“الفيدرالي” الأميركي… قلب المال والأعمال في العالم

يعد مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي يطلق عليه اختصاراً بـ”الاحتياطي الفيدرالي” (Federal Reserve أو Fed)، الجهة المسؤولة عن وضع وتنفيذ السياسات النقدية في البلاد، ويؤدي دوراً حيوياً في استقرار النظام المالي والاقتصاد الأميركي بصورة عامة.
ما التنظيم الهيكلي والإداري للبنك؟
يتكون “الفيدرالي” من ثلاثة مكونات رئيسة، أولاً مجلس المحافظين (Board of Governors)، الذي يتكون من سبعة أعضاء يعينون من قبل الرئيس الأميركي ويوافق عليهم مجلس الشيوخ، ويشرف هذا المجلس على مجمل أنشطة النظام الفيدرالي.
ثانياً البنوك الاحتياطية الفيدرالية الإقليمية، يصل عددها إلى 12 بنكاً موزعة على مناطق مختلفة في الولايات المتحدة، ولكل منها مجلس إدارة خاص.
أما المكون الثالث فهي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة “FOMC” التي تتكون من أعضاء مجلس المحافظين ورؤساء بعض البنوك الإقليمية، وتتولى هذه اللجنة وضع السياسات المتعلقة بأسعار الفائدة وعمليات السوق المفتوحة.
متى أُسس؟
أُسس البنك الفيدرالي الأميركي عام 1913 بموجب “قانون الاحتياطي الفيدرالي” الذي أقره الكونغرس الأميركي ووقعه الرئيس وودرو ويلسون، وذلك كرد فعل على الأزمات المالية المتكررة التي كانت تصيب النظام المصرفي الأميركي في نهاية القرن الـ19 وبداية القرن الـ20.
ما دوره؟
يؤدي الاحتياطي الفيدرالي دوراً محورياً في الاقتصاد الأميركي، وتشمل مهامه الرئيسة، التحكم في السيولة النقدية من خلال أدوات السياسة النقدية، إلى جانب ضبط أسعار الفائدة بهدف تحقيق الاستقرار السعري وتحفيز النمو أو كبح التضخم، كذلك الإشراف على البنوك والمؤسسات المالية لحماية النظام المالي، وتوفير السيولة في أوقات الأزمات كمقرض أخير للبنوك، إضافة إلى إصدار العملة الأميركية (الدولار).
ما أهميته بالنسبة إلى اقتصادات الدول؟
تنبع أهمية البنك الفيدرالي عالمياً من عوامل عدة، أبرزها أن الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية، وتسعر به معظم السلع الاستراتيجية مثل النفط.
هذا علاوة على أن أسعار الفائدة التي يحددها “الفيدرالي” تؤثر في التدفقات المالية والاستثمارات العالمية، خصوصاً في الأسواق الناشئة.
وقرارات “الفيدرالي” في شأن السيولة والتحفيز أو التشديد تؤثر في أسعار الأصول، من الأسهم إلى السندات إلى العملات الأجنبية.
لماذا تسير البنوك المركزية العالمية خلفه وتدور في فلكه؟
البنوك المركزية في كثير من الدول تضطر إلى التفاعل مع قرارات “الفيدرالي” للأسباب التالية:
أولاً الحفاظ على استقرار عملاتها المحلية، إذ إن رفع “الفيدرالي” للفائدة يجذب رؤوس الأموال إلى الدولار، مما يضعف العملات الأخرى.
ثانياً، مجاراة التشدد أو التيسير النقدي لتفادي خروج رؤوس الأموال أو ضغوط تضخمية.
ثالثاً، الروابط التجارية والمالية العميقة بين الاقتصادات المحلية والاقتصاد الأميركي، نتيجة لذلك، فإن قرارات “الفيدرالي” تعد معياراً ضمنياً أو مباشراً لسياسات نقدية كثيرة في العالم.
من رئيس البنك؟
الرئيس الحالي للاحتياطي الفيدرالي هو جيروم باول، ويشغل هذا المنصب منذ عام 2018.
من يختاره؟
يعين رئيس الاحتياطي الفيدرالي من قبل رئيس الولايات المتحدة، ويحتاج إلى تصديق مجلس الشيوخ.
مدة الولاية؟
تمتد ولاية رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلى أربعة أعوام، ويمكن تجديدها، ويعد جيروم باول أحد الرؤساء القلائل الذين أعيد تعيينهم من قبل رئيس من حزب مختلف.
خلفية الصدام بين جيروم باول والرئيس الأميركي؟
الصدام الحالي بين جيروم باول والرئيس الأميركي رونالد ترمب (أو بالأحرى البيت الأبيض) يتمحور حول التوجهات المتشددة لـ”الفيدرالي” في رفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم، والرئيس بايدن وفريقه الاقتصادي يرغبون في خفض الفائدة لدعم النمو وتفادي ركود قبيل الانتخابات الرئاسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، جيروم باول يصر على الاستمرار في سياسة التشديد النقدي حتى يتأكد من تراجع التضخم إلى مستويات مستدامة، مما يعكس استقلالية البنك عن الضغوط السياسية.
يكرر ترمب مطالبته “الاحتياطي الفيدرالي” بتخفيض أسعار الفائدة عن مستوياتها الحالية المرتفعة فوق أربعة في المئة (4.25–4.5 في المئة)، لكن البنك المركزي يتمتع باستقلالية في وضع السياسة النقدية، مما لا يمنح البيت الأبيض سلطة عليه. ومع أن ترمب فكر في إقالة رئيس “الاحتياطي” ليأتي بمسؤول ينفذ رغبته في خفض أسعار الفائدة، فإن كثراً نصحوه بعدم الإقدام على ذلك لما فيه من مساس باستقلالية البنك.
ليست المرة الأولى؟
ويواجه رئيس “الاحتياطي الفيدرالي” انتقادات لاذعة من ترمب منذ أشهر، ويتهمه الأخير بانتهاج سياسة نقدية تقييدية للغاية، ووصفه بـ”الغبي” و”العنيد”، وقال إن الولايات المتحدة ستدفع ثمن “عدم كفاءته أعواماً مقبلة”.
ويحذر الاقتصاديون من أن تدخل السياسيين في قرارات “الفيدرالي” يميل إلى تحفيز خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد على المدى القصير، وهو ما يكسبهم شعبية فورية، لكنه يحمل تبعات تضخمية قاسية لاحقاً.
الموقف الحالي ليس جديداً، ففي عام 1972، مارس الرئيس ريتشارد نيكسون ضغوطاً على رئيس “الفيدرالي” آنذاك، آرثر بيرنز، لخفض الفائدة قبل الانتخابات، وهو ما اعتبر لاحقاً من العوامل التي أدت إلى انفلات التضخم.
وبعد نحو عقد، في 1981، اضطر “الفيدرالي” إلى رفع الفائدة إلى 20 في المئة للسيطرة على التضخم، مما أدى إلى دخول الاقتصاد في ركود وارتفاع معدل البطالة إلى 10 في المئة.