عالمي

كيف غيرت الأزمة الديموغرافية وجه الاستثمار في اليابان؟

تواجه الشركات اليابانية قنبلة ديموغرافية موقوتة، فيما يسارع مستثمرو صناديق الملكية الخاصة إلى نزع فتيلها، فعلى امتداد البلاد يواجه أصحاب الأعمال المسنون معضلتين مزدوجتين، أولهما ورثة غير مهتمين بتولي إدارة أعمال العائلة، وثانيهما ضرائب ميراث باهظة.

هل أصبح البيع لصناديق الملكية الخاصة بديلاً عن توريث الشركات؟

بالنسبة إلى كثير من الشركات العائلية المتجذرة في تقليد تسليم القيادة إلى الجيل التالي، أصبح خيار كان يعد في الماضي من المحرمات اليوم بديلاً عملياً، وهو البيع لصناديق الملكية الخاصة.

ووفقاً لشركة “باين أند كو”، تجاوزت قيمة صفقات الملكية الخاصة في اليابان 3 تريليونات ين (نحو 20 مليار دولار) سنوياً لأربع سنوات متتالية، وأظهرت بيانات “بيتشكبوك” أن نشاط الصفقات في اليابان ارتفع بنسبة تتجاوز 30 في المئة منذ بداية العام إلى 29.19 مليار دولار على أساس سنوي.

ما الذي يدفع أصحاب الأعمال إلى بيع شركاتهم؟

ويقول خبراء الصناعة إن هذا الزخم الكبير في الصفقات تقوده موجة ضخمة من الشركات العائلية التي تطرح نفسها للبيع، مع تقدم مؤسسيها في السن وازدياد صعوبة نقل الملكية إلى الجيل التالي، إضافة إلى أعباء ضرائب الميراث.

ويضرب الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار اليابانية “نيبون سانغيو سويشين كيكو” جون تسوساكا مثالاً على ذلك برجل يبلغ من العمر 61 سنة، طلب منه أخيراً بيع شركته قائلاً “لقد عملت بجد طوال حياتي، لكن أولادي لا يريدون تولي إدارة عملي”.

كيف تؤثر ضرائب الميراث المرتفعة في مستقبل الشركات العائلية؟

تفرض اليابان أعلى ضرائب ميراث في العالم، تصل إلى 55 في المئة على التركات الكبيرة، وهذه الضريبة المرتفعة تضع الورثة في مأزق، إذ يتعين سدادها خلال 10 أشهر من وفاة المورث، مما يجبر عدداً منهم على بيع أصول الشركات الخاصة بسرعة لتأمين السيولة النقدية، وهو ما يجعل البيع لصناديق الملكية الخاصة خياراً مغرياً بصورة متزايدة.

إلى أي مدى تتسع أزمة الخلافة في اليابان؟

تمثل الشركات العائلية أكثر من 90 في المئة من الشركات الصغيرة والمتوسطة في اليابان، فيما تعزى أكثر من 65 في المئة من صفقات الاستحواذ الآن إلى حالات تعاقب الأجيال.

وبحلول عام 2025، لن يكون لدى نحو 1.27 مليون من أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة الذين يبلغون 70 سنة أو أكثر خلف يتولى أعمالهم، أي ما يعادل ثلث الشركات اليابانية تقريباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قبل عقد من الزمن، كان بيع الشركات لصناديق أجنبية أمراً لا يتصور، ويقول الشريك في شركة “ريد سميث” مانوج بوروش “في السابق، لم يكن الرؤساء التنفيذيون يرون البيع خياراً، ثم أدركوا أنهم يمكن أن ينظروا أيضاً في مستثمرين أجانب”.

هذا التحول الثقافي منح المستثمرين العالميين شرعية أكبر، خصوصاً بعد نجاحات شركات كبرى مثل “كي كي آر” و”كارلايل” و”باين” في إعادة هيكلة شركات يابانية من دون الإضرار بها.

هل أزمة “عصر الجليد الوظيفي” تعمق أزمة القيادة؟

دفع التحول الثقافي أيضاً بعض المؤسسين الشباب إلى بيع شركاتهم وسط نقص مزمن في اليد العاملة وصعوبة في جذب إدارات محترفة، وهي ظاهرة تفاقمت بسبب فجوة “عصر الجليد الوظيفي”، أي الفترة التي تراجع فيها سوق العمل بين أوائل التسعينيات وأوائل الألفية، مما أدى إلى تآكل فئة الكفاءات متوسطة العمر.

من جانبه، يقول  الشريك في “باين أند كو” جيم فيربيتن إن “إصلاحات الحكومة التنظيمية منذ عامي 2015 و2016 أسهمت في تعزيز بيئة الاستثمار، عبر إلزام الشركات بمديرين خارجيين وتشجيعها على رفع العائد على حقوق المساهمين”.

هل الين الضعيف وأسعار الفائدة المنخفضة عوامل جذب إضافية؟

يضاف إلى ذلك ضعف الين الذي يجعل الأصول اليابانية أرخص للمستثمرين الأجانب، وأسعار الفائدة المنخفضة التي تجعل صفقات الشراء بالاقتراض أكثر جاذبية، إذ تراجع الين بنحو أربعة في المئة أمام الدولار منذ بداية العام، ليصل إلى 150.93 ين لكل دولار.

ومع تدفق رؤوس الأموال، يحذر خبراء من احتمال فرط السخونة، فيقول فيربيتن “عندما يصبح السوق جذاباً جداً، يريد الجميع المشاركة والعبرة أن صفقات أعوام 2006 -2007 لم تكن ناجحة بسبب المبالغة في التقييمات”.

هل تبقى اليابان سوقاً نامية على رغم الطفرة الحالية؟

وعلى رغم الطفرة الحالية، لا تزال استثمارات الملكية الخاصة تمثل نحو 0.4 في المئة فحسب من الناتج المحلي الإجمالي، في مقابل 1.3 في المئة في الولايات المتحدة و1.9 في المئة في أوروبا، ويقول فيربيتن “اليابان متقدمة من حيث الحماسة، نعم لكن من حيث النضج، فهي لا تزال سوق نمو”.

ومن المرجح أن تبقى اليابان سوقاً خصبة لشركات الملكية الخاصة الباحثة عن صفقات بأسعار مغرية، في ظل استمرار أزمة الخلافة التي تهدد مستقبل ملايين الشركات العائلية.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى