خطورة عدم معرفة الفرق | صحيفة الاقتصادية
في الأسبوع الماضي كتبت مقالا بعنوان “لماذا يزداد الأثريـاء ثراء والفقراء فقرا؟” أشرت فيه إلى أن السبب الحقيقي لهذه الظاهرة “العالمية” يكمن في أن الفقراء يذهب دخلهم الوحيد إلى شراء الاحتياجات الاستهلاكية، وليس الاستثمار أو شراء الأصول المدرة للمال “كما يفعل الأثرياء باستمرار”.
ورغم أنني أشرت إلى أن الاستثمار وشراء الأصول “لا يحتاج” إلى مبالغ طائلة كما يعتقد معظمنا. وضربت مثلا بسهم أكبر شركة في العالم “أرامكو” الذي يمكن شراؤه بـ32 ريالا، وسعر الوحدة الاستثمارية “في أضخم الصناديق العقارية” التي لا تتجاوز قيمتها 11 ريالا، لم يهضم البعض الفكرة، وعد مقالي ضربا من التنظير والمثالية الاقتصادية. أتفهم فعلا هذه المواقف، لأن من يعيشون تحت ضغوط الحياة، تستفزهم فكرة الادخار من دخلهم الضعيف أصلا بهدف الاستثمار وامتلاك الأصول.
جـميعنا نـنفق المال لتلبية احتياجاتنا ورغـباتنا “وهذا هـو الجزء السهل”، لكن الصعوبة تكمن في ادخاره بغرض الاستثمار وشـراء أصول مدرة للمال.
الوعي بـأهمية الأصول في بـناء الثروة وزيادة الدخل يفسر كيف يصعد البعض من الصفـر “فيصبح غـنيا أو صاحب دخل كبير”، وكيف يصبح البعض مفلـسا وفـقـيرا “رغـم أنه ورث ثروة ضخمة” بسبب إفراطه في الاستهلاك وتهاونه في الاستثمار. ولهذا السبب، لا يجب أن يذهب كامل دخلك إلى إرضاء غريزة الاستهلاك والامتلاك وشراء سلع لا تقدم عائدا من أي نوع.
يجب أن تكون متوازنا ومتنبها لـكل ما يسحب أو يـضيف المال إلى جيبك. كن بعيد النظر وتعلم الاستمتاع بشراء ما يقدم لك المال أو يرتفع سعـره بمرور الأيام.
كـن حكيما وتوقف عن شراء ما يمكنك الاستغناء عنه والعيش دونه، وسارع ـ فور نزول الراتب ـ إلى تخصيص ما بيـن 10 و20 في المائة لـشراء أسهم أو عملات ذهبية أو وحدات استثمارية أو أي أصول بسيطة يرتفع سعرها بمرور الزمن.
عـدم تقبل فكرة الادخار بغـرض الاستثمار، يفسر قلة عـدد الأثرياء في جميع المجتمعات؟ فمعظم الناس لا يحاولون بكل بساطة الاستقطاع من دخلهم “مهما كان ضئيلا” بغرض الاستثمار وشراء الأصول وإيجاد مصادر دخل رديفة.
الأثرياء هـم الاستثناء والقلة التي فعلت ذلك، وأدركت خطورة الاعتماد على دخل وحيد “كالراتب”.
مشكلتك ليست في اتفاقك أو اختلافك معي، بل في توجيه كامل دخلك للصرف والاستهلاك، وليس الاستثمار وشراء الأصول.
الحقيقة التي لا يدركها معظم الناس أن الثري الحقيقي ليس من يملك أموالا طائلة، بل من يملك أصولا واستثمارات تمنحه المال بشكل دائم ومستمر. فالمال من طبيعته الزوال ـ مهما بلغ حجمه ـ أما الأصول المدرة للمال فـتقدم لك تدفقا نقديا دائما ومستمرا.. مهما صرفت وأنفقـت وأسرفت على نفسك.
Source link