صناعة البطاريات ومواكبة الطلب المتزايد
من المؤكد أن العالم بحاجة إلى التوسع في إنتاج البطاريات لمواكبة الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية. لكن الشركات بشكل متكرر لا تحقق أهدافها الإنتاجية بسبب عديد من التحديات، من قيود سلسلة التوريد الناجمة عن جائحة كورونا إلى نقص الليثيوم في مواجهة الطلب المتزايد. في الأعوام الأخيرة، ارتفعت التكاليف استجابة لهذه التحديات، وفشل عديد من الشركات الناشئة الواعدة في الصمود في وجه العاصفة والخروج سالمة. تعتقد أوروبا والولايات المتحدة الآن أن نقص البطاريات يمثل تهديدا لأمنها القومي، حيث يمكن أن تتعرض خططها لتحول الطاقة للخطر إذا لم يتم إنتاج بطاريات كافية.
من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على البطاريات 30 في المائة تقريبا، إلى 4500 جيجاواط/ساعة بحلول 2030، وفقا لماكنزي. يمكن أن تحقق صناعة البطاريات عائدات سنوية تبلغ 410 مليارات دولار، بناء على هذه الزيادة في الطلب. وسيأتي 40 في المائة من هذا الطلب من الصين وحدها. لتلبية الاحتياجات العالمية لبطاريات أيون الليثيوم، يجب على صانعي السيارات وشركات الطاقة العمل معا الآن لتعزيز الإنتاج. لكن زيادة معدلات الإنتاج قد تواجه مجموعة من التحديات، بما في ذلك نقص العمالة والمواد، الجدول الزمني المطلوب لتطوير مصانع عملاقة لإنتاج البطاريات، التنافس في الموارد، ونقص الموارد والمنتجات – مثل التي نراها حاليا مع رقائق الليثيوم وأشباه الموصلات. كما يتوقع من الشركات التأكد من أنها تلبي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة الدولية ESG، حيث يصبح التنفيذ أكثر صرامة.
إضافة إلى تلبية الطلب الجديد، سيتعين استبدال عديد من بطاريات الجيل الأول من المركبات الكهربائية. وفقا لتقديرات 2021، سيتعين إيقاف ما يقرب من 12 مليون طن من بطاريات أيون الليثيوم واستبدالها من الآن حتى 2030. وهذا لا يمثل فقط خطر حدوث نفايات كهربائية كبيرة، لكن يوضح أيضا الطلب المستمر على البطاريات الكهربائية الذي يتطلب كميات كبيرة من المواد الخام، بما في ذلك الليثيوم، النيكل، والكوبالت، التي تشهد جميعها شحا.
على الرغم من الدفع القوي من قبل المنظمات الدولية والحكومات لبدء التحول إلى الكهرباء، يعتقد بعض الخبراء أن العالم ليس على استعداد كامل للانتقال إلى الاعتماد على السيارات الكهربائية على نطاق واسع. في هذا الجانب، تعتقد شركة البطاريات التي قامت بتصميم البطارية لجنرال موتورز، أن الولايات المتحدة ليست جاهزة للتحول. وأوضحت الشركة، “ليس لدينا المواد الخام ولا القدرة على التصنيع”.
قد تبدو هذه وجهة نظر متطرفة، لكن الولايات المتحدة تشتري في الوقت الحاضر نحو 90 في المائة من الليثيوم من الأرجنتين وتشيلي، وتنتج 1 في المائة فقط من النيكل والكوبالت في العالم. في غضون ذلك، تقوم الصين بتكرير نحو 60 في المائة من الليثيوم في العالم، و80 في المائة من الكوبالت الذي تنتجه. كما أنها تنتج نحو 70 في المائة من بطاريات أيون الليثيوم في العالم، ما يعني أن عديدا من الدول حول العالم يعتمد على الصين لإنتاج السيارات الكهربائية، هذا يمثل تحديا آخر لأوروبا والولايات المتحدة.
يبدو كثير من هذا غير منطقي بالنظر إلى حجم الدعاية التي تم إعلانها حول الاختراقات والإنجازات في إنتاج البطاريات، وزيادة إنتاج المعادن والفلزات، وظهور شركات ناشئة مبتكرة على الساحة. ومع ذلك، تم اتهام عديد من الشركات الناشئة بالمبالغة في “اختراقاتها” لجذب الانتباه والتمويل. كانت وسائل الإعلام سريعة جدا في لفت الانتباه إلى الشركات التي تفتخر بتقنيات بطارياتها الرائدة، دون فهم حجم هذا الاختراق. ربما ليس من المستغرب، إذن، أن يتعرض عديد من الشركات الناشئة الواعدة للسيارات الكهربائية والبطاريات، إلى الانهيار في مواجهة عديد من التحديات الرئيسة.
على سبيل المثال، شركة بريتش فولت Britishvolt الناشئة التي وعدت باختراق كبير بإنتاج السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، بقيمة سوقية تزيد على مليار دولار، انهارت أخيرا. أسست الشركة في 2019، كان من المتوقع أن تكون أول شركة تقوم بتطوير مصنع بطاريات مملوك محليا لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة. كان من المتوقع أن ينتج المصنع 30 جيجاواط/ساعة من البطاريات سنويا لآلاف المركبات الكهربائية. لكن، على الرغم من الدعاية الكبيرة التي حظيت بها، والدعم الحكومي اللامحدود، فشلت شركة بريتش فولت في الحصول على التمويل الذي تحتاج إليه لتحقيق طموحاتها، وأعلنت في وقت سابق من الشهر الماضي إفلاسها. وهذا يعني خسارة 300 وظيفة وبيع موقع المصنع.
على الرغم من أن الشركات الأخرى الأكثر رسوخا تشهد نجاحا أكبر، إلا أنه لا يمكن لأي شركة تجنب بصورة كاملة التحديات التي تواجه قطاع صناعة البطاريات. أدى ارتفاع أسعار المواد على مدى الأعوام القليلة الماضية إلى ارتفاع تكاليف تصنيع المركبات الكهربائية، في صناعة بالأساس باهظة الثمن وتنافسية للغاية. في الأعوام الأخيرة، ارتفعت أسعار الليثيوم، النيكل والكوبالت، حيث لوحظ نقص في هذه المواد، كما كان من الصعب الحصول على مكونات البطارية الأساسية الأخرى بسبب قيود سلسلة التوريد. كما أن الضغوط المتزايدة من الحكومات، التي تتطلع إلى تقليل اعتمادها على قوى التعدين الرئيسة، مثل الصين، تزيد من تعقيد الموقف من خلال جعل شركات صناعة السيارات تبحث عن موردين محليين أو على الأقل تنويع وارداتهم.
لا يزال مستقبل البطاريات الكهربائية غير مؤكد. مع الدفع الكبير من قبل الحكومات بالانتقال السريع بعيدا عن المركبات التقليدية إلى المركبات الكهربائية، فلا أحد متأكدا تماما ما إذا كان بإمكان صناعة البطاريات مواكبة الطلب المتزايد. لا تزال مجموعة من التحديات تهدد الإنتاج، مع استثمارات ضخمة مطلوبة لتطوير عمليات التعدين والمصانع العملاقة اللازمة لدعم إنتاج البطاريات في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، لا يزال التقدم بطيئا مقارنة بالأهداف الطموحة المحددة لإنتاج السيارات الكهربائية من قبل الحكومات في العالم.
Source link