حجوزات الشحن من بكين تتضاعف 300 في المئة بعد اتفاق خاص بالرسوم

تسبب الهدوء المفاجئ للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى موجة من النشاط في المصانع والموانئ الصينية، إذ تسارع الشركات في كلا البلدين إلى تحقيق أقصى استفادة من إلغاء التعريفات الجمركية الثقيلة لمدة 90 يوماً، والذي أعلن عنه في وقت سابق من هذا الأسبوع.
بالنسبة إلى السيدة نيكي يي، وهي بائعة في جنوب الصين تصدر ألعاباً للبيع على “أمازون”، فإن ارتفاع الطلبات بأكثر من 30 في المئة منذ ذلك الإعلان يعني أن شركتها تكثف جهودها لتلبية الطلب، وقالت “وهذا هو الأسبوع الأول فحسب”.
وقال ليو تشانغهاي، مدير المبيعات في وكالة تصدير في شرق الصين متخصصة في أثاث المنازل، إن المبيعات تضاهي الآن تلك التي تحققها خلال موسم الذروة المعتاد، ولكن سيكون هناك تأخير في إرسال البضائع. وتابع “لم تصنع الطلبات الجديدة بعد وليست جاهزة للشحن”.
في غضون ذلك، على وشك أن تبدأ الموانئ في العمل بنشاط، إذ تسارع الشركات إلى شحن المخزون الذي تم حجزه خلال أسابيع من التوتر التجاري. وارتفعت حجوزات حاويات الشحن من الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة تقارب 300 في المئة خلال الأيام السبعة المنتهية في 13 مايو (أيار) الجاري، مقارنة بالأسبوع المنتهي في 5 من الشهر نفسه، وفقاً لشركة “فيزيون”، مزودة برامج تتبع الحاويات.
الشركات الأميركية تسارع لتجديد مخزونها
يمثل هذا تحولاً جذرياً عن الشهر الماضي، عندما أدى التصعيد السريع والمتبادل للرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، الذي بدأه الرئيس دونالد ترمب، إلى ارتفاع الرسوم الجمركية إلى حد كبير، مما أدى إلى توقف التجارة بين الاقتصادين المتشابكين بشدة في السابق.
وقبل أيام، أعلن المفاوضون التجاريون الأميركيون والصينيون خلال اجتماعهم في جنيف، أن الجانبين سيخفضان التعريفات الجمركية بمقدار 115 نقطة مئوية لمدة 90 يوماً أولية.
ودخل الاتفاق حيز التنفيذ الأربعاء الماضي، وترفع الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات الصينية إلى 30 في المئة، من دون احتساب الرسوم السابقة المفروضة خلال ولاية ترمب الأولى.
وفي الوقت نفسه انخفضت الرسوم الجمركية الصينية على جميع الواردات الأميركية، التي فرضت الشهر الماضي، من 125 في المئة على معظم الواردات الأميركية إلى 10 في المئة، مع أن الرسوم الجمركية السابقة على سلع مختارة لا تزال سارية، ومن المتوقع أن تستمر المفاوضات في الأسابيع المقبلة.
في تعليقه، قال رئيس مجلس إدارة شركة “شنغهاي شينهاي” للوساطة الجمركية جي جي تشونغ، وهي شركة كبرى متخصصة في التصريحات الجمركية، لصحيفة “سيكيوريتيز تايمز” (المالية المدعومة من الدولة)، “بغض النظر عن نتائج المفاوضات المستقبلية، يجب على الشركات اغتنام هذه الفرصة البالغة 90 يوماً، وستسارع الشركات الأميركية إلى تجديد مخزوناتها في غضون 90 يوماً، وستسارع الشركات الصينية أيضاً إلى شحن البضائع والتخلص من مخزوناتها في المستودعات”.
من بين من يساعدون الشركات على تجاوز هذا الزحام، “بن شوال”، الذي تساعد شركته “أس تي جي كونسيولانتس” لإدارة سلسلة التوريد ومقرها الصين، الشركات في توريد المنتجات ووضع استراتيجياتها في الصين وآسيا. يقول إنه “أمضى هذا الأسبوع في الرد على استفسارات العملاء”، موضحاً “بعضهم سمع الخبر أثناء إعادة توجيه سلاسل التوريد والتصنيع بعيداً من الصين إلى دول آسيوية أخرى لتجنب الرسوم الجمركية”.
وتابع “لدينا طلبات في فيتنام وإندونيسيا، ونسأل الآن هل يمكنكم إعادة الطلبات إلى الصين؟”. أوضح، أن هناك أيضاً جهوداً حثيثة لإعادة تشغيل الطلبات الملغاة أو شحن البضائع المتبقية من الصين، على رغم أن الرسوم الجمركية لا تزال أعلى مما كانت عليه قبل ولاية ترمب الثانية.
قال عن الاتصالات مع الشركات المصنعة الصينية، “إنها حالة يرجى مواصلة الطلبات التي تم إلغاؤها”.
وأشار إلى أن بعض الشركات سرحت عمالها بالفعل، بينما أغلق مصنعان في الأقل يعملان معهم في أعقاب الرسوم الجمركية.
الشركات الصينية تمدد فترات العمل
على الجانب الآخر من هذه المعادلة، هناك شركات مصنعة صينية مثل “فيفي تونغ” في مقاطعة تشجيانغ الشرقية، التي تستعد لشحن البضائع من مستودعها ولزيادة كبيرة في الطلبات.
ينتج مصنعها سيارات تعمل بالتحكم عن بعد تباع من قبل تجار التجزئة الكبار في الولايات المتحدة. ووفق بيان، قالت تونغ، “كمصنع، نأمل في تلقي أكبر عدد ممكن من الطلبات خلال هذه الأشهر الثلاثة وإكمال الإنتاج والشحن في أسرع وقت ممكن ولا نستطيع تقدير ما سيحدث بعد تلك الفترة”.
ووفقاً لوسائل الإعلام الحكومية الصينية، يعمل الموردون لساعات إضافية وحتى في الليل لتلبية الطلب المتزايد من الشركات الأميركية التي تطالب بشحن الطلبات المتوقفة خلال فترة التسعين يوماً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفق شبكة “سي أن أن”، قال جريج مازا، صاحب شركة إضاءة مقرها دانبري بولاية كونيتيكت، إنه كان من بين أولئك الذين “سارعوا” لتسلم المخزون الذي تم إنتاجه في الصين سابقاً، والذي لم يتم شحنه، نظراً لقلقه من ارتفاع كلف الشحن كما فعلت العديد من الشركات.
وأشار، إلى أنه في وضع أفضل من بعض الشركات التي استعدت للرسوم الجمركية من خلال بناء مخزونه في الولايات المتحدة العام الماضي.
وأضاف “لقد أفرجنا عن الكثير من الحاويات الآن، أو يتم الإفراج عنها، ونحن نقدم طلبات”. ومع ذلك، قال مازا إن طلباته بموجب الاتفاقية الجديدة ستظل تواجه رسوماً جمركية أعلى بكثير من العام الماضي.
وقال “إذا اضطررت إلى تحمل الرسوم الجمركية البالغة 55 في المئة، فيمكنني القيام بذلك بزيادة طفيفة في السعر بحلول وقت وصول (البضائع) وإجراء بعض التغييرات الداخلية في البرنامج”، في إشارة إلى إجمالي الرسوم الجمركية المتوقع فرضها على منتجه، مضيفاً أنه سيسعى إلى “التمسك بالموقف” قدر الإمكان بدلاً من رفع الأسعار.
كلفة شحن الحاويات قفزت بنسبة 50 في المئة
لكن ليست الرسوم الجمركية وحدها هي التي تهدد بزيادة الأسعار على الأميركيين، فقالت شركة “تونغ”، إنها لاحظت ارتفاعاً في كلف الشحن هذا الأسبوع في ظل التدافع الأوسع لاستئناف التجارة.
أوضحت أن كلفة شحن حاوية واحدة، التي كانت تبلغ سابقاً 4000 دولار للرحلة إلى الولايات المتحدة، ارتفعت الآن بنحو 50 في المئة، وقالت إن هذه الزيادة يتحملها المشتري الأميركي.
وفي نهاية المطاف، من المرجح أن يتحمل المتسوقون الأميركيون هذه الكلفة الإضافية، في الوقت نفسه تشير شركات الشحن أيضاً إلى ارتفاع في الطلب.
فشركة الشحن الدنماركية “ميرسك”، التي شهدت انخفاضاً بنسبة 30 إلى 40 في المئة في حجم الشحن البحري بين الصين والولايات المتحدة في أواخر أبريل (نيسان) الماضي، تعمل الآن على زيادة سعة خدماتها عبر المحيط الهادئ بعد زيادة في الحجوزات عقب الاتفاق، وفقاً لما ذكره متحدث باسم الشركة.
وقال بن تريسي نائب رئيس تطوير الأعمال الاستراتيجية في “فيغن” (شركة تتبع حاويات الشحن التي لاحظت ارتفاعاً بنسبة 277 في المئة في الحجوزات خلال الأيام السبعة المنتهية يوم الثلاثاء) إن “تدفق صادرات الحاويات” قد يتعارض مع ما يعتبر عادة موسم ذروة الشحن في الصيف.