الشركات المصرية تتجه إلى تعزيز الربحية بعد خفض الفائدة

تشير التوقعات إلى أن الشركات العاملة في السوق المصرية، ستتجه إلى تعزيز أرباحها خلال النصف الثاني من العام الحالي، وذلك بدعم خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس خلال اجتماعه الأخير.
وتماشياً مع توقعات المحللين وشركات الأبحاث وبنوك الاستثمار، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس إلى 22 في المئة و23 في المئة و22.5 في المئة، على الترتيب، وخفض سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 22.5 في المئة.
وعقب إعلان القرار، قالت مصادر مصرفية مطلعة، إن لجان “ألكو” الخاصة بإدارة الأصول والخصوم في البنوك ستبدأ خلال الأيام المقبلة بحث خفض أسعار الفائدة على شهادات الاستثمار وذلك في ضوء قرار البنك المركزي المصري بخفض الفائدة بنسبة 2 في المئة.
وقال الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري (مملوك للدولة) محمد الإتربي، إن لجنة الـ”ألكو” بالبنك ستجتمع بعد غد الأحد لمناقشة أسعار العائد على الأوعية الادخارية.
ارتفاع التسهيلات الائتمانية وتكلفة التمويل
في تحليله، كشف رئيس قطاع البحوث بشركة “الأهلي فاروس” هاني جنينة، أن الفترة التي أعقبت تعويم مارس (آذار) 2024 تنقسم إلى مرحلتين، الأولى من أبريل (نيسان) 2024 وحتى منتصف العام الحالي.
وأضاف “خلال الأشهر الأولى بعد مارس 2024، ارتفعت أرباح الشركات بسبب ارتفاع الإيرادات، فالشركات التي تصدر للخارج أصبحت تترجم إيراداتها بـ50 جنيهاً بدلاً من 30 جنيهاً، والشركات غير المصدرة رفعت أسعار السلع والخدمات، وفي حالة شركات الأدوية، فقد تمت إعادة تسعير الدواء منذ مايو (أيار) 2024.
واستدرك جنينة “لكن صاحب هذا الارتفاع في الأسعار انخفاض في حجم المبيعات نتيجة انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع كلفة الاقتراض الاستهلاكي، كما لجأت الشركات إلى البيع بالأجل حتى لا تتوقف حركة البيع وإعادة بناء المخزون بأسعار أعلى من المخزون السابق، مما تسبب في ارتفاع حجم التسهيلات الائتمانية وتكلفة التمويل”.
وذكر جنينة أن المرحلة الثانية والتي تبدأ في منتصف العام الحالي ستشهد تلاشي تأثير ارتفاع أسعار السلع والخدمات في إيرادات الشركات تدريجاً نتيجة استقرار سعر الصرف، وهذا ما أحبط بعض المستثمرين بعد إصدار نتائج الربع الثاني هذا العام، ولكن ثبات الأسعار نسبياً سيتيح للشركات فرصة إعادة بناء مخزون جديد من دون زيادة مفرطة في التسهيلات الائتمانية، موضحاً أن “الكاش من السلعة المبيعة سيكفي لشراء مخزون جديد بنفس السعر تقريباً”.
ومع خفض سعر الفائدة، من المتوقع تعافي حجم المبيعات نتيجة انخفاض كلفة التمويل الاستهلاكي بالتالي تنمو المبيعات نتيجة للحجم وليس السعر، ومع تعافي حجم المبيعات، ستستطيع الشركات تقليل فترة الأجل مما يسهم في خفض حجم التسهيلات الائتمانية.
ومع انخفاض حجم التسهيلات وأسعار الفائدة، ستنمو الأرباح بسبب انخفاض المصروفات التمويلية في قائمة الدخل.
وأكد جنينة أنه مع انكماش دورة رأس المال العامل إلى معدلاتها الطبيعية وتوافر النقدية وتحسن الطلب المحلي وانخفاض كلفة التمويل، ستتشجع الشركات على زيادة ثروة المساهمين من طريق التوسع سواء من طريق الاستثمار في أصول ثابتة أو استحواذ.
لا أسباب جوهرية لتثبيت أسعار الفائدة
قبل أيام، رجح استطلاع أجرته وكالة “رويترز”، أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة الرئيسة بمقدار 100 نقطة أساس، وذلك لدعم النمو في ظل تباطؤ التضخم، وأظهر متوسط توقعات 8 محللين شملهم الاستطلاع، أن البنك المركزي المصري سيخفض سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى 23 في المئة، وسعر الفائدة على الإقراض إلى 24 في المئة في اجتماع لجنة السياسة النقدية خلال الشهر الجاري.
وفي تصريحات سابقة، كان جنينة قد استبعد تثبيت أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، مؤكداً أنه لا توجد أسباب جوهرية للتثبيت، مشيراً إلى أن جميع المؤشرات تميل إلى خفض الفائدة بمعدل يتراوح ما بين 2 في المئة و3 في المئة، لافتاً إلى أن المستثمرين الأجانب يرون في أدوات الدين الحكومية قصيرة الأجل (الأموال الساخنة) فرصة جاذبة، في ظل اتساع الفارق مع سندات الخزانة الأميركية واستقرار سعر الصرف وتباطؤ التضخم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال إن تدفقات الأموال الساخنة إلى الأسواق الناشئة، وعلى رأسها مصر، في أفضل حالاتها حالياً، إذ ارتفع إجمالي استثمارات الأجانب في أذون الخزانة إلى ما يعادل 1.914 تريليون جنيه (39.545 مليار دولار) بنهاية مارس 2025، مقابل 1.741 تريليون جنيه (35.971 مليار دولار) بنهاية فبراير (شباط) السابق له، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
النمو والتضخم العالمي عرضة للأخطار
في بيانها، قالت لجنة السياسة النقدية، إن قرار خفض أسعار الفائدة يأتي انعكاساً لتقييم اللجنة لآخر تطورات التضخم وتوقعاته منذ اجتماعها السابق.
وذكرت، أن الآونة الأخيرة شهدت بوادر تعاف في النمو واستقراراً في توقعات التضخم على المستوى العالمي، إذ واصلت البنوك المركزية في كل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة تيسير سياساتها النقدية، ولكن تدريجاً في ظل حالة عدم اليقين الحالية.
وفي ما يتعلق بالأسعار العالمية للسلع الأساسية، فقد شهد النفط تقلبات طفيفة نتيجة عوامل العرض، في حين سجلت أسعار السلع الزراعية اتجاهات متباينة، ومع ذلك، لا يزال النمو والتضخم العالمي عرضة للأخطار، لا سيما احتمالية تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد اضطرابات السياسات التجارية.
على الصعيد المحلي، تشير التقديرات الأولية للبنك المركزي المصري إلى تحقيق معدل نمو اقتصادي أعلى خلال الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بالتوقعات السابقة، مدفوعاً بالمساهمات الموجبة من قطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية والسياحة.
وتشير توقعات المركزي المصري إلى توسع النشاط الاقتصادي بمعدل 5.4 في المئة خلال الربع الثاني من عام 2025، ليسجل في السنة المالية 2024/2025 معدل نمو حقيقي قدره 4.5 في المئة في المتوسط مقارنة بمعدل 2.4 في المئة خلال السنة المالية 2023/2024.
وقالت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، إن التقديرات تشير إلى أن الضغوط التضخمية من جانب الطلب ستظل محدودة، مدعومة بالسياسة النقدية الحالية ومتسقة مع المسار النزولي المتوقع للتضخم على المدى القصير”.