كيف تتأثر سوق الصرف في مصر بقرار تثبيت أسعار الفائدة؟

بعد ارتفاعه خلال منتصف تعاملات الأسبوع الماضي عاد الدولار الأميركي إلى مربع الخسائر مقابل الجنيه المصري، وبعد ساعات من قرار البنك المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة تشهد سوق الصرف في مصر حالاً من الهدوء والاستقرار.
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسة من دون تغيير، إذ ثبتت سعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 24 في المئة، وسعر الإقراض عند مستوى 25 في المئة، وسعر العملية الرئيسة عند مستوى 24.50 في المئة، وقررت اللجنة تثبيت سعر الائتمان والخصم عند مستوى 24.50 في المئة.
في التعاملات الأخيرة سجل سعر صرف الدولار الأميركي استقراراً واضحاً أمام الجنيه المصري، إذ استقر سعر صرف الدولار لدى البنك المركزي المصري عند 49.44 جنيه للشراء و49.58 جنيه للبيع، وفي البنك الأهلي المصري سجل سعر صرف الدولار 49.46 جنيه للشراء و49.56 جنيه للبيع، ولدى بنك مصر بلغ سعر صرف الدولار نحو 49.45 جنيه للشراء، و49.55 جنيه للبيع، وبلغ أعلى سعر لصرف الدولار مستوى 49.60 جنيه للشراء، و49.70 جنيه للبيع لدى البنك الأهلي الكويتي.
لماذا قررت اللجنة تثبيت أسعار الفائدة؟
وفي بيانها قالت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري إن قرار تثبيت أسعار الفائدة يأتي انعكاساً لتطورات وتوقعات الاقتصاد المحلي والعالمي منذ الاجتماع السابق، مشيرة إلى استمرار حال عدم اليقين على الساحة العالمية نتيجة التوترات التجارية والسياسات النقدية الحذرة في كبرى الاقتصادات إلى جانب تقلبات أسعار النفط وتراجع أسعار السلع الزراعية بدعم من عوامل موسمية، وسط أخطار قائمة مثل الصدمات المناخية والتوترات الجيوسياسية.
محلياً أظهرت البيانات الأولية استمرار تعافي النشاط الاقتصادي في الربع الثاني من عام 2025 مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 4.8 في المئة، وهو المعدل ذاته المحقق في الربع الأول من العام، مقارنة بنحو 2.4 في المئة خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وأشارت التقديرات إلى أن فجوة الناتج آخذة في التقلص، مع توقعات ببلوغ الطاقة الإنتاجية القصوى للاقتصاد بحلول نهاية السنة المالية 2025/2026، مما يعني استمرار محدودية الضغوط التضخمية من جانب الطلب.
أما على صعيد التضخم فواصل التراجع خلال الربع الثاني من العام الحالي مسجلاً معدلاً سنوياً بلغ 15.3 في المئة مقارنة بنحو 16.5 في المئة خلال الربع الأول، وتراجع معدل التضخم العام والأساس في يونيو (حزيران) الماضي ليسجل 14.9 في المئة و11.4 في المئة على التوالي، مدفوعاً بانخفاض شهري في الأسعار (- 0.1 في المئة للتضخم العام و- 0.2 في المئة للتضخم الأساس)، نتيجة تراجع أسعار المواد الغذائية واستقرار أسعار السلع غير الغذائية.
ورجحت اللجنة أن يستقر معدل التضخم السنوي عند مستوياته الحالية لبقية عام 2025، قبل أن يتخذ مساراً هبوطياً تدريجاً خلال عام 2026، ما لم تظهر تطورات غير متوقعة في أسعار السلع غير الغذائية أو إجراءات السياسة المالية كالتعديلات الأخيرة في ضريبة القيمة المضافة.
وعلى رغم تحسن مؤشرات التضخم فضلت اللجنة التريث وعدم التعجيل ببدء دورة التيسير النقدي لإتاحة الفرصة لتقييم آثار المستجدات التشريعية والاقتصادية الأخيرة، مؤكدة أنها ستستمر في اتخاذ قراراتها بناءً على البيانات المستجدة وتوازنات الأخطار.
وأكدت اللجنة التزامها الكامل باستخدام جميع أدوات السياسة النقدية لضمان استقرار الأسعار والوصول بالتضخم إلى المستوى المستهدف البالغ 7 في المئة (±2 في المئة) خلال الربع الأخير من عام 2026.
توقعات بخفض أسعار الفائدة في اجتماع أغسطس
لكن قرار التثبيت كان متوقعاً بالنظر إلى توقيت الاجتماع، والذي يتزامن مع بدء موازنة العام المالي 2025/2026 وما يرتبط بها من إجراءات تشديد مالي، وفق ما ذكره رئيس قطاع البحوث في شركة “الأهلي فاروس” هاني جنينة.
وتوقع جنينة أن يستأنف البنك المركزي المصري دورة التيسير النقدي في اجتماع الـ28 من أغسطس (آب) المقبل، مع خفض محتمل لأسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس، مستشهداً بتوقعات خفض “الفيدرالي” (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) 2025 واستكمال المراجعات المعلقة لمصر مع صندوق النقد الدولي في شأن برنامج التمويل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى تباطؤ معدل التضخم السنوي، والذي سجل 14.9 في المئة خلال يونيو 2025 مقابل 16.8 في المئة خلال مايو (أيار) الماضي، مما يشير إلى تحسن نسبي في المؤشرات الاقتصادية ومزيد من السيطرة على ضغوط الأسعار في الأسواق.
وقبل أيام قرر صندوق النقد الدولي دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لتسهيل الصندوق الممدد البالغة قيمته 8 مليارات دولار لمصر. ويتوقع الصندوق أن تتم المراجعة المتأخرة في الخريف إلى جانب الشريحة البالغة 1.3 مليار دولار التي كانت الحكومة تتوقع الحصول عليها هذا الشهر.
وقالت مديرة الاتصالات في صندوق النقد الدولي جولي كوزاك، “هناك حاجة إلى مزيد من الوقت” لإحراز تقدم في انسحاب الدولة من الاقتصاد وأجندة الإصلاح الأوسع.
وفي تعليقه على قرار صندوق النقد قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إن قرار صندوق النقد الدولي جاء بعد عدم تحقيق مستهدفات برنامج الطروحات بسبب التوترات الجيوسياسية الإقليمية، قائلاً “وجدنا كدولة أنه ليس من الملائم أبداً طرح الأصول في فترة لا تحقق القيمة العادلة لها، بالتالي هذا هو الأهم بالنسبة إلينا، ليس مجرد تحقيق مستهدفات فحسب، ولكن الأهم كيف نضمن تعظيم الاستفادة من أصول الدولة وتحقيق القيمة العادلة للدولة المصرية”.
احتياط النقد الأجنبي يقفز لـ48.7 مليار دولار
وعلى صعيد السيولة الدولارية كشف بيانات حديثة للبنك المركزي المصري عن ارتفاع صافي الاحتياطات الدولية لدى مصر خلال يونيو 2025 نحو 18 مليون دولار، مقارنة بمايو السابق له.
وبحسب البيانات وصل صافي الاحتياطات الدولية إلى 48.7 مليار دولار في يونيو الماضي مقارنة مع 48.52 مليار دولار في نهاية مايو 2025.
وباع البنك المركزي المصري أذون وسندات خزانة محلية قياسية خلال العام المالي 2024/2025، بقيمة 6 تريليونات جنيه (121.212 مليار دولار) بزيادة بنحو 9 في المئة مقارنة مع حصيلة الإصدارات في 2023/2024، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
وكانت الحكومة المصرية تقدر حاجتها إلى الاقتراض خلال العام المالي 2024/2025 بنحو 3.575 تريليون جنيه (72.222 مليار دولار) بهدف سداد مديونيات وعجز الموازنة مقابل 2.85 تريليون جنيه (57.575 مليار دولار) كانت مستهدفة خلال العام المالي 2023/2024.
وتسلمت مصر في مارس (آذار) الماضي نحو 1.2 مليار دولار بعد المراجعة الرابعة من صندوق النقد الدولي، بينما قرر الصندوق دمج المراجعة الخامسة مع السادسة في سبتمبر المقبل.