مهمة جيروم باول أصبحت أسهل بعد بيانات التضخم الأخيرة

يبدو أن مهمة رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) باتت أسهل بعد ظهور بيانات التضخم الأخيرة، فقد أشارت بيانات التضخم لشهر يوليو (تموز) الماضي، إلى أن الهدف المزدوج للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة قد لا يكون في مأزق كبير كما كان الاقتصاديون يخشون سابقاً، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.2 في المئة على أساس شهري في الشهر السابق، وبنسبة 2.7 في المئة على أساس سنوي، وهو المستوى نفسه المسجل في يونيو (حزيران) 2025، أما التضخم الأساس فارتفع إلى 3.1 في المئة، ما أبقاه فوق هدف “الفيدرالي” البالغ 2 في المئة.
هل يفتح تراجع أسعار الطاقة الباب أمام خفض الفائدة؟
وأسهم انخفاض التضخم العام وتراجع أسعار الطاقة في تعزيز التوقعات بخفض سعر الفائدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، إلا أن المحللين حذروا من أن ارتفاع كلف الخدمات واحتمال تأثير الرسوم الجمركية قد يحدان من وتيرة التيسير النقدي في عام 2025.
وعلى رغم أن الأسواق رحبت بالبيانات، فإن مسؤولي “الفيدرالي” على الأرجح سيظلون يركزون على تقارير الوظائف المقبلة قبل الالتزام بخفض إضافي.
ما هي أسباب استقرار التضخم في يوليو؟
تقرير التضخم للشهر الماضي، جاء كما كان يأمل “الفيدرالي” والبيت الأبيض تقريباً، فقد أظهر ملخص مؤشر أسعار المستهلكين الصادر أمس الثلاثاء، أن التضخم ارتفع بنسبة 0.2 في المئة في يوليو الماضي، مقارنة بزيادة قدرها 0.3 في المئة في يونيو السابق له، وعلى مدى الاثني عشر شهراً الماضية، بلغ معدل التضخم العام 2.7 في المئة، وهو المستوى نفسه المسجل في يونيو 2025.
وقالت وزارة العمل الأميركية إن ارتفاع كلف السكن كان العامل الرئيس وراء الزيادة، إذ صعد مؤشر السكن بنسبة 0.2 في المئة في الشهر الماضي، وفي المقابل، بقيت فئات رئيسة مثل الغذاء شبه مستقرة، إذ انخفض مؤشر أسعار الغذاء المنزلي بنسبة 0.1 في المئة، بينما ارتفع مؤشر الغذاء خارج المنزل بنسبة 0.3 في المئة، وتراجع مؤشر الطاقة بنسبة 1.1 في المئة، وانخفضت أسعار البنزين بنسبة 2.2 في المئة.
هل ستستفيد سياسة ترمب الجمركية من التقرير المستقر؟
وبدأ ترمب وأنصاره باستغلال التقرير المستقر نسبياً للضغط على رئيس “الفيدرالي” جيروم باول لخفض سعر الفائدة الأساس، بحجة أن الرسوم الجمركية لم تثبت حتى الآن أنها تضخمية كما كان يخشى كثير من الاقتصاديين.
وقال الرئيس ترمب على منصة “تروث سوشيال” بعد صدور البيانات مباشرة، إن “جيروم المتأخر دائماً ويجب أن يخفض الفائدة الآن”.
هل تأجلت آثار الرسوم الجمركية على المستهلك؟
وعندما أعلن البيت الأبيض نظامه الجمركي، لا سيما بعد إعلان “يوم التحرير” في أبريل (نيسان) 2025، كان المحللون والمستثمرون يخشون أن تؤدي الكلف الإضافية الضخمة للتجارة العالمية إلى تمريرها للمستهلك الأميركي. وتشير الاستطلاعات إلى أن غالبية الشركات تخطط لتمرير هذه الزيادات في الرسوم إلى الجمهور، مما يرفع التضخم، لكن مع التوصل إلى اتفاقات مع شركاء رئيسين، وتأجيل تطبيق الرسوم مع دول مثل الصين، بدأ الاقتصاديون يتساءلون متى أو إذا سيظهر التأثير الأشد للسياسات الجمركية.
هل يعني التقرير احتمال خفض الفائدة في سبتمبر؟
ويبدو أن التقرير خفف من بعض التوترات التي كان أعضاء لجنة السوق المفتوحة يستعدون لها، فطوال أشهر، حذرت اللجنة من أنها تأخذ في الاعتبار جانبي تفويضها عند اتخاذ قرارات الفائدة، وتحقيق أقصى قدر من التوظيف، والحفاظ على التضخم عند 2 في المئة.
ومع صدور بيانات سلبية مفاجئة عن سوق العمل في وقت سابق من الشهر، كان تقرير تضخم مرتفع في الشهر الماضي سيزيد من حدة التضارب بين الهدفين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن العديد من المحللين يرون أن تقرير التضخم يمثل دليلاً إضافياً على احتمال خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل، إذ يعتقدون أن باول واللجنة يمكنهما الآن الاطمئنان أكثر في شأن تأثير الرسوم الجمركية، ومنح الاقتصاد وسوق العمل دفعة عبر خفض الفائدة.
هل خفض الفائدة في 2025 مضمون؟
عن ذلك، قالت كبيرة الاستراتيجيين في “برينسيبال أسيت مانغمنت” سيما شاه، أن “بيانات يوليو الماضي ليست ساخنة بما يكفي لتعطيل خطط البنك المركزي الأميركي لخفض الفائدة الشهر المقبل، وهناك بعض المؤشرات على انتقال تأثير الرسوم الجمركية إلى أسعار المستهلك، لكنها ليست كبيرة بما يكفي لقرع جرس الإنذار حالياً”، مشيرة إلى أن المزيد من الخفض في 2025 ليس أمراً مضموناً.
هل “الفيدرالي” سيستعجل خفض الفائدة الشهر المقبل؟
وعلى رغم أن باول يواجه انتقادات من البيت الأبيض، فإن المحللين يحذرون من الإفراط في التفاؤل في شأن مزيد من الخفض خلال العام، فلجنة السوق المفتوحة تعقد اجتماعها المقبل في الشهر المقبل، يليه اجتماعان في أكتوبر (تشرين الأول) ثم ديسمبر (كانون الأول) 2025، وأحد الأعضاء، ميشيل بومان، أكدت بالفعل أنها منفتحة على هذا المسار.
وفي مذكرة للعملاء، قالت رئيسة الأسهم العالمية لدى “يو بي أس” أولريكه هوفمان بورشارد “مع بقاء التضخم تحت السيطرة إلى حد كبير وسط تباطؤ الاقتصاد، يبقى سيناريو الأساس لدينا هو أن البنك سيستأنف خفض الفائدة في اجتماعه المقبل ويواصل الخفض بمقدار 100 نقطة أساس”.
هل تقرير الوظائف سيحدد الخطوة المقبلة؟
من جهته، قال نائب كبير الاقتصاديين في “أوكسفورد إيكونوميكس” مايكل بيرس، إن “تفاصيل تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لا تتضمن حتى خفضاً في سبتمبر المقبل”، مؤكداً أن بيانات الوظائف المقبلة ستكون العامل الأكثر تأثيراً في قرارات “الفيدرالي” المستقبلية.