عالمي

هل تعرقل إمبراطورية ترمب التجارية مسيرة المرشح نحو البيت الأبيض؟

خلال الحملة الانتخابية الأولى للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والسنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة كانت تعاملاته التجارية الخارجية موضع تدقيق مستمر بحثاً عن تضارب محتمل في المصالح، والآن، وهو يسير لتأمين ترشيح الحزب الجمهوري له في محاولته العودة لسدة الرئاسة، أصبحت إمبراطوريته الخارجية وممتلكاتها الآخذة في النمو تحت عدسة التدقيق من جديد.

من المرجح أن يتعرض ترمب مرة أخرى لضغوط لينأى بنفسه عن مشاريعه التجارية، جزئياً من خلال الوعد بأن “منظمة ترمب” لن تشارك في أي صفقات خارجية جديدة.

ومنذ عام 2021، قامت “منظمة ترمب”، التي توقفت موقتاً أو انسحبت من المشاريع خلال فترة رئاسته، وتقوم ببناء ملعب غولف ثان في اسكتلندا، ولديها صفقات تجارية مع مشاريع سكنية في الهند، وتطوير منتجعات في إندونيسيا.

ووفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال”، وافقت “منظمة ترمب” في أواخر عام 2022، على إدارة ووضع علامة تجارية لمشروع غولف ومنتجع بقيمة 1.6 مليار دولار في عمان، ولدى ترمب أيضاً ملاعب غولف وفنادق ومنتجعات ووحدات سكنية ومشاريع أخرى في أكثر من 10 دول في أربع قارات.

ترمب وتضارب المصالح

​ويقول النقاد إن ترمب لم يفعل ما يكفي في المرة الأولى للفصل بين إدارته ومصالحه التجارية، ويخشون أن يحدث الشيء نفسه مرة أخرى في فترة ولايته الثانية. وقال كبير محامي الأخلاقيات في البيت الأبيض في عهد جورج دبليو بوش، ريتشارد بينتر، “إن تأثر رئيس الولايات المتحدة بالأموال الأجنبية أمر خطر للغاية”.

وينفي ترمب منذ فترة طويلة ارتكاب أي مخالفات، وأشار هو وأفراد آخرون من عائلته إلى أن منظمته كانت منخرطة في مشاريع عقارية عالمية، وغيرها من الشركات الخارجية قبل وقت طويل من دخوله السياسة.

وقال نائب الرئيس التنفيذي لـ”منظمة ترمب” ونجل الرئيس السابق، إريك ترمب، إنه بمجرد أن غادر ترمب البيت الأبيض وأصبح مواطناً عادياً، لم يعد خاضعاً للقضايا القانونية والأخلاقية التي تقيد الرئيس. وأضاف أن الشركة كانت تبحث في أربع قارات عن تطوير منتجعات جديدة، وملاعب غولف ومساكن ووحدات سكنية. وتابع إريك ترمب “لقد عملنا في مجال العقارات منذ أربعة أجيال”، متسائلاً “هل من المفترض أن نجلس ولا نفعل شيئاً على الإطلاق؟”.

“منظمة ترمب” والاحتيال الضريبي

ويثير وضع ترمب كمرشح للرئاسة الأميركية تساؤلات حول ما إذا كان سيلتزم مرة أخرى إنهاء الصفقات التجارية الأجنبية إذا عاد للبيت الأبيض. وقال شخص مطلع على تفكير “منظمة ترمب” إن ذلك سيحدث على الأرجح.

من المتوقع بالفعل أن تشكل مهنة ترمب مشكلة في عام 2024 لأسباب أخرى، إذ دينت منظمته في أواخر عام 2022 بتهمة الاحتيال الضريبي الجنائي، في قضية رفعها المدعي العام لمنطقة مانهاتن.

ويواجه ترمب حالياً محاكمة احتيال مدنية رفعتها المدعية العامة في نيويورك، ليتيتيا جيمس، التي اتهمته بمخطط طويل لتضخيم قيمة أصوله لتحقيق مكاسب مالية، فيما نفى ترمب هذه الاتهامات واتهم المدعين العامين في قضايا نيويورك، بأن لهم دوافع سياسية.

وتختلف العمليات التجارية لترمب اليوم في كثير من النواحي عن تلك التي كانت في عام 2015، عندما ركب المصعد الذهبي في مقره في برج ترمب للإعلان عن ترشحه لمنصب الرئيس، ومنذ أن تولى منصبه، شكلت رئاسته شهية “منظمة ترمب” للأخطار والمشاريع الجديدة، فضلاً عن موازنتها العمومية والمديرين التنفيذيين الذين يتعاملون مع عملياتها اليومية. وحتى مع مشروعها الجديد في عمان، فإن “منظمة ترمب” منخرطة اليوم في عدد أقل من العقارات في جميع أنحاء العالم، مقارنة بما كانت عليه عندما ترشح للرئاسة في عام 2016، ويرجع ذلك جزئياً إلى تركيزه في السنوات الأخيرة على السياسة أكثر من الأعمال.

واليوم، لا يزال دونالد ترمب يمتلك حصة غالبية في عشرات الكيانات التجارية المختلفة تحت مظلة منظمته، لكن العمليات اليومية تقع على عاتق ولديه إريك ودونالد ترمب جونيور.

بدأ التوسع الخارجي الشرس لـ”منظمة ترمب” في عام 2000 بعد أن وضع مشكلاته المالية الشديدة في التسعينيات خلف ظهره، وعلى مدى السنوات الـ15 التالية، أبرمت صفقات لمشاريع عقارية في جميع أنحاء العالم، وكان معظمها مع بيع ترمب العلامة التجارية للشركة وخبرتها الإدارية، ولكن من دون استثمار أي من أموالها الخاصة للحد من أخطارها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجمدت “منظمة ترمب” مزيداً من التوسع الدولي بعد فوز ترمب بترشيح الحزب الجمهوري لمنصب الرئيس في عام 2016، وبدأ الانسحاب من البلدان التي كانت تفكر في تطويرها، أو كانت لديها صفقات جارية فيها. وفي غضون سنوات قليلة، توقفت المنظمة عن التفكير في مشاريع في أكثر من 10 دول، بما في ذلك روسيا والصين وإسرائيل والبرازيل والأرجنتين.

وقال إريك ترمب للصحيفة “في اليوم الذي أصبح فيه دونالد ترمب المرشح الجمهوري، قررنا طوعاً عدم القيام بأي مشاريع أخرى حول العالم”.

لكن “منظمة ترمب” قدمت التزامات قانونية لبعض الصفقات ولم تتمكن من التراجع، بخاصة تلك التي كانت قيد الإنشاء بالفعل، واستمرت في مشاريع التطوير في الهند وإندونيسيا والأوروغواي خلال إدارة ترمب.

ويقول منتقدو المرشح الجمهوري إنه لم يذهب إلى أبعد من ذلك. وقال بينتر “لو كانوا جادين حقاً في شأن تجنب تضارب المصالح، لكانوا باعوا إمبراطورية ترمب بأكملها، فصفقات ترمب الخارجية منذ مغادرته البيت الأبيض تثير تساؤلات حول ما إذا كانت تصرفاته كرئيس قد تأثرت بتوقعات الأعمال المستقبلية… هل هذه المكافآت مقابل القرارات المتخذة في البيت الأبيض؟ أنا أسميها خطة التعويضات المؤجلة”.

مزايا مالية غير دستورية

وأشارت أستاذة القانون في جامعة واشنطن في سانت لويس، كاثلين كلارك، إلى أن حكومات دول مثل إندونيسيا والهند ستكون قادرة على استخدام سلطتها على مشاريع ترمب الجارية للتأثير في سياسة الحكومة الأميركية في إدارة ترمب الثانية. وقالت إن مجرد اتخاذ قرار بوضع حد للمشاريع الجديدة للتعامل مع المخاوف المتعلقة بتضارب المصالح سيكون “غير كاف على الإطلاق”.

واتهم الديمقراطيون وبعض خبراء الأخلاق، ترمب بتلقي مزايا مالية غير دستورية من الرئاسة من خلال ملكية “منظمة ترمب” لشركات مثل فندق ترمب الدولي في مبنى مكتب البريد القديم في واشنطن العاصمة. وخلال فترة الرئاسة، هاجم عديد من المسؤولين الأجانب وجماعات الضغط وغيرهم فندق ترمب، وإنفاق الأموال في أعمال ترمب الأخرى.

وقال إريك ترمب إن المنظمة امتثلت لبند المكافآت في الدستور، وتتابع من كثب الأموال الواردة من الدول الأجنبية، ولن تحتفظ بأي أرباح من هذا العمل.

7.8 مليون دولار أنفقتها دول على ممتلكات ترمب

وفي الآونة الأخيرة، أظهرت السجلات المالية الداخلية التي حصل عليها الديمقراطيون في مجلس النواب، أن الدول أنفقت ببذخ على ممتلكات ترمب، إذ أنفقت ما لا يقل عن 7.8 مليون دولار خلال فترة وجوده في منصبه. ونشأت الوثائق عن سنوات من التقاضي حول ما إذا كان ترمب قد انتهك بند المكافآت، الذي يمنع أصحاب المناصب من قبول أي شيء ذي قيمة من الدول الأجنبية، من دون الحصول على إذن من الكونغرس.

وقال إريك ترمب إن التوسع الخارجي الأخير للمنظمة لم يكن مختلفاً عن الصفقات التي تسعى إليها شركات الفنادق والمنتجعات والعقارات الكبرى الأخرى.

وأضاف “هذه أماكن في العالم من المنطقي بالنسبة إلينا كعلامة تجارية من فئة الخمس نجوم أن نكون فيها”.

جرى التعرف إلى العقارات من حسابات وسائل الإعلام والإعلانات العامة الصادرة عن “منظمة ترمب” وتقارير “وول ستريت جورنال”، وتشمل صفقات الترخيص صفقات العلامات التجارية والأصول التي تديرها المنظمة، ويتم تصنيف الأصول المتعددة الاستخدامات حسب استخدامها الرئيس.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى