عالمي

الموازنة تثير معركة حامية في البرلمان الفرنسي

قدمت الحكومة الفرنسية أول من أمس الثلاثاء موازنة تتضمن توفيراً يقارب 30 مليار يورو (34.8 مليار دولار) للحد من تفاقم العجز المالي، في خطة تستند إلى توقعات نمو “متفائلة” لعام 2026، وفقاً للمجلس الأعلى للمالية العامة، لكن من المتوقع أن يجري البرلمان تعديلات جوهرية عليها.

ووافق مجلس الوزراء على مشروعي موازنة الدولة وموازنة الضمان الاجتماعي وينتظر إحالتهما فوراً إلى البرلمان لضمان اعتمادهما بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

يشار إلى أنه نظراً لضيق الوقت، فإن نصوص الموازنة مطابقة لتلك التي أرسلها رئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو إلى المجلس الأعلى للمالية العامة لإبداء الرأي في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، قبل تقديم استقالته وإعادة تعيينه لاحقاً، كما يستند هذا النص نفسه إلى نص سلفه فرانسوا بايرو الذي سقطت حكومته في الأسبوع الأول من سبتمبر (أيلول) 2025.

وحول الجدل المتوقع، فإلى جانب مشاريع الموازنة فهو البيان الذي قدمه رئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو إلى البرلمان (الجمعية الوطنية) أول من أمس الثلاثاء، والذي سيتعلق بالأساس بإصلاح نظام التقاعد.

وأجرت السلطة التنفيذية مفاوضات في وقت سابق في محاولة لحشد الغالبية البرلمانية وتجنب احتمال توجيه اللوم من قبل الكتل واحتجاجها ومطالبتها بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة جديدة.

سنة مالية بيضاء

وقال ليكورنو إنه يريد منح البرلمان كامل الحرية لتعديل نصوص الموازنة، متجاوزاً المادة 49.3 من الدستور، التي تسمح باعتمادها من دون تصويت وقد أراد من خلال ذلك التعبير عن حسن نواياه.

وبناء على ذلك، فإن التدابير التي تتضمنها قد تتغير بشكل كبير أثناء المناقشات البرلمانية، وتخطط الحكومة لبذل جهد لتوفير مبلغ في حدود 30 مليار يورو (34.8 مليار دولار) من طريق الضغط على الإنفاق، بما في ذلك 17 مليار يورو (19.7 مليار دولار) من الإنفاق العام وخصوصاً الإنفاق الحكومي، والذي سينخفض ​​باستثناء نفقات الدفاع التي ستسجل زيادة بقيمة 6.7 مليار يورو (7.77 مليار دولار)، ونحو 14 مليار (16.2 مليار دولار) من الإيرادات الجديدة، وفقاً اللجنة العليا للسياسات المالية.

وتنص السنة المالية البيضاء على تجميد معاشات التقاعد والمزايا الاجتماعية، مثل إعانات الأسر، ويستبدل خفض المعاشات بنسبة 10 في المئة بخفض ثابت قدره 2000 يورو (2320 دولار).

ومن المقرر أيضاً “تثبيت ضريبة الدخل ومساهمة الضمان الاجتماعي وهي المساهمة الاجتماعية المعممة، وهي ضريبة فرنسية على الدخل تهدف إلى تمويل الحماية الاجتماعية، وهو ما يقدر بـ2.2 مليار يورو (2.55 مليار دولار).

وتسعى الحكومة في المجمل إلى إزالة 23 امتيازاً ضريبياً من أصل 474 اعتبرتها متقادمة بالية و”غير فعالة”، بما يعادل نحو 5 مليارات يورو (5.8 مليار دولار)، كذلك يجري إلغاء أكثر من 3100 وظيفة في الخدمة المدنية تشملها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ما يتعلق بالإيرادات الضريبة، مددت المساهمة المتفاوتة وفق الدخل لمدة عام واحد، وتحدد هذه المساهمة حداً أدنى لمعدل الضريبة بنسبة 20 في المئة للأسر التي يتجاوز دخلها 250 ألف يورو (290 ألف دولار) للفرد و500 ألف يورو للزوجين (580 ألف دولار).

ويجري فرض ضريبة على الأصول المالية للشركات القابضة في الوقت الحالي، والتي تستخدم أحياناً للتهرب الضريبي، ومن المتوقع أن يسهم هذان الإجراءان في جمع 2.5 مليار يورو (2.9 مليار دولار)، إذ يشمل ذلك أكبر 400 شركة تقريباً، مع تجديد ضريبة دخل الشركات بمقدار النصف ما يصل إلى 4 مليارات يورو (4.64 مليار دولار) من الضريبة الإضافية على الأرباح.

في المقابل ستحصل الشركات على خفض تدرجي لضريبة الإنتاج حتى إلغائها في عام 2028، ووصفت اللجنة العليا للسياسات المالية الفرضيات الاقتصادية في مشاريع الموازنة بأنها “متفائلة”، بما في ذلك الهدف المنشود وهي الطموحات المتعلقة بالنفقات.

تعليق إصلاح نظام التقاعد

سيكون بقاء ليكورنو من عدمه على المحك بخوضه معركة في البرلمان مع الاشتراكيين، إذ ستحدد التزاماته بتعليق محتمل لإصلاح نظام التقاعد مدى شراسة التصادم مع هؤلاء الممانعين.

وبدا ليكورنو مستعداً لتقديم تنازلات محتملة بخاصة بتخليه عن هدفه بخفض العجز العام، إذ يهدف وفق هذه الموازنة إلى خفض العجز العام إلى أقل من 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026، بدلاً من 4.7 في المئة التي ينبغي ذكرها في مشروع الموازنة، وذلك بعد تحديد 5.4 في المئة في عام 2025، في حين عُدل النمو خفضاً إلى 1 في المئة.

ويعقد هذا الوضع السعي إلى تحقيق مطالب الاتحاد الأوروبي بخفض العجز إلى 3 في المئة كحد أقصى في عام 2029،  وتعد باريس ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

وبعد 50 عاماً من آخر فائض في موازنتها في 1974 سجلت فرنسا أسوأ عجز عام في المنطقة في عام 2024 عند 5.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وثالث أكبر دين بعد اليونان وإيطاليا ويناهز 115.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو 3.416 مليار يورو (4029.7 مليار دولار) بنهاية يونيو (حزيران) 2024، وتدفع فرنسا أيضاً ثمن عدم الاستقرار في الأسواق، إذ أصبحت تقترض بكلف أعلى منذ حل الاتحاد الأوروبي في يونيو 2024.

خفض الرعاية الصحية

الخصومات الطبية، والإجازات المرضية، والضرائب على شركات التأمين التعاونية وغيرها، هذا ما يتضمن مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي المقدم إلى مجلس الوزراء الفرنسي وهو أكثر من 7 مليارات يورو (8.12 مليار دولار) من التدابير الادخارية، خصوصاً من خلال مضاعفة المبالغ المتبقية التي يتعين على المرضى دفعها مقابل الأدوية أو الاستشارات، والتي كانت قد تسببت بالفعل في جدل في الصيف.

وانتهى بذلك الترقب في قطاع الرعاية الصحية، فبينما تزايدت المخاوف لأشهر في شأن تخفيضات الإنفاق الاجتماعي التي تخطط لها الحكومة، فإن مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي PLFSS، الذي عرض على مجلس الوزراء أول من أمس يهدف إلى فرض رقابة صارمة على القطاع.

وفي ما يتعلق بالتوازنات المالية الرئيسة، يخطط النص لخفض عجز الضمان الاجتماعي إلى 17.5 مليار يورو (20.3 مليار دولار) في عام 2026 مقارنة بـ23 مليار يورو (26.6 مليار دولار) في عام 2025، بما في ذلك 12.5 مليار يورو (14.5 مليار دولار) لفرع الصحة مقارنة بـ17.1 مليار يورو (19.8 مليار دولار) في عام 2025.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى