أول صدمة للأميركيين من تعريفات ترمب الجديدة

على رغم التوقعات بزيادات ضخمة في الأسعار بجميع السلع في السوق الأميركية خلال الفترة المقبلة، فإن الرئيس دونالد ترمب أكد أن الرسوم الجمركية لن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، لكن يبدو أن الاقتصاد الأميركي لا يتفق مع هذا الرأي، فالتضخم، الذي ظل معتدلاً نسبياً، يرتفع تدريجاً بسبب الرسوم الجمركية.
ستؤدي جولة ترمب الأخيرة من الضرائب المرتفعة على الواردات، التي ستدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة من الدول المتضررة في الولايات المتحدة فوراً، وعلى رغم أن الشركات حاولت تحمل جزء من الكلفة، فإنها قد تضطر الآن إلى تحميل المستهلكين جزءاً من هذه النفقات، وهذا يعني ارتفاع الأسعار على الأميركيين.
ومنذ أبريل (نيسان) الماضي، شهدت الرسوم والتعريفات الجمركية التي توسع الرئيس الأميركي في فرضها، عديداً من المنعطفات التي غالباً ما تنتهي بتراجع ترمب عن بعض القرارات ولكن غالباً ما يكون التراجع في اللحظات الأخيرة قبل بدء التطبيق حتى يسمح بجولة جديدة من المفاوضات.
لا تزال التعريفة الجمركية الشاملة بنسبة 10 في المئة سارية، لكن نحو 40 دولة تعاني عجزاً تجارياً مع الولايات المتحدة الأميركية، ستواجه الآن تعريفة بنسبة 15 في المئة، وسيفرض على بعضها تعريفات أعلى، فعلى سبيل المثال، تواجه البرازيل تعريفة جمركية إجمالية بنسبة 50 في المئة بعد فرض تعريفة إضافية بنسبة 40 في المئة الأربعاء الماضي، على رغم أن الولايات المتحدة حققت فائضاً تجارياً العام الماضي، إذ كانت صادراتها إلى البرازيل تفوق وارداتها.
أجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات تتصدر القائمة
وتعد أجهزة الكمبيوتر من بين أبرز السلع التي استوردتها الولايات المتحدة العام الماضي، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الأميركية، وكانت الصين والمكسيك وتايوان وفيتنام وماليزيا أبرز الدول المصدرة لأجهزة الكمبيوتر والمنتجات الإلكترونية الأخرى إلى الولايات المتحدة العام الماضي.
وتواجه السلع الصينية بالفعل حداً أدنى للرسوم الجمركية بنسبة 30 في المئة، مع بعض الاستثناءات، مع ذلك، قد ترتفع هذه الرسوم بشدة قريباً إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين بحلول الـ12 من أغسطس (آب) الجاري.
يمكن شحن السلع المكسيكية إلى الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية إذا كانت متوافقة مع اتفاق تجاري وقعه ترمب خلال ولايته الأولى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الوقت نفسه من المقرر فرض رسوم جمركية على السلع من تايوان وفيتنام وماليزيا بما يقارب ضعف مستوياتها الحالية بحلول الأسبوع المقبل. وعلى رغم أن الزيادات في الأسعار كانت معتدلة بصورة عامة، فإن كلفة أجهزة الكمبيوتر على المستهلكين زادت بنسبة خمسة في المئة تقريباً في يونيو (حزيران) الماضي من هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لبيانات مؤشر أسعار المستهلك.
وعلى رغم أن الهند ليست من بين أكبر خمسة مصادر لأجهزة الكمبيوتر المصنعة في الخارج، فإنها لا تزال مورداً رئيساً لأجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة الإلكترونية إلى الولايات المتحدة، ومن المقرر أن تواجه السلع الواردة من هناك حداً أدنى للرسوم الجمركية بنسبة 25 في المئة.
ويقدر اقتصاديون في مختبر موازنة جامعة “ييل” أن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب الخميس الماضي، إذا طبقت لأجل غير مسمى، قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار أجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة الإلكترونية بنسبة 18.2 في المئة على المدى القصير، و7.7 في المئة على المدى البعيد.
ويرى باحثون أن المدى القصير يتراوح ما بين عامين وثلاثة أعوام، بينما يتراوح المدى البعيد ما بين ثلاثة و10 أعوام.
الملابس تترقب زيادات أكثر من 37 في المئة
كما هي الحال مع الإلكترونيات، تشتري أميركا معظم ملابسها من دول أخرى، ومن أبرز الوجهات الصين وفيتنام وبنغلاديش والهند وإندونيسيا، والرسوم الجمركية التي يفرضها ترمب على هذه الدول لها تأثير كبير في أسعار الملابس، بخاصة أنها من أهم السلع التي تستوردها الولايات المتحدة عموماً. ويقدر مختبر موازنة جامعة “ييل” أن الأسعار قد ترتفع 37.5 في المئة على المدى القصير و17.4 في المئة على المدى الطويل.
وتعد ساعات اليد من أبرز الصادرات السويسرية إلى الولايات المتحدة، والتي من المقرر أن تواجه تعريفة جمركية متبادلة بنسبة 39 في المئة، وخلال العام الماضي، صدرت سويسرا ساعات بقيمة تزيد على 4 مليارات دولار إلى الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن ترتفع أسعار المنتجات الجلدية، التي غالباً ما تشمل الساعات، بنسبة 39.7 في المئة على المدى القصير و18.9 في المئة على المدى الطويل.
في السياق، تعد الصين وفيتنام وإندونيسيا من أبرز وجهات تصنيع الأحذية، ومن المقرر أن تبدأ الرسوم الجمركية على هذه الدول الثلاث من 19 في المئة كحد أدنى، اعتباراً من الأسبوع المقبل، وكما هي الحال مع الساعات، تستخدم عديد من أنواع الأحذية الجلود، وقد تشهد زيادات مماثلة في الأسعار نتيجة لذلك.
متى تدخل الزيادات الجديدة حيز التنفيذ؟
أيضاً، يشكل النبيذ والمشروبات الروحية المستوردة نحو 35 في المئة من إيرادات جميع مبيعات الولايات المتحدة في سوق الكحول، وفقاً لجمعية تجار الجملة للنبيذ والمشروبات الروحية في السوق الأميركية.
ومن المقرر أن ترتفع الرسوم الجمركية على السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي، وهو مورد رئيس للمشروبات الكحولية، بما في ذلك النبيذ والويسكي والفودكا، من 10 إلى 15 في المئة.
فيما تعد فيتنام المصدر الرئيس للأثاث المستورد، تليها الصين، لذا فمن المتوقع أن تشهد السوق زيادات جديدة في الأسعار خلال الفترة المقبلة على خلفية التعريفات والرسوم الجديدة.
وتعد الصين وفيتنام أكبر دولتين تصدران الألعاب إلى الولايات المتحدة، وقد حذرت شركات الألعاب بالفعل من ارتفاع الأسعار بسبب الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الصينية، ومن المرجح أيضاً أن تشكل الرسوم الجمركية المرتفعة على السلع الفيتنامية نقطة ضغط.
إضافة إلى أن الشركات لم تحمل المستهلكين كلف الرسوم الجمركية بالكامل حتى الآن، تحسباً لارتفاع ضرائب الاستيراد، فقد أمضى كثير منها أشهراً في تخزين البضائع، وهذا هو السبب جزئياً وراء تقديرات محللي الاقتصاد في “غولدمان ساكس”، أن الأمر يستغرق ثمانية أشهر حتى “يتحقق تأثير كلف السلع الاستهلاكية المستوردة بالكامل في أسعار المستهلك”.