عالمي

3 أسباب دفعت “فيتش” إلى خفض توقعاتها لنمو اقتصاد مصر

خفضت وكالة “فيتش سوليونشز” توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري إلى 4.7 في المئة خلال العام المالي 2025 – 2026، مقارنة بتوقعاتها السابقة البالغة خمسة في المئة.

وأرجعت وحدة الأبحاث التابعة للوكالة “بي أم آي” الخفض إلى ثلاثة أسباب، تمثلت في التأثير غير المباشر للتعرفات الجمركية الأميركية التي أشعلت حالاً من عدم اليقين في السوق، إضافة إلى ضعف التجارة العالمية وتراجع الطلب من أسواق التصدير الرئيسة لمصر.

وعلى رغم تعديل وحدة الأبحاث توقعاتها حيال النمو بالخفض، فلا يزال من المتوقع تسارع النمو الاقتصادي في البلاد مقارنة بتقديراتها البالغة 3.9 في المئة للعام المالي الحالي.

وذكرت الوكالة أن الاستهلاك الخاص سيكون المحرك الرئيس للنمو خلال العام المالي المقبل، إذ سيرتفع بصورة حادة بفضل زيادة أجور العاملين في القطاعين العام والخاص، وانخفاض كلف الاقتراض وحزمة الحماية الاجتماعية الأخيرة، ومن المتوقع أيضاً أن تستمر الأنشطة الاستثمارية في التعافي مما يدعم النمو الاقتصادي.

لكن توقعات وحدة الأبحاث تأتي أكثر تفاؤلاً من آخرين، إذ تتوقع الحكومة المصرية نمو اقتصاد البلاد بـ 4.5 في المئة خلال العام المالي 2025 – 2026 قبل أن يتسارع إلى خمسة  في المئة خلال العام المالي 2026 – 2027.

وفي المقابل رفع صندوق النقد الدولي أخيراً توقعاته للنمو في مصر خلال العام المالي المقبل إلى 4.3 في المئة، فيما يتوقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية نمواً مقداره 4.4 في المئة خلال العام ذاته.

كيف سيتحرك الدولار في مقابل الجنيه المصري؟

وأشارت “فيتش” إلى أن التأثير المباشر للتعرفات الجمركية الأميركية في مصر سيكون “محدوداً”، إذ شكلت صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة 0.8 في المئة وحسب من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2024، وأيضاً فإن متوسط معدل التعرفة الفعلي على السلع المحلية يبلغ 10.7 في المئة، وهو أقل من التعرفات المفروضة على معظم الأسواق الناشئة.

ومن المرجح أن يؤدي نظام التعرفة الحالي إلى تعزيز القدرة التنافسية للملابس والمنسوجات المصرية التي تمثل نصف صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة، بالنظر إلى الرسوم الجمركية الأعلى بكثير والمفروضة على السلع الواردة من الصين وجنوب شرقي آسيا.

لكن هناك تأثيرات سلبية غير مباشرة، إذ تأتي تقلبات معنويات المستثمرين على رأس التأثيرات غير المباشرة للتعرفات الجمركية الأميركية على مصر، وذكرت الوكالة أنه “بالنظر إلى أن حيازات الأجانب من أذون الخزانة المقومة بالجنيه تصل إلى 35 مليار دولار، فإن نحو 22 مليار دولار معرضة لخطر الخروج من السوق حال حدوث أي ارتفاع في الأخطار”.

وأوضحت أن معنويات تجنب المخاطرة أدت إلى خروج نحو ملياري دولار من الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية خلال الأسبوع الذي تلا إعلان التعرفات الجمركية في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، ونتيجة لذلك تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

وساعد تعليق التعرفات الجمركية الإضافية مدة 90 يوماً في تهدئة الأسواق وعكس تدفقات رأس المال إلى مصر، كما سمح للجنيه بتعويض خسائره.

وبالنسبة إلى سوق الصرف قالت الوكالة إن الانخفاض القصير للجنيه استجابة لخروج رؤوس المال أظهر التزام السلطات بنظام سعر صرف مرن، ومن المتوقع أن تسمح السلطات بانخفاض سعر الصرف بصورة طفيفة في حال حدوث صدمات حادة، مما يمتص الصدمة جزئياً بدلاً من استنزاف الاحتياطات الأجنبية، على غرار ما حدث خلال الأزمات السابقة.

ورجحت الوكالة أن يجري تداول الدولار الأميركي بين مستوى 50 و55 جنيهاً خلال العام الحالي، قبل أن ينهي العام عند 52.50 جنيهاً.

تداعيات سلبية على عائدات قناة السويس

وسجل الجنيه المصري أدنى مستوى له أمام الدولار منذ قرار التعويم في مارس (آذار) 2024 ليتراوح ما بين 51.72 و51.75 جنيه للدولار الشهر الماضي، وذلك  بعد فترة وجيزة من إعلان التعرفات الجمركية، وقد تعافى منذ ذلك الحين ليُتداول حالياً دون مستوى 50 جنيهاً للدولار.

ورجحت الوكالة أن تبدأ حركة الملاحة في قناة السويس بالعودة لطبيعتها خلال العام المالي المقبل، لكنها في الوقت ذاته حذرت من أن “ضعف التجارة العالمية سيؤدي إلى تباطؤ التعافي في حركة المرور” عبر الممر المائي.

وأدت الاضطرابات في البحر الأحمر لتراجع عدد السفن العابرة للقناة إلى النصف منذ الربع الثالث من عام 2023، مما قلل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من 2.2 في لمئة إلى 1.1 في المئة، مع خسائر شهرية في العملات الأجنبية بنحو 500 مليون دولار.

ورجح التقرير أن يتقلص عجز الحساب الجاري في مصر إلى 5.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجديد، انخفاضاً من 7.1 في المئة مقدرة هذا العام، بفضل تضخم الواردات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت الوكالة إن “هذا سيظل ينطوي على عجز يبلغ نحو 18.5 مليار دولار في 2025 – 2026 بناء على نمو قوي في الواردات مقداره 7.0 في المئة، مدفوعاً بالسلع الاستهلاكية والمواد الخام والسلع الرأسمالية، وسيتقلص العجز بصورة أكبر إلى 4.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (15.5 مليار دولار) إذا كان نمو الواردات أضعف من التوقعات الحالية”.

وترى وحدة الأبحاث أن “انخفاض أسعار النفط سيكون له تأثير محدود في فاتورة واردات مصر، إذ تتوقع زيادة واردات الطاقة من حيث الكميات لتلبية الطلب المحلي في ضوء تراجع إنتاج الهيدروكربونات في البلاد”.

وعلى صعيد السياسة النقدية عدلت الوكالة توقعاتها السابقة بأن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بواقع 900 نقطة أساس خلال عام 2025 إلى 500 نقطة أساس وحسب، مشيرة إلى أن السبب الرئيس لذلك هو “دعوة صندوق النقد الدولي لصناع السياسات المصريين إلى توخي الحذر في دورة التيسير النقدي، بسبب التأثير التضخمي المحتمل للتعرفات الجمركية الأميركية”.

تقدم ملموس في المراجعة الخامسة مع الصندوق

وقبل أيام أعلن صندوق النقد الدولي استمرار المراجعة الخامسة لأداء الاقتصاد المصري في إطار اتفاق تسهيل الصندوق الممدد افتراضياً، داعياً الحكومة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات البنيوية وتعزيز دور القطاع الخاص، في وقت تشهد البلاد تحسناً تدرجياً في مؤشرات الاستقرار الكلي.

وقالت رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر فلادكوفا هولار إن “النقاشات مع السلطات المصرية كانت مثمرة وأسهمت في تحقيق تقدم فني ملموس”، مؤكدة أن المرحلة الحالية تتطلب تعميق جهود الإصلاح لتقليص تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وتحقيق تكافؤ الفرص وتحسين بيئة الأعمال.

وأشار الصندوق إلى أن الاقتصاد المصري أظهر مؤشرات تعاف أفضل من المتوقع خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية، مما دفع المؤسسة الدولية إلى رفع توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.8 في المئة للعام المالي 2024 – 2025، وسجل الاستثمار الخاص قفزة كبيرة إذ ارتفعت مساهمته في إجمال الاستثمارات إلى نحو 60 في المئة في مقابل 38.5 في المئة خلال الفترة نفسها من العام المالي السابق.

وعلى رغم استمرار الضغوط التضخمية بعد أن بلغ معدل التضخم 13.9 في المئة خلال أبريل الماضي، يؤكد الصندوق أن المسار العام لا يزال هبوطياً، لكن التحديات الهيكلية لا تزال قائمة وعلى رأسها العجز الواسع في الحساب الجاري الناتج من تراجع إنتاج الهيدروكربونات وزيادة الواردات وتداعيات اضطرابات قناة السويس.

وأشار الصندوق إلى أهمية الإجراءات التقشفية التي تبنتها الحكومة في تقييد الإنفاق الاستثماري العام مما أسهم في تخفيف الضغوط على الطلب الداخلي، إضافة إلى بدء تنفيذ إصلاحات ضريبية وجمركية هيكلية، بدأت تُظهر آثاراً إيجابية على كفاءة الإيرادات وثقة المستثمرين.

وشددت بعثة الصندوق على أن نجاح مصر في استكمال المراجعة الحالية يرتبط بتنفيذ خطة واضحة لتقليص ملكية الدولة في الاقتصاد وتفعيل برنامج تخارج الأصول الحكومية، واستمرار العمل على إعداد إستراتيجية متوسطة الأجل لإدارة الدين العام تهدف إلى خفض أعباء خدمة الدين وتحسين الشفافية.

وأكدت هولار أن المفاوضات ستستمر بصورة افتراضية خلال الأسابيع المقبلة لاستكمال الاتفاق على الحزمة الباقية من السياسات والإصلاحات، معربة عن امتنانها للتعاون المثمر من جانب الحكومة المصرية.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى