القاهرة تحتاط اقتصاديا بعد هجوم إسرائيل على إيران

تعكس تحركات مصرية معلنة طبيعة الارتدادات المتوقعة للهجوم الإسرائيلي على إيران، وما يمكن أن تخلفه من تبعات اقتصادية إقليمية صعبة، إذ كشف مجلس الوزراء المصري عن أن رئيس الحكومة مصطفى مدبولي في متابعة وتنسيق دائمين مع محافظ البنك المركزي حسن عبدالله ووزير المالية أحمد كجوك، بغية زيادة المخزون الاستراتيجي من السلع المختلفة.
وأفاد بيان الحكومة المصرية بأنه عقب العملية العسكرية الإسرائيلية في إيران أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عزمه عقد اجتماع مع وزيري الكهرباء والبترول، لاستعراض سيناريوهات تداعيات الأحداث العسكرية بالمنطقة.
وتعاني مصر وضعاً صعباً على صعيد واردات الغاز بعد خفض إسرائيل صادراتها إلى مصر بدعوى أعمال الصيانة، ويتوقع أن يتفاهم في ضوء تعليق بعض أنشطة منصات الغاز كإجراء احترازي تحسباً لأي رد عسكري محتمل من إيران، وفقاً لما أوردته قناة N12 الإسرائيلية.
وكشف بيان لوزارة الطيران المصرية عن رفع درجة الاستعداد القصوى بمطار القاهرة الدولي والمطارات المصرية كافة، تحسباً لاحتمال استقبال طائرات عابرة قد تضطر إلى تغيير مساراتها الجوية والهبوط الاضطراري بالمطارات نتيجة المستجدات الإقليمية، مع تأكيد الجاهزية الكاملة لتوفير الدعم الفني واللوجستي اللازم للرحلات المتأثرة كافة.
المجال الجوي المصري
وأكدت وزارة الطيران المدني أن المجال الجوي المصري آمن ويعمل بصورة طبيعية، ويشهد انتظاماً في حركة التشغيل، وفقاً لأعلى المعايير الدولية المعتمدة في مجال السلامة الجوية.
وبحسب البيان، تتابع الوزارة من خلال مركز العمليات الرئيس بمطار القاهرة الدولي على مدار الساعة تطورات الموقف، بالتنسيق الكامل مع سلطات الطيران المدني في الدول المجاورة، وذلك عقب إعلان بعض دول الجوار عن إغلاق موقت لمجالاتها الجوية نتيجة للأوضاع الراهنة في المنطقة.
وتبدو الإجراءات المصرية حيال احتمالات تفجر أوضاع المنطقة أمراً طبيعياً، كما يقول اقتصاديون لـ”اندبندنت عربية”، في وقت استجابت الأسواق العالمية وخصوصاً أسواق الطاقة للهجوم المباغت، بارتفاع أسعار النفط والغاز بمستويات مرتفعة، وهو ما يحمل الدول المستهلكة أعباء إضافية لاستيراد الوقود.
ارتفاع التضخم
ويتوقع الاقتصاديون ارتفاع معدلات التضخم في ظل اضطرابات سلاسل الإمداد والتوريد، وارتفاع فاتورة الملاحة والنقل والطاقة، وهو ما من شأنه إرباك خطط البنوك المركزية، وفي مقدمها “الاحتياط الفيدرالي” للسيطرة على التضخم.
المتخصص الاقتصادي عبدالمنعم السيد يرى أن سيناريو تفجر الأوضاع ماثل اليوم أكثر من أي وقت مضى، ومع احتمالات إغلاق إيران مضيق هرمز واستهداف ناقلات النفط وتهديد سلاسل الإمداد، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 13 في المئة، وهو ما يلقي بأعباء إضافية على الدول المستهلكة.
وارتفعت أسعار النفط 13 في المئة مع صعود خام “برنت” متجاوزاً 78 دولاراً للبرميل، مسجلاً أكبر مكاسب يومية منذ مارس (آذار) 2022 عندما شنت روسيا حربها على أوكرانيا، كذلك صعد خام “غرب تكساس” الوسيط بقوة، وسط توقعات حديثة لبنك “جيه بي مورغان” باحتمال ارتفاع أسعار النفط إلى ما بين 120 و130 دولاراً للبرميل في حال إغلاق مضيق هرمز.
مخزون السلع الاستراتيجية
ويلفت المتحدث إلى أن التحركات المصرية تعبر عن وعي حكومي بتبعات الهجوم الإسرائيلي على إيران واحتمالات الرد المضاد من جانب طهران، وهو ما ينبغي معه تأمين احتياجات البلاد من مخزون السلع الاستراتيجية اللازمة للاستهلاك لأطول وقت ممكن، تجنباً للتداعيات السلبية على السوق المحلية.
عالمياً يعتقد السيد أن ارتفاع أسعار النفط بمستويات لافتة يربك خطط البنوك المركزية حول العالم، وخصوصاً البنك المركزي الأميركي للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، وهو ما ينعكس سلباً على النمو الاقتصادي العالمي وبقاء الأزمات فترة أطول.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه يقول المتخصص الاقتصادي محمد الشوادفي إن معدلات التضخم مرشحة للارتفاع في دول العالم كافة، بالنظر إلى أن محركها الأساس هو ارتفاع أسعار النفط، وهو ما ينعكس على مختلف أسعار السلع في الأسواق المختلفة، بخاصة مع ما تحمله المنطقة العربية من أهمية استراتيجية وتأثير كبير في ظل إنتاجها 70 في المئة من النفط عالمياً.
ويتوقع المتخصص الاقتصادي أن تكون الدول الناشئة هي الأكثر تأثراً بالسلب نتيجة الحرب في المنطقة، وذلك لاعتمادها على الاستيراد لتدبير احتياجاتها المحلية، وهو ما يتعين مع سرعة استعادة الهدوء وإعمال الدبلوماسية في تلك الأوقات الحرجة.
سيناريو إغلاق مضيق هرمز
ولم يستبعد الشوادفي سيناريو لجوء إيران إلى خيار إغلاق مضيق هرمز، واعتبر أن طهران قد تلجأ إلى تلك الورقة لتحقيق أهدافها المرجوة في مواجهة الهجوم الإسرائيلي، مع احتمالات اضطراب الملاحة أكثر في مضيق باب المندب والبحر الأحمر والخليج العربي.
وأثنى المتحدث على التدابير المصرية لتأمين احتياجات البلاد من السلع والمواد الخام، وقال إن مصر من بين البلدان التي يتوقع تأثرها بذلك الصراع في ظل امتلاكها موانئ على البحر الأحمر وقناة السويس، وهو ما يتوقع معه تحويل الاعتماد على الموانئ المصرية الأخرى.
وشنت إسرائيل في وقت مبكر من صباح اليوم الجمعة غارات على إيران استهدفت منشآت نووية إيرانية ومصانع صواريخ وقادة عسكريين، وأفادت وسائل إعلام إيرانية وشهود بوقوع انفجارات، بما في ذلك في منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسة في البلاد.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الضربات بأنها “لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل”، قائلاً إنها استهدفت أيضاً علماء نوويين إيرانيين ومصانع الصواريخ في عملية ستستمر لأيام.
وقالت إيران إن الضربات الإسرائيلية الواسعة النطاق اليوم الجمعة على أراضيها تبرر تخصيب اليورانيوم وامتلاك القوة الصاروخية، وأكدت الحكومة الإيرانية في بيان “لا يسع أحد أن يتحدث إلى هذا النظام الفتاك إلا بلغة القوة، يدرك العالم اليوم بصورة أفضل إصرار إيران على حقها بالتخصيب والتكنولوجيا النووية والقوة الصاروخية”.