عالمي

“صندوق النقد” يحذر من مستقبل مقلق للاقتصاد الفرنسي

حذر صندوق النقد الدولي من حال عدم اليقين السياسي في فرنسا التي ستسهم في تدهور النمو، إذ كشف الثلاثاء الماضي عن حزمة من التوقعات العالمية ومنها منطقة اليورو وفرنسا.

ووفقاً لصندوق النقد، من المتوقع أن يظل النمو الأوروبي مستقراً عام 2026، بينما في المقابل يتوقع أنه من دون خفض كبير في عجز الموازنة ستواجه فرنسا خطر الوقوع في براثن الديون، تماماً مثل اليونان وإيطاليا. 

ووصل عجز الموازنة الفرنسية إلى 5.8 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي في 2024، وبقيمة 166.14 مليار دولار بنهاية يوليو (تموز) الماضي.

وإذا لم تتخذ أي إجراءات لخفض العجز العام بصورة ناجعة، فإن باريس قد تخاطر بأن تجد نفسها مثقلة أكثر بالديون.

وكان رئيس الوزراء الذي سقطت حكومته منذ أكثر من شهر فرنسوا بايرو قد كشف عن أن مستوى الدين الفرنسي وصل إلى 3415 مليار يورو (4029.7 مليار دولار) بنسبة 120 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وعندما سئل مدير إدارة الشؤون المالية العامة في صندوق النقد الدولي فيتور غاسبار الأربعاء في واشنطن عن الوضع الفرنسي وتعليق إصلاح نظام التقاعد من قبل الحكومة، لم يبد أي تجاوب، إذ يرى أن الحكومة ستكون قادرة على تثبيت الدين العام بحلول نهاية العقد الحالي.

انتعاش بطيء للغاية

ومن المنتظر أن ينتعش الاقتصاد الفرنسي في 2026 بصورة أبطأ مما كان متوقعاً، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي بنسبة 0.9 في المئة في 2026، مقارنة بنسبة واحد في المئة توقعها في يوليو 2025، مما يعد ضربة أخرى لحكومة رئيس الوزراء الحالي ليكورنو إثر تحذير المجلس الأعلى للمالية العامة، إذ عدل صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي 2026 خفضاً (-0.1 نقطة مئوية) وذلك في عرض قدمه الثلاثاء الماضي المستشار الاقتصادي مدير إدارة البحوث بالصندوق الفرنسي بيير أوليفييه غورينشاس.

وعلى رغم أن التعديل طفيف للغاية فإنه يعد الثاني منذ أبريل (نيسان) الماضي، أما بالنسبة إلى عام 2025 فقد عدل الصندوق توقعاته برفع طفيف +0.1 نقطة مئوية إلى 0.7 في المئة، مقارنة بـ0.6 في المئة سابقاً، لكن صنفت المؤسسة المانحة فرنسا من دون المتوسط ​​الأوروبي، ومن المتوقع أن يشهد اقتصاد القارة العجوز نمواً بنسبة 1.2 في المئة بنهاية 2025، وبنسبة 1.1 في المئة في 2026.

يمكن تفسير توقعات صندوق النقد الدولي الأقل تفاؤلاً في شأن فرنسا بحال عدم اليقين السياسي المستمرة في البلاد منذ حل الجمعية الوطنية (البرلمان) في يونيو (حزيران) 2024.

وقد أثر ذلك في إنفاق الأسر والشركات، وأسهم في تدهور النمو، كما أوضح بيير أوليفييه غورينشاس، إذ قال “نمو النشاط الاقتصادي الفرنسي غير كاف إذا أردنا حل مشكلات المالية العامة من خلال النمو”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعد هذا الأمر شاغلاً رئيساً لحكومة ليكورنو، ويتمثل الهدف المعلن لمشروعي قانوني المالية، قانون الدولة وقانون الضمان الاجتماعي، في إبقاء العجز دون خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ5.4 في المئة في 2024، وبناء على ذلك من الصعب تحقيق هدف ثلاثة في المئة في 2029.

من جانبها، تتوقع وزارة المالية نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة واحد في المئة في 2026 في مقترح الموازنة التفصيلي الصادر الثلاثاء الماضي، وينذر هذا التعديل التنازلي بتعقيد معادلة الموازنة للحكومة، التي تواجه صعوبات كبيرة في زيادة مدخراتها.

بمستوى النمو المتوقع لن تتجاوز باريس الأزمة

وأوضح غورينشاس أن “الصعوبة في تنفيذ الموازنة ورسم المسار المالي لها تأثير في قرارات الاستثمار وثقة الأسر، إذ خلف حل البرلمان في يونيو 2024 شعوراً بالمرارة في فرنسا”.

وأشار غورينشاس في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن “الغموض السياسي، وصعوبة تنفيذ الموازنة ورسم مسار مالي، كل ذلك يؤثر في قرارات الاستثمار وثقة الأسر، إذ تعيش الأسر والشركات الفرنسية حالاً من الترقب والتوجس، مما يسهم في تدهور النمو”، مؤكداً ضرورة بذل جهد، على جانب الإنفاق لا على جانب الإيرادات، مع اتخاذ تدابير تدرجية مقبولة، وتجنب تدابير التقشف التي قد تقضي على النمو.

الحفاظ على عجز قدره 5 في المئة

لكن، أصر غورينشاس على أن “البلاد ستتقبل بسهولة أكبر الجهد المطلوب إذا تقاسمه الجميع، إذ إن مسألة العدالة الضريبية مسألة مشروعة تماماً، ومع ذلك وبالنظر إلى حجم المسألة المطروحة، سيتعين علينا أن نتساءل عن مستوى الإنفاق الإجمالي، لا سيما في ما يتعلق بأنظمة تمويل الضمان الاجتماعي”.

يشار إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعاد تعيين سيباستيان ليكورنو رئيساً للوزراء الأحد الماضي، مؤكداً أن الأولوية هي “إعداد موازنة لفرنسا بحلول نهاية العام”.

الهدف المعلن لكل من مشروعي قانون الموازنة والضمان الاجتماعي هو إبقاء العجز دون خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ5.4 في المئة في 2024، بدلاً من 4.7 في المئة المخطط لها في البداية، وذلك لإفساح المجال للتفاوض مع المعارضة، مع ذلك قد يكون عمر الحكومة الجديدة محدوداً، إذ قدم حزبا “العمال” و”الوطني الفرنسي” بالفعل طلبات حجب الثقة.

في المقابل، أشاد صندوق النقد الدولي بإمكانات النمو الاقتصادي للجارة إسبانيا بشبه الجزيرة الإيبيرية، إذ توقع نمواً اقتصادياً قدره 2.9 في المئة في 2025، بزيادة قدرها 0.4 نقطة مئوية عن تقديراتها الأخيرة في يوليو 2025.

ويعزى ذلك إلى اقتصاد إسبانيا الأكثر ديناميكية، واستهلاك الأسر المعيشية الجيد، والاستثمار التجاري، كذلك فإن البلاد لم تتأثر بصورة كبيرة بزيادة الرسوم الجمركية من الولايات المتحدة، التي تصدر إليها القليل من السلع.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى