عالمي

محافظ بنك إنجلترا: آثار “بريكست” السلبية ستستمر في المستقبل

حذّر محافظ بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) أندرو بيلي، من أن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيظل سلبياً في الاقتصاد “في المستقبل المنظور”، في أقوى تصريح يصدر عنه حتى الآن في شأن تداعيات “بريكست” على النمو الاقتصادي في البلاد.

وقال بيلي، خلال كلمة ألقاها في واشنطن أمام مجموعة من محافظي البنوك المركزية، إنه يتجنب إبداء رأي شخصي في قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن دوره كمسؤول عام يقتصر على تنفيذ “القرار الذي اتخذه الشعب البريطاني”.

وأضاف “لكن عندما يُطلب مني تقييم تأثير بريكست على النمو الاقتصادي، لا بد أن أجيب بصفتي مسؤولاً عاماً، والإجابة هي أن التأثير سيكون سلبياً في المستقبل المنظور، وإن كان من المتوقع أن تظهر على المدى الطويل بعض التكيفات الإيجابية الجزئية”.

دعوات إلى إعادة بناء العلاقات مع أوروبا

تحدث بيلي سابقاً عن الأثر السلبي لـ”بريكست” في التجارة والإمدادات في الاقتصاد البريطاني، داعياً إلى إعادة بناء العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لتعويض الخسائر.

وتتفق تصريحاته الأخيرة مع ما قالته وزيرة الخزانة البريطانية رايتشل ريفز، التي دعت إلى تعزيز الروابط التجارية مع أوروبا، مشيرة إلى أن تداعيات “بريكست” تُعد من الأسباب الرئيسة للضغوط المالية التي تواجهها الحكومة قبل إعلان الموازنة المقرر في الـ26 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقالت ريفز في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز”، “لا شك أن تأثير بريكست كان عميقاً وطويل الأمد”، مضيفة أن “التقديرات تشير إلى أن الاقتصاد البريطاني أصبح أصغر بنحو أربعة في المئة مما كان سيكون عليه لو بقيت المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الأوروبي”.

مكتب المسؤولية الميزانية أكد قبل أربعة أعوام أن “بريكست” سيقلص الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بنسبة أربعة في المئة مقارنة بالسيناريو الذي تبقى فيه البلاد داخل الاتحاد.

قيود على التجارة وتباطؤ في النمو

على رغم أن بيلي لم يعبّر علناً عن موقفه الشخصي من “بريكست”، فقد أقر في أكثر من مناسبة بأنه فرض قيوداً على التجارة وأضعف انفتاح الاقتصاد البريطاني.

وأوضح في كلمته بواشنطن، التي نقلتها صحيفة “التايمز”، أن “تقليص انفتاح الاقتصاد يؤدي إلى تراجع النمو، لكن مع مرور الوقت يمكن أن تتكيف حركة التجارة وتُعاد هيكلتها”، مضيفاً “هذا ما يبدو أنه يحدث حالياً، الأمر ذاته ينطبق على الاقتصاد العالمي في مواجهة سياسات الرسوم الجمركية”.

وتأتي تصريحات بيلي بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية على عدد من الدول، وهو ما أثار مخاوف من تصاعد الحمائية التجارية عالمياً.

الذكاء الاصطناعي وأخطار الاستقرار المالي

تناول محافظ بنك إنجلترا في خطابه أيضاً التطورات الاقتصادية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، محذراً من تأثيرها المحتمل على الاستقرار المالي.

وقال “لا تناقض في أن نرى الذكاء الاصطناعي كتقنية كبيرة قادمة، وفي الوقت نفسه أن نقلق من أنه قد يشكل تهديداً للاستقرار المالي من خلال المبالغة في تقييم الأصول، خصوصاً في ظل الصدمات العالمية المتكررة في سلاسل الإمداد”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أشار بيلي إلى أن تركيز وزيرة الخزانة رايتشل ريفز على تحفيز النمو الاقتصادي مبرر تماماً، موضحاً أن الوضع المالي لبريطانيا كان سيكون أفضل بكثير لو حقق الاقتصاد نمواً بمعدل 2.5 في المئة سنوياً خلال الـ15 عاماً الماضية بدلاً من 1.5 في المئة.

وقال إن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، التي تُعد مؤشراً رئيساً على قدرة الحكومة على الاقتراض، كانت ستبلغ 82 في المئة فقط لو تحقق ذلك النمو، بدلاً من النسبة الحالية البالغة 96 في المئة، مضيفاً “كلما تباطأ نمو الاقتصاد، ازدادت صعوبة إدارة السياسة المالية”.

سابقة كارنِي وتحذيرات ما قبل الاستفتاء

تأتي تصريحات بيلي بعد نحو تسعة أعوام من الجدل الذي أثاره سلفه رئيس وزراء كندا الحالي، مارك كارني، عندما حذر قبل استفتاء عام 2016 من أن مغادرة الاتحاد الأوروبي قد تدفع بريطانيا نحو الركود الاقتصادي، وقد تعرض كارنِي حينها لانتقادات حادة من السياسيين المؤيدين لـ”بريكست”.

ويبدو أن بيلي، على رغم حذره في التعليق السياسي، أراد أن يوجه رسالة واضحة مفادها أن الاقتصاد البريطاني لا يزال يدفع ثمن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وأن مرحلة التكيف الكامل لا تزال بعيدة، فيما تتزايد الحاجة إلى إعادة بناء جسور التعاون مع الشركاء الأوروبيين لتخفيف الآثار المستمرة لـ”بريكست”.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى