح مكاسب النفط الخام على نحو واسع، لكن تقارير دولية ترى أنه على الرغم من أن هناك مجالا لمزيد من الاتجاه الصعودي على المدى القصير إلا أنه على المدى المتوسط قد يحدث ضعف للدولار في حالة تمرير سقف الدين الأمريكي عبر الكونجرس ومضي منظمة “أوبك+” في تخفيضات الإنتاج المخططة.
وأشار إلى أن الاجتماع الوزاري المقبل لتحالف “أوبك+” حاسم ومؤثر في السوق على نطاق واسع، خاصة أن أغلب التوقعات في سوق النفط الخام تميل إلى إضافة تخفيضات إنتاج جديدة لمواكبة المخاوف من الركود الاقتصادي العالمي، في ضوء الرفع المتكرر لأسعار الفائدة الأمريكية.
ويشير سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، إلى أن أسبوعا حاسما في انتظار سوق النفط، مع انعقاد اجتماع وزراء تحالف “أوبك+”، ومن المقرر أن تتوصل مفاوضات سقف الديون الأمريكية إلى نتيجة في الوقت نفسه تقريبا، لذا فمن المؤكد أن أسواق النفط ستكون في حالة تأهب لتغيرات وتحولات جديدة ومؤثرة.
وأضاف أن لدى “أوبك+” كثيرا من القدرات المرنة لإدارة المعروض النفطي العالمي إلى جانب الطاقة الاحتياطية الفائضة لدى كبار المنتجين، مشيرا إلى جاهزية “أوبك+” لإجراء مزيد من التخفيضات إذا لزم الأمر، ولا سيما أن تقارير دولية غير رسمية تحدثت عن أن المجموعة تعد أن 70 دولارا للبرميل هو الحد الأدنى لأسعار النفط.
من ناحيته، يتفق جوران جيراس مساعد مدير بنك “زد أيه إف” في كرواتيا مع أن السوق الفعلية للنفط الخام تشير إلى أن الإمدادات النفطية أكثر من كافية لتلبية الطلب الفاتر، خاصة أن البيانات الصينية جاءت أقل من المتوقع، ما يبشر بوتيرة من التعافي أقل من الطموحات والتوقعات الدولية السابقة.
ونبه إلى انخفاض أسعار النفط الخام بنحو 13 في المائة هذا العام، وسط تعافي الصين الباهت من سياسة صفر كوفيد والمخاوف بشأن التشديد النقدي القوي في الولايات المتحدة، كما يعكس سوق العقود الآجلة أيضا معروضا وافرا على المدى القصير.
وتؤكد ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام، أن كل الأنظار تتجه صوب الاجتماع المقبل لتحالف “أوبك+” يومي السبت والأحد المقبلين، وسط ارتباك حسابات السوق النفطية، بعد أن قالت روسيا في الأسبوع الماضي إن تحالف “أوبك+” من غير المرجح أن يتخذ أي إجراءات أخرى في اجتماعه المقبل.
وأوضحت أنه على الرغم من تعهد روسيا في السابق بخفض الإنتاج إلا أن تدفقات النفط الخام إلى الأسواق الدولية لا تظهر أي علامة جوهرية على القيود وفي الوقت نفسه تهدف البلاد إلى زيادة صادراتها اليومية من الديزل من الموانئ الغربية الرئيسة بنحو الثلث في حزيران (يونيو)، حيث تستأنف بعض المصافي عملياتها الكاملة بعد الصيانة الموسمية.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، واصلت أسعار الخام خسائرها في مستهل تعاملات أمس، في وقت تزايدت فيه المخاوف بشأن احتمالات تباطؤ الطلب على النفط من الصين، أكبر مستوردي النفط في العالم، وذلك بعد صدور بيانات اقتصادية أضعف مما كان متوقعا، إضافة إلى التقدم الإيجابي البطيء بشأن الاتفاق على سقف الديون الأمريكية.
وكانت أسعار خام برنت القياسي قد عمقت خسائرها بنهاية تعاملات الثلاثاء إلى نحو 4.5 في المائة إذ تخلت عن المكاسب المحققة في السابق، بسبب المخاوف من جدوى اتفاقية سقف الديون، وتأثيرها في معنويات السوق، بجانب توقعات العرض قرب اجتماع “أوبك”.
وهبطت العقود الآجلة لخام برنت تسليم آب (أغسطس) 1.29 دولار أو 1.75 في المائة إلى 72.42 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:13 بتوقيت جرينتش، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.28 دولار أو 1.84 في المائة إلى 68.18 دولار للبرميل.
وأظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة، أمس، أن إنتاج الحقول الأمريكية من النفط الخام ارتفع في آذار (مارس) إلى 12.696 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى منذ مارس 2020، عندما بدأت جائحة فيروس كورونا في تقليص الطلب العالمي على الطاقة.
من جانب آخر، انخفضت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 75.19 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 76.88 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما إنتاج الدول الأعضاء حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق، وأن السلة خسرت أقل من دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 75.96 دولار للبرميل.
Source link