عالمي

صندوق النقد: اقتصاد السعودية في نمو متسارع وسط مواجهة التحديات

اختتم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، مشاورات المادة الرابعة لعام 2025 مع السعودية، مثنياً على قدرة البلاد على الصمود بقوة في مواجهة الصدمات، في وقت تُواصِل الأنشطة الاقتصادية غير النفطية نموها، ووسط تقييد للتضخم، وانخفاض غير مسبوق بمعدلات البطالة.

التقرير الذي طالعته “اندبندنت عربية” أشار إلى أنه على رغم تصاعد حال عدم اليقين وانخفاض أسعار السلع الأولية، فلا تزال هوامش الأمان الخارجية والمالية كبيرة، حتى مع استمرار العجز في الحساب الجاري والمالية العامة على المدى المتوسط.

حقق الاقتصاد السعودي في عام 2024 نحو 4.5 في المئة من النمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، مدفوعاً بقطاعات تجارة التجزئة والضيافة والبناء، وفي الوقت ذاته أدى تخفيض الإنتاج بموجب اتفاقية “أوبك+” إلى استمرار إنتاج النفط عند 9 ملايين برميل يومياً، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 4.4 في المئة في إجمالي الناتج المحلي النفطي.

ويلفت تقرير الصندوق إلى نجاح سياسات الرياض في احتواء التضخم، مع استمرار تباطؤ الارتفاع في إيجارات المساكن، وتراجع معدل بطالة المواطنين السعوديين إلى مستوى قياسي، في حين انخفضت معدلات بطالة الشباب والنساء بمقدار النصف على مدار فترة بلغت أربعة أعوام.

لا يزال القطاع المصرفي قوياً، إذ يتسم بارتفاع رأس المال والربحية، مع بلوغ القروض المتعثرة أدنى مستوياتها منذ عام 2016، وذلك على رغم تحول الحساب الجاري من فائض نسبته 2.9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2023 إلى عجز بلغ 0.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، يُمَوَّل بصورة متزايدة من خلال الاقتراض الخارجي والحد من تراكم الأصول بالنقد الأجنبي في الخارج، لكن ذلك لم يمنع من استقرار صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي السعودي (ساما) بقيمة قدرها 415 مليار دولار، أي ما يغطي 187 في المئة من مقياس صندوق النقد الدولي لكفاية الاحتياطات.

هكذا سيرتفع النمو غير النفطي

وفي ظل تصاعد حال عدم اليقين وتراجع أسعار السلع الأولية، يرى الصندوق أن الطلب المحلي القوي، بما في ذلك المشروعات بقيادة الحكومة، سيظل يدفع النمو غير النفطي إلى مستوى أعلى من 3.5 في المئة على المدى المتوسط، مرجعاً ذلك إلى الاستمرار في تنفيذ مشروعات “رؤية السعودية 2030” وإلى استضافة فعاليات دولية كبرى.

وتتوقع المؤسسة الدولية تسارع وتيرة إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 3.9 في المئة بحلول عام 2026، بدعم من الإلغاء التدريجي المستمر لتخفيض الإنتاج بموجب اتفاقية “أوبك+”.

على جانب آخر، تشير المؤسسة إلى أن أخطار التطورات السلبية تحيط بالآفاق على المدى القريب، بما في ذلك ضعف الطلب على النفط نتيجة للتوترات التجارية العالمية، وانخفاض إنفاق الحكومة، والأخطار الأمنية الإقليمية التي يمكن أن تضعف معنويات المستثمرين، وفي أخطار تقابل على جانب إيجابي آخر، بارتفاع إنتاج النفط أو تنفيذ استثمارات إضافية مرتبطة بمبادرات “رؤية السعودية 2030″ بما يدعم النمو، وقد ترتفع أسعار النفط في حال اكتساب التعافي العالمي قوة أكبر أو في حال اضطراب عرض النفط العالمي.

واتفق المديرون التنفيذيون مع الخط العام لتقييم خبراء الصندوق، وأثنوا على الأداء الاقتصادي القوي للبلاد، والذي تحقق بدعم من الإصلاحات الجارية في ظل “رؤية السعودية 2030” لتنويع نشاط الاقتصاد السعودي، ورحبوا بقوة النشاط الاقتصادي غير النفطي، وتراجع التضخم وانخفاض البطالة إلى معدلات غير مسبوقة المدعومة بسياسات اقتصادية كلية المناسبة، وهوامش احتياط كبيرة، وزخم إصلاحي مثير للإعجاب.

وأيد المديرون انتهاج سياسة مالية معاكسة للاتجاهات الدورية على المدى القريب، نظراً لهوامش الأمان المالي الوفيرة، وذلك لدعم النمو وتجنب تضخيم تأثير التقلبات الكبيرة في أسعار النفط. ورحبوا بتخطيط الحكومة للطوارئ وحثوا على توخي العناية عند النظر في المفاضلات المتعلقة باستخدام هوامش الأمان المالي.

ماذا عن الأجور ودعم الطاقة؟

وعلى المدى المتوسط، اتفق المديرون على الحاجة إلى ضبط أوضاع المالية العامة بالتدريج لتحقيق العدالة بين الأجيال، من خلال إصلاحات السياسة الضريبية الأوسع نطاقاً لزيادة الإيرادات غير النفطية، واحتواء فاتورة الأجور، وإصلاح دعم الطاقة إلى جانب تحسين توجيه شبكات الأمان الاجتماعي لمستحقيها، وترشيد النفقات غير الأساسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأثنى المديرون على السلطات، وما حققته من تقدم في تقوية مؤسسات المالية العامة، وحثوها على مواصلة بذل الجهود لتعزيز إطار المالية العامة متوسط الأجل، وشجعوا على تفعيل قاعدة للمالية العامة تقوم على النفقات، وعلى إجراء تحسينات في تنفيذ الموازنة، وتفعيل إطار شامل لإدارة الأصول والخصوم السيادية.

ويثني صندوق النقد على التقدم المحرز على صعيد شفافية المالية العامة مع تعزيز التحليل المالي والإفصاح عن البيانات، وبالجهود الجارية لتحليل الأخطار، بما فيها الالتزامات الاحتمالية، وشجع على تحقيق مزيد من التقدم في هذه المجالات.

واتفق مديرو الصندوق على أن نظام ربط العملة بالدولار لا يزال ملائماً، ورحبوا بأوجه التحسن في إطار إدارة السيولة وأشاروا إلى أن العمليات النقدية ينبغي أن تواصل التركيز على تمهيد السيولة في الأجل القصير من دون أن تفضي إلى إذكاء نمو الأصول والائتمان.

وذكر المديرون أن الجهاز المصرفي لا يزال متمتعاً بمستويات جيدة من رأس المال والربحية، علاوة على أن أوضاع السيولة كافية، ومواطن الضعف في القطاع المالي المؤثرة على النظام متدنية، ورحبوا بمواصلة التقدم في تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والرقابية في القطاع المصرفي وحثوا على سرعة اعتماد نظام المصارف والانتهاء من وضع إطار إدارة الأزمات.

ما هي أبرز النصائح؟

ووفق التقرير، أثنى المديرون على التقدم الجيد في تنفيذ توصيات تقرير تقييم القطاع المالي، وتوخي البنك المركزي السعودي اليقظة في رصد الأخطار المحتملة، ورحبوا بمراجعته الاستباقية لأدوات السلامة الاحترازية الكلية من أجل ضمان استمرار الاستقرار المالي، وذلك بوسائل منها تحديد هامش الأمان الرأسمالي المعاكس للتقلبات الدورية أخيراً وهو 100 نقطة أساس، مرحبين بمواصلة التقدم في تعميق السوق المالية المحلية، وهو أمر مهم للمساعدة على تنويع مصادر التمويل.

لاقت الإصلاحات الهيكلية منذ عام 2016 إشادة خبراء الصندوق، وأكدوا أهمية المحافظة على زخم الإصلاح بغض النظر عن تطورات أسعار النفط. ورحبوا بصفة خاصة بأوجه التحسن في البيئة التنظيمية وبيئة الأعمال، ورأس المال البشري، ومشاركة المرأة في سوق العمل، والحوكمة. وذكروا أنهم يتطلعون إلى التحسن المستمر في حصول المنشآت الصغيرة والمتوسطة على التمويل، والتكامل التجاري الإقليمي، والصمود في مواجهة تغير المناخ.

وأشار المديرون إلى أن السياسات الصناعية ينبغي أن تظل مكملة للإصلاحات الهيكلية، وأن تكون موجهة وموقتة وشفافة، كما ينبغي أن يتواصل إعطاء الأولوية لجذب استثمارات القطاع الخاص والمُضي قُدُماً في تنويع النشاط الاقتصادي.

 كان دور الرياض الدعم لاستقرار المنطقة موضع ثناء المؤسسة الدولية، إذ ترى أن دور البلاد القيادي المنتديات متعددة الأطراف، بما فيها مجموعة العشرين، ودورها في رئاسة اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية يؤسس لتلك الحال، معبرين عن تطلعهم إلى استمرار مساهماتها في معالجة التحديات العالمية.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى