خليجي

50.5 مليار قروض دولارية مجمعة في السعودية خلال عام .. الأعلى منذ 3 عقود

سجلت أنشطة القروض المجمعة المقومة بالعملة الدولارية للجهات السعودية خلال عام 2021، أعلى مستوى لها منذ ثلاثة عقود بحسب حسابات وحدة التقارير الاقتصادية، وذلك في بيانات لافتة فاجأت مصرفيي القروض، وفي مؤشر يعكس الحراك الاقتصادي والمشاريع الكبرى التي يجرى تنفيذها بالسعودية بوتيرة سريعة.
وسجلت صفقات القروض المجمعة للجهات السعودية ذات الملكية الحكومية، أعلى نمو منذ أعوام، وذلك على خلفية انخفاض المرجع التسعيري للقروض الدولارية لمستويات تاريخية متدنية، الأمر الذي شجع المقترضين السعوديين لجمع التمويل من البنوك الدولية.
وكشفت بيانات تنشر للمرة الأولى أن إجمالي ما جمعته الجهات السعودية بلغ 50.50 مليار دولار مقارنة بـ19.80 مليار دولار في 2020، بحسب بيانات “ريفينيتيف”.
وأشارت إفادة إعلامية حصلت عليها الاقتصادية من منصة “ريفينيتيف” إلى أن بيانات القروض المجمعة للسعودية المسجلة في 2021 تعد رقما قياسيا، وذلك منذ بدء رصد سجلات مستويات الإقراض المصرفي في 1992.
ووفقا لتحليل وحدة التقارير في صحيفة “الاقتصادية”، فإن نسبة نمو إجمالي القروض المجمعة للسعودية بلغت 155 في المائة مقارنة بعام 2020.
وتضاعفت أحجام القروض الدولارية من السوق المصرفية الخارجية التي جمعتها الجهات السعودية لأكثر من الضعف، وذلك وسط التوجه نحو العمل على مشاريع الرؤية، الأمر الذي حول السعودية الى أحد أبرز أهم الأسواق للقروض الدولارية في الأسواق الناشئة.
وأوشكت الحصة السوقية للسعودية في سوق “القروض المجمعة” في المنطقة الخليجية على ملامسة النصف، حيث قفزت من 28.86 في المائة في 2020 إلى 48.36 في المائة في 2021.
وتظهر بيانات الإقراض الدولاري كيفية نجاح الجهات السعودية في الحصول على قروض منخفضة التكلفة من قبل البنوك الدولية التي تبحث عن صفقات كبرى بالمملكة.
أعداد الصفقات
وأظهرت بيانات مالية أن المقترضين السعوديين والمشاريع المرتبطة بالرؤية، رفعت أحجام “القروض المجمعة” الدولارية للمملكة بأعلى وتيرة منذ عدة أعوام.
وقفزت أعداد صفقات القروض المجمعة المقومة بالدولار لمستوى قياسي، وذلك بدعم من مستويات الفائدة المتدنية لسوق الإقراض المصرفية في الخليج.
وأظهرت بيانات حصلت عليها الاقتصادية من منصة “ريفينيتيف” وهي الشركة المملوكة لمجموعة بورصة لندن للأوراق المالية، أن أعداد صفقات القروض المجمعة للجهات السعودية نمت بمقدار 87.5 في المائة مقارنة بعام 2020 وفقا لتحليل الاقتصادية.
وأشارت بيانات منصة البيانات والمعلومات “ريفينيتيف” إلى أن أعداد الصفقات من القروض بلغت 15 صفقة مقارنة بثماني صفقات في 2020.
ومنصة “ريفينيتيف” تعد أحد أكبر مزودي البيانات الخاصة بالأسواق المالية في العالم، حيث يستعين أكثر من 400 ألف مستخدم ببياناتها النوعية.
وتقوم المنصة بجمع وتوفير المعلومات وتحديد أبرز التوجهات والتكنولوجيات التي تمكن العملاء من القيام بالاستثمارات، وإجراء عمليات التداول وتسهم في دعم الأداء، والابتكار ونمو الأعمال.
التحديات
ونقلت منصة “ريد” المختصة بالتحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت بالأسواق الناشئة، عن أحد المصرفيين قوله: إن التحديات التي تواجه الجهات التي تبحث عن جمع القروض الدولارية تكمن في التضخم والأزمة الأوكرانية وارتفاع أسعار الفائدة.
ومعلوم أن منصة “ريد” مختصة بمتابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.
ومعظم القروض الدولارية عموما، سواء القروض الثنائية أو نظيرتها المجمعة تستعين بالمرجع التسعيري الليبور وهو سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن، حيث يعد الليبور من أهم مؤشرات الفائدة العالمية التي تستخدم بأسواق النقد ومعظم العقود المصرفية الدولارية.
وفي 2020 و2021 كثر إقبال الجهات الخليجية مع خيار القروض المصرفية المجمعة أو الثنائية بعد انخفاض أسعار الفائدة، الأمر الذي أسهم في تخفيض تكلفة التمويل على تلك الجهات.
وبخلاف التكلفة المتدنية التي وفرتها البنوك الدولية لعملائها الخليجيين من أصحاب التصنيفات الائتمانية من الدرجة الاستثمارية خلال تلك الفترة، فإن بعض الجهات الحكومية مالت لخيار الاستدانة الدولارية عبر القروض من أجل عدم مزاحمة القطاع الخاص على السيولة المحلية لكون القروض في تلك الحالة ستكون مقومة بالعملات المحلية.
وبعد الهبوط المتواصل لمعدلات الفائدة الدولارية خلال 2020 و2021، كان أصحاب القروض الدولارية “القدامى” من الخليجيين والسعوديين من أكثر المنتفعين من تدني مستويات الليبور، وذلك بعدما أصبحت قروضهم القائمة، في ذلك الوقت، تصنف على أنها ذات “فائدة متدنية”، إذ تحمي البنود التعاقدية المستدينين من دفع فائدة أعلى.
توطيد العلاقة
نجحت البنوك التي وطدت علاقاتها التجارية مع عملائها القدامى من الشركات، في تزويدهم بخطوط ائتمانية تنافسية خلال عامين، وكانت فيها تكلفة القروض البنكية مقبولة بفضل “بنوك العلاقات” مقارنة بالاستدانة الخارجية الدولارية المرتفعة.
وتعمد البنوك إلى إقامة العلاقات مع العملاء أو توطيدها عن طريق تقديم تمويل رخيص نسبيا على أمل الفوز بمزيد من الأعمال في مجالات مثل تمويل التجارة وأسواق المال والأسهم.
وبعبارة أخرى، أظهرت الجائحة وفاء “بنوك العلاقات العملية” مع عملائها القدامى وذلك عبر تطبيق مفهوم “إقراض لإقامة علاقة تجلب أنشطة تجارية بالمستقبل من العميل” وهذه تزيد تقدير العملاء لتلك المؤسسات المالية التي تقف إلى جانبهم.
القروض المجمعة والتفاوض
ومع القروض المجمعة، يتم تحديد بضعة بنوك كبرى وتوزيع حصص التغطية عليهم. وفي المرحلة الثانية يقوم كل بنك بتخصيص حصة أصغر لبنوك أخرى.
إحدى الطرق التي تستخدمها الشركات الخليجية مع البنوك الدولية تدور حول أن البنوك التي ستشارك في القروض المجمعة ستكون لديها فرصة أكبر لاختيارها من أجل ترتيب الإصدار المقبل من أدوات الدين.
وبمعنى آخر: على كل بنك يرغب في أن يكون مرتبا لإصدار السندات أو الصكوك الدولية أن يقدم أرخص تسعير للقرض، حيث تنظر البنوك الدولية إلى مثل هذه العمليات كوسيلة لتعزيز العلاقات مع العملاء الخليجيين.
ومع العلم أن العملاء الخليجيين ذوي الملاءة المالية العالية يدخلون مفاوضاتهم مع البنوك الدولية تحت مبدأ “الحصول على قروض بتكلفة زهيدة” مقابل منح الأفضلية للبنوك الأكثر ولاء خلال الصفقات المستقبلية.
إطالة أجل القروض
ونشرت “الاقتصادية” تحليلا في 3 يونيو 2021 أشارت فيه إلى ازياد وتيرة الشركات الخليجية التي تفضل إطالة أجل القروض البنكية التي اقتربت من دنو أجل استحقاقها، وبخلاف فائدة تحسين التدفقات النقدية وقائمة المركز المالي، فمن شأن تلك الخطوة أن تقود إلى تخفيض تكلفة الاستدانة مقارنة بخيار توقيع قرض جديد أو إعادة تمويله.
وأسهم وجود بنود قانونية بالعقود الموقعة سابقا في تسهيل حصول بعض المقترضين على هذا الخيار القانوني الذي يجنبهم دفع هوامش ائتمانية مرتفعة.
ويقصد بخيار إطالة أمد الاستحقاق أن بعض القروض البنكية يتم توقيعها لأجل عام واحد على سبيل المثال، لكن ضمن بنود العقد أن المقترض يملك خيار إطالة أجل الاستحقاق لعام آخر وفق شروط تمويلية قريبة من الشروط الأصلية السابقة.
الإقراض بالخفاء
وفي 2019 عندما كانت تتضاءل صفقات “القروض المجمعة” خارج منطقة الشرق الأوسط، أصبحت البنوك الأوربية والأمريكية تمارس أنشطة الإقراض بالخفاء وتتعمد عدم إشراك بنوك أخرى في عمليات الإقراض الصغيرة أو الأقل من المتوسطة، لتعطي بذلك ظهرها لتقاليد وأعراف القروض المجمعة التي تنضوي على إشراك عدة بنوك في عمليات الإقراض.
ومن أجل زيادة نمو محفظة الإقراض، تقوم تلك البنوك الدولية بالهيمنة قدر الإمكان على أكبر نسبة من القرض.
وبحسب التحقيق الذي نشرته “جلوبال كابيتال” البريطانية حينها، فإن تعطش بعض البنوك الأوربية لصفقات القروض جعلها تبدو أكثر شدة في التنافس للفوز بخطابات التفويض، لدرجة إقدامها على تخفيض هوامش الفائدة للقرض وهذه الاستراتيجية ستساعدها على تحمل هوامش الفائدة الضئيلة مقابل تحقيق نمو في محفظ الإقراض الخاصة بها.
مشاريع التمويل
وتركز نمو القروض بالسعودية على مزيج من فئة القروض الإسكانية الخاصة بالأفراد وكذلك فئة “مشاريع التمويل” التي تتميز باستحقاقاتهم طويلة الأجل، إذ يتم استخدام القروض المجمعة مع عمليات الإقراض الضخمة التي تقدمها البنوك لدعم المشاريع الكبرى التي تعرف بين البنوك بقروض تمويل المشاريع.
وبحسب حجم التمويل المطلوب من العميل، يحدد البنك إذا ما كان هناك حاجة إلى دعوة بنوك أخرى للمشاركة بالقرض المجمع أو الاكتفاء بالتمويل الفردي للمشروع.
الرسوم
وأظهرت البيانات التاريخية لدى “ريفينتيف” الشوط الكبير الذي قطعته سوق رسوم القروض الدولارية في المنطقة “خلال ما يقارب عقدين”، حيث كانت تصل إلى 14.17 مليون دولار في 2000 قبل أن تنهي 2018 عند 200.2 مليون دولار.
وارتفعت إجمالي الرسوم التي تتقاضاها البنوك الدولية على القروض المجمعة، في منطقة الخليج بنسبة 1312 في المائة، وذلك مقارنة بالرسوم التي تقاضتها بنهاية 2018، إضافة إلى ما كانت تتقاضاه من عملائها الخليجيين في عام 2000.
ووصل إجمالي الرسوم التي تقاضتها البنوك الدولية، خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2019 إلى 178.9 مليون دولار.
وتراوح رسوم القروض المجمعة للجهات السيادية بين 25 نقطة أساس وعشر نقاط أساس “من إجمالي القرض”، وقد تزيد أو تقل بحسب مكانة العميل للبنوك الدولية أو ظروف السوق، أو بحسب الجدارة الائتمانية للجهة السيادية.
وما رجح كفة القروض المجمعة الدولارية “على حساب نظيرتها المقومة بالريال، هو قرض الـ16 مليار دولار الذي تم لمصلحة حكومة المملكة في 2018، حيث يعد هذا القرض أحد أكبر القروض المجمعة على الإطلاق التي تقدم في الأسواق الناشئة، في ذلك الوقت، ما يؤكد المكانة المتزايدة للمملكة كمصدر ديون عالمي.
وتمت هيكلة القرض الدولاري ليدوم خمسة أعوام، حيث يحين أجل استحقاقه في 2023 وأضيفت شريحة تمويل إسلامي بنظام المرابحة إلى القرض، حيث قلص “هامش تكلفة التمويل” من 103 نقاط أساس مع قرض 2016 إلى 75 نقطة أساس مع قرض 2018 “فوق سعر الفائدة بين بنوك لندن “ليبور”.
ووصلت رسوم وهوامش الفائدة لقرض 2016 إلى 120 نقطة أساس، وخفض هذا الرقم إلى 84 نقطة أساس مع قرض 2018، و”الليبور” يعد نظير “السايبور” للفائدة المقومة بعملة الدولار.
إيجابية نسبة القروض إلى الودائع
وفي السعودية، ينعكس توظيف متحصلات الاكتتابات بشكل إيجابي تجاه الودائع الزمنية والادخارية على “نسبة القروض إلى الودائع”، التي تعطي وزنا أكبر على الودائع، التي ترتبط بفترة زمنية أطول، وذلك بعد أن غير المركزي السعودي “ساما” قواعد حساباته في 2018 من أجل تشجيع المصارف على إيجاد منتجات ادخارية من جهة، وكذلك زيادة حيز مساحة الاقتراض التي يمكن أن يوفروها لعملائهم. مع العلم أن نسبة القروض إلى الودائع للحد الأعلى نظاميا هي 90 في المائة.
أهمية الليبور مع تسعير القروض الدولارية
ويولي العاملون بأسواق النقد قصيرة الأجل وكذلك مصرفيو القروض أهمية بالغة لحركة الليبور سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن، وكما هو الحال مع السايبور، يعبر الليبور عن متوسط سعر الفائدة على المدى القصير .
ويتم تسعير معظم القروض الدولاية وفقا للفائدة المتغيرة التي تعتمد على حركة مؤشر الليبور الذي تتفاوت معدلاته وفقا لآجال متفاوتة.
ويتم اختيار الفائدة المتغيرة مع القروض المجمعة عموما، فهامش تكلفة التمويل ثابت لكن الذي يتغير هي الفائدة الخاصة بمؤشر القياس، حيث تزداد أو تنخفض الدفعات الدورية مع كل إعادة تقييم (re-setting) لليبور، التي ستتم خلال أعوام استخدام القرض.
ورغم أن الأغلبية العظمى من القروض المجمعة تكون بفائدة متغيرة، إلا أن هناك نسبة ضئيلة من القروض المجمعة تكون بفائدة ثابتة.
ومعلوم أن رصد الصحيفة بالشراكة مع ماكروبوند يفيد بأن الليبور منذ الاستخدام الرسمي له في 1986، لم يكسر حاجز الـ0.15 في المائة إلا في 2021.
وجاء الهبوط القياسي لـ”مؤشر تكلفة الاقتراض الدولاري”، في ذلك الوقت، ليعني أن الليبور قد سجل أدنى مستوياته منذ أكثر من 35 عاما، وذلك وفق منصة “ماكرو بوند” السويدية Macrobond المختصة باستعراض بيانات الاقتصاد الكلي.
وحدة التقارير الاقتصادية


Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى