عالمي

المصريون يترقبون تعويم الجنيه وأعينهم على أسعار السلع

في وقت يترقب فيه المصريون إعلان التعويم الجديد للجنيه المصري مقابل الدولار، لكن تبقى أعينهم معلقة بأسعار السلع التي تشهد ارتفاعات قياسية وبشكل متسارع. وما بين الرز والسكر والبصل إلى السجائر، فإن موجة الأسعار لا تهدأ على رغم إعلان الحكومة المصرية عديداً من الإجراءات لضبط الأسعار.

وفيما يربط عدد كبير من التجار وموزعي السلع بين الارتفاعات المتتالية في الأسعار والخفض المرتقب للجنيه المصري مقابل الدولار، لكن يبقى السعر العادل لصرف الدولار هو الأزمة الحقيقية. في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، قال المتخصص الاقتصادي هاني توفيق، إنه لا يمكن الحديث عن أي تعويم للجنيه المصري في الوقت الحالي. وأشار إلى ضرورة أن يسبق ذلك إجراءات هيكلية تتعلق بمسار الاقتصاد الكلي وتسهيل بيئة الاستثمار.

لكن في المقابل، تشير مؤسسات وبنوك استثمار دولية إلى ضرورة خفض الجنيه مقابل الدولار لتقريب الأسعار بين سعر صرف الدولار في السوق الرسمية الذي لا يتجاوز 31 جنيهاً وأسعار الصرف في السوق الموازية التي سجلت خلال الفترة الماضية ارتفاعات قياسية، بعدما جرى تداول الورقة الأميركية الخضراء عند مستويات تراوح ما بين 50 و52 جنيهاً.

وفيما يترقب المصريون قرار البنك المركزي المصري في شأن أسعار الفائدة خلال الاجتماع الأخير في 2023 والمقرر عقده الخميس المقبل، لكن تشير التوقعات إلى الاتجاه إلى تثبيت أسعار الفائدة بخاصة بعد اتجاه معدلات التضخم إلى التراجع وإن كان بنسب طفيفة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

توقعات بخفض وشيك للجنيه المصري أمام الدولار

في مذكرة بحثية حديثة رجح بنك “مورغان ستانلي” خفض مرحلي لقيمة الجنيه خلال الربع الأول من العام المقبل إلى مستوى 39 جنيهاً مقابل الدولار، بدلاً من التعويم الكامل لسعر الصرف. ويبلغ السعر الرسمي للدولار 31 جنيهاً في حين يزيد السعر غير الرسمي على ذلك بأكثر من 60 في المئة.

وقال البنك الأميركي إن هناك عوامل عدة ستحدد مسار سياسة سعر الصرف، أولها المخاوف في شأن الأثر المحتمل للسياسة الاقتصادية على كلفة المعيشة والعجز المالي، ومدى اشتراط صندوق النقد الدولي حيال سياسة سعر الصرف المرن على رغم التراجع الأخير في لهجة الصندوق حيال هذا الأمر، إلى جانب آفاق الحصول على تمويل إضافي من الشركاء متعددي الأطراف والإقليميين بخاصة بعد زيادة مكانة مصر الجيوسياسية.

ويرى أن التعديل المرحلي لسعر صرف الجنيه إلى مستويات أقل من سعر السوق الموازية الحالي أمر مناسب على الأرجح على المدى القصير، بمجرد عودة التركيز إلى الاقتصاد بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، ومن شأن هذه الخطوة، إذا ما اقترنت بحزمة أكبر من صندوق النقد الدولي وتمويلات إقليمية ومتعددة الأطراف تصل إلى 7 مليارات دولار، أن تخفف الضغط في السوق الموازية، وتدعم حدوث انتعاش متواضع في التدفقات الأجنبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم ذلك حذر التقرير من أنه إذا ما لم يتطور الخفض المرحلي لسعر العملة إلى تعويم حر أو مدار، يسمح بشكل دائم بمزيد من مرونة سعر الصرف، ستعاود الضغوط في السوق الموازية والاحتياطات، كما حدث بالمرات السابقة.

ورجح “مورغان ستانلي” أن يؤدي التخفيف المتوقع في الظروف المالية العالمية في النصف الثاني من 2024، وزيادة التمويل المتعدد الأطراف، إلى تشجيع الحكومة على اعتماد مزيد من المرونة التدريجية حيال سعر الصرف على رغم الخوف الواضح من التعويم، مما يمهد الطريق لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي في مصر.

وتوقع أن تجدد الحكومة جهودها عقب الانتخابات الرئاسية في برنامج الطروحات الحكومية وخفض الديون. ومن المرشح أن يعمل المسؤولون على زيادة حجم قرض صندوق النقد الدولي من 3 مليارات دولار إلى أكثر من 5 مليارات دولار.

التضخم يتراجع بشكل طفيف في نوفمبر

على صعيد معدلات التضخم، كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر قد أشار إلى أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية بلغ نحو 191.8 نقطة خلال نوفمبر الماضي، ليبلغ معدل التضخم الشهري الإجمالي للجمهورية خلال الشهر الماضي 0.9 في المئة.

فيما أظهرت بيانات البنك المركزي المصري تراجع معدل التضخم الأساس الذي يستثني الوقود وبعض المواد الغذائية المتقبلة، إلى 35.9 في المئة خلال نوفمبر من 38.1 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول). وكان متوسط توقعات ستة من المحللين الذين تم استطلاع آرائهم يرجح تباطؤ المعدل إلى 37.2 في المئة.

وأوضح جهاز الإحصاء أن المعدل السنوي للتضخم تراجع خلال نوفمبر الماضي إلى مستوى 34.6 في المئة مقابل 35.8 في المئة خلال أكتوبر 2023. وجاء هذا التراجع على رغم ارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 5.2 في المئة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 0.1 في المئة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.7 في المئة، ومجموعة الزيوت والدهون بنسبة 1.0 في المئة، ومجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 5.9 في المئة، ومجموعة الدخان بنسبة 11.7 في المئة، ومجموعة الأقمشة بنسبة 2.2 في المئة.

وواجه المستوردون المصريون أزمة كبيرة خلال الربع الأخير من العام الماضي، حينما تكدست البضائع في الموانئ المصرية، لكن وفق البيانات الرسمية فقد أفرج عن بضائع بقيمة 63.7 مليار دولار منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية الشهر الماضي، فيما لا يتبقى سوى بضائع بقيمة 5 مليارات دولار تنتظر إصدار الإفراجات الجمركية الخاصة بها.

وبينما يجري تداول الدولار في السوق الموازية عند مستويات أقل من 48 جنيهاً في الوقت الحالي، لكن وفق متعاملين فإن عدداً كبيراً من المستوردين يسعرون السلع والمنتجات من حساب 55 إلى 58 جنيهاً للدولار في الوقت الحالي. إذ تعتمد شريحة كبيرة من المستوردين وكبار التجار على السوق الموازية في توفير ما يلزمهم من عملات صعبة للوفاء بالالتزامات الخارجية الخاصة بالتعاقدات.

وعلى رغم المبادرات العديدة التي أعلنتها الحكومة المصرية لضبط أسعار السلع، فإن السوق تشهد حالياً أزمات عدة، أبرزها أسعار السكر والسجائر والرز التي شهدت ارتفاعات خلال الفترة القليلة الماضية بنسب تتجاوز 100 في المئة. وفيما يربط بعض التجار وأصحاب المحال بين أزمة الارتفاعات المتتالية والمتسارعة في أسعار غالبية السلع وأزمة أسعار صرف الدولار وعودة نشاط السوق السوداء وارتفاع سعر الورقة الأميركية الخضراء إلى مستويات أعلى من 50 جنيهاً، يرى البعض وبخاصة الأكاديميين أن الأزمة تتعلق بالاحتكار وعدم وجود رقابة على الأسواق.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى