عالمي

الآسيويات في صدارة الرابحين عالميا من قفزات الذهب في 2025

كل قطعة ذهب تملكها السيدة فرزانة غاني تحمل ذكرى خاصة، فلديها أطقم مجوهرات فاخرة أهدتها لها حماتها من حفل زفافها في باكستان، وسلسلة ذهبية أهدتها لها والدتها بعد أداء فريضة الحج، وعملات ذهبية احتفالاً بميلاد ابنتها، وستستمر في الاستثمار في الذهب، مع وصول أسعاره إلى مستويات قياسية.

تقول غاني، البالغة من العمر 56 عاماً، من ميامي بولاية فلوريدا “مقارنة بالسندات والنقود، لا أزال أفضل شراء العملات الذهبية”.

تشتهر العرائس في جنوب آسيا بتزيينهن بهذا المعدن الثمين، القلائد والأقراط وخواتم الأنف وأكسسوار الشعر والتمائم، التي يمكن إهداؤها أو توريثها. غالباً ما تبدأ كل سيدة في جمع الذهب قبل ولادتها، ويضم صندوقها في الغالب قطع وهدايا موروثة لإحياء ذكرى ميلادهن ومحطات حياتهن وأعيادهن الدينية.

يعرف الذهب بأنه الملاذ الآمن الأكثر موثوقية منذ آلاف السنين، لكنه أكثر من مجرد استثمار لعائلات جنوب آسيا، إذ يمتد تقليد وراثة البنات لذهب أمهاتهن في مختلف أنحاء الهند الحضرية والريفية، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية والاقتصادية، وهو متأصل بعمق في نسيج ثقافة المنطقة، حرفياً في كثير من الأحيان، فالنساء يقدسن القطع الذهبية باعتبارها إرثاً عائلياً ثميناً بدلاً من أن تكون وسيلة سريعة لكسب المال، وبالنسبة إليهن، قد يكون الذهب أحد الأصول القليلة التي تخصهن حصرياً.

الذهب يقفز بأكثر من 26 في المئة في 2025

خلال العام الحالي، ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 26 في المئة، بعدما ارتفعت بنسبة 27 في المئة عام 2024، وبلغ المعدن الأصفر أعلى مستوى قياسي له متجاوزاً 3500 دولار للأونصة في أبريل (نيسان) الماضي، مدفوعاً بأجندة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الفوضوية للتعريفات الجمركية وهجماته على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وتستفيد نساء جنوب آسيا، اللاتي استثمرن معظم أصولهن في الذهب منذ فترة طويلة، من هذا الارتفاع.

“كل ما أملكه ذهب”، هكذا وصفت أم من جنوب آسيا لمتابعيها على منصة “تيك توك”، وهي تعرض قلادة من الذهب عيار 24 قيراطاً حصلت عليها قبل 28 عاماً. قالت “عندما اشتريت هذه (القلادة) تحديداً، كان الذهب رخيصاً جداً في تلك الأيام. كان سعر الغرام الواحد 12 دولاراً، أما الآن فهو أعلى من 100 دولار”.

كانت الهند ثاني أكبر سوق للمجوهرات الذهبية في العالم عام 2023، بفارق ضئيل عن الصين، وفقاً لمجلس الذهب العالمي، وفي عام 2021، اشترت الهند 611 طناً من المشغولات الذهبية، وبالمقارنة، اشترت منطقة الشرق الأوسط، ثاني أكبر منطقة نحو 241 طناً.

ويعتمد الطلب في الهند على المجوهرات، إذ من المتوقع أن تشهد البلاد ما بين 11 و13 مليون حفل زفاف سنوياً، وتستحوذ مجوهرات الزفاف على أكثر من 50 في المئة من حصة سوق الذهب.

ويشكل سكان جنوب آسيا نحو 10 في المئة من قاعدة عملاء شركة “سولومون غلوبال”، مورد الذهب البريطاني، وشهدت الشركة ارتفاعاً ملحوظاً في عدد النساء من أصل جنوب آسيوي اللاتي يشترين الذهب خلال العام الماضي.

في بيان، قال كبير استراتيجيي السوق للأميركيتين في مجلس الذهب العالمي، جوزيف كافاتوني، “تعد المجوهرات من الأشياء التي تحظى بمكانة مرموقة في حياة الناس، فهي تركز بصورة كبيرة على المستهلك، كما أنها تمثل آلية فعالة للادخار ونقل الثروة من جيل إلى جيل”.

أصول عائلية تزداد قيمتها مع مرور الوقت

لا يعد الناس في الهند الذهب ترفاً، وفقاً للرئيس التنفيذي لمجلس الذهب العالمي في الهند ساتشين جاين، بل ينظر إلى القطع الذهبية على أنها أصول عائلية لا تزداد قيمتها إلا مع مرور الوقت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمثل المجوهرات الذهبية حماية مالية ملموسة في منطقة قد لا يتمكن فيها ملايين الأشخاص، بخاصة النساء، من الوصول إلى حسابات مصرفية أو غيرها من صور الاستثمار المنظم. في الهند، تدير أقل من 50 في المئة من النساء شؤونهن المالية بصورة مستقلة، وفقاً لاستطلاع أجرته شركة “يوغوف” في مارس (آذار) الماضي.

نشأت غاني بهذه العقلية، ففي باكستان، نصحتها والدتها بادخار أي مصروف جيب، وبمجرد تراكمه، فإنها تشتري عملات ذهبية عيار 24 قيراطاً، وتقول وفق شبكة “سي أن أن”، “نحن النساء الشرقيات معروفات دائماً بامتلاكنا للمال في الأيام الصعبة… لا نعيش لليوم ثم ننسى الغد”.

هوس عالمي بالذهب

لكن عام 2025، لن يقتصر اعتماد عرائس جنوب آسيا على استثمارات الذهب، إذ أدت حرب ترمب التجارية إلى فوضى كبيرة في حركة التجارة العالمية، ويتطلع المستثمرون إلى تحويل أصولهم من العملات الورقية الأكثر تقلباً. وسجل الذهب أقوى عائد ربع سنوي له منذ عام 1986 خلال الربع الأول من عام 2025، مع تزايد الطلب على الملاذات الآمنة إلى معادن أخرى مثل الفضة والبلاتين.

وقال مدير الثروات في شركة الاستثمار “سافي أدفايزرز”، جوشوا بارون، “الذهب حصن منيع للأمان والقيمة”. وحتى مع الانخفاضات العرضية، ارتفع سعر أونصة الذهب بأكثر من 1900 في المئة على مدار الـ50 عاماً الماضية، وفقاً لشركة “بيليون بي بوست” وهي أكبر تاجر ذهب عبر الإنترنت في المملكة المتحدة.

تشتري البنوك المركزية في الهند والصين السبائك لتعزيز احتياطاتها، وزاد بنك الاحتياط الهندي احتياطاته من الذهب بنسبة 35 في المئة خلال الأعوام الخمسة الماضية، وفقاً لشركة “سولومون غلوبال”.

وكثيراً ما دأب سكان جنوب آسيا على تخزين الذهب في منازلهم، وتشير التقديرات المتحفظة إلى وجود 25 ألف طن أو أكثر من الذهب في منازلهم في الهند.

الهنود يحتفظون بذهبهم حتى مع ارتفاع الأسعار

لكن سكان جنوب آسيا غير مهتمين ببيع ذهبهم حتى الآن، إذ يوضح جاين من مجلس الذهب العالمي، أن الهنود يحتفظون بذهبهم حتى مع ارتفاع الأسعار، على رغم اتجاه زيادة المبيعات عندما كانت الأسعار مرتفعة نسبياً في الماضي.

ويقول كافاتوني من مجلس الذهب العالمي “تميل الأسواق الغربية إلى الاحتفاظ بالذهب عندما تكون الأوضاع مقلقة للغاية، وأخطار السوق وعدم اليقين، لكن العائلات (من جنوب آسيا)، احتفظت بالذهب لفترة طويلة، لأنها ترى أن الذهب ينمو مع التوسع الاقتصادي ويرتبط بالناتج المحلي الإجمالي”.

بدلاً من ذلك، أشار جاين، إلى أن المستهلكين الهنود عادوا في العام الماضي إلى المتاجر وحولوا مجوهراتهم القديمة إلى تصاميم أكثر عصرية، ولا يزال الشباب يرون قيمة الاحتفاظ بالذهب، لكنهم يريدون قطعاً يمكنهم ارتداؤها يومياً بدلاً من أطقم الزفاف الضخمة الموجودة في خزائن البنوك. يقول جاين “أعتقد أن المستهلك الأصغر سناً يرغب في امتلاك هذه القطع، والوقوع في حبها، واستخدامها، وجعلها جزءاً من حياته”.

عندما احتفلت ابنة غاني بزفافها في ديسمبر (كانون الأول) 2024، حولت عديد من عملاتها الذهبية وأطقم مجوهراتها القديمة إلى مجموعة عصرية للعروس، مجموعة يمكنها الاحتفاظ بها وتوريثها لأطفالها في المستقبل.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى