“الإيرادات والجمارك” البريطانية تخطط لفرض ضرائب على المعاشات التقاعدية

أصبح الملايين من مدخري معاشات التقاعد في بريطانيا مهددين اليوم بضربة ضريبية خفية من وزيرة الخزانة راشيل ريفز، بعدما أطلقت الجهات الرسمية تحقيقاً في خطط التقاعد المعتمدة في أماكن العمل.
وتدرس هيئة الضرائب البريطانية HMRC إصلاح نظام “التضحية بالراتب” الذي يستخدمه موظفو نحو نصف الشركات البريطانية، في محاولة لسد الفجوة الهائلة في المالية العامة، المقدرة بعشرات المليارات من الجنيهات، نتيجة موازنة ريفز في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتعريفات الجمركية التي فرضها دونالد ترمب.
لكن هذه الإصلاحات قد تكلف العامل العادي أكثر من 500 جنيه استرليني (672.9 دولار) سنوياً كضرائب دخل وتأمين وطني، مما يؤدي إلى تقليص حجم مدخراته التقاعدية بصورة كبيرة.
من جانبه حذر معهد البحوث الوطنية للاقتصاد والاجتماع NIESR من أن ريفز قد تضطر لزيادة الضرائب بنحو 30 مليار جنيه استرليني (40.3 مليار دولار) في موازنة الخريف المقبلة لتمويل زيادات في المزايا ومواجهة ارتفاع كلف الاقتراض.
ويطالب نواب حزب العمال الحكومة بتخفيف قواعدها المالية، التي تشترط أن ينخفض الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمال خلال خمس سنوات، ودعوا إلى التراجع عن خطة زعيم الحزب كير ستارمر لتقليص المزايا.
وكان رئيس الوزراء قد غير موقفه في شأن خفوض “بدل وقود الشتاء”، ومن المرجح أيضاً أن يلغي الحد الأقصى للطفلين في المزايا، مما سيكلف الخزانة 2.5 مليار جنيه استرليني (3.3 مليار دولار) سنوياً.
وقال وزير المعاشات السابق السير ستيف ويب إن “مشاورة هيئة الضرائب البريطانية قد تسبب غارة ضريبية محتملة بوضوح على جدول الأعمال”.
وتأتي هذه التحذيرات بعد الكشف عن أن ذوي الدخل المرتفع يستخدمون بصورة متزايدة نظام التضحية بالراتب لتعزيز معاشاتهم التقاعدية وتفادي ما يسمى “حواف الضرائب” المفاجئة.
نظام “التضحية بالراتب”
نظام “التضحية بالراتب” يسمح للموظف بالتنازل طوعاً عن جزء من دخله لتفادي دفع ضرائب الدخل والتأمين الوطني على هذا الجزء.
ويعتقد أن الحكومة البريطانية تدرس فرض ضرائب إضافية على الأثرياء قبيل إعلان الموازنة الجديدة هذا العام في وقت ينتظر أن يكشف فيه مكتب مراقبة المالية العامة عن كلفة زيادات الضرائب التي فرضت العام الماضي.
ويوفر ما يصل إلى نصف الشركات البريطانية نظام “التضحية بالراتب” كطريقة لدفع مساهمات التقاعد، مما يتيح للموظفين تحقيق وفورات كبيرة وزيادة مدخراتهم التقاعدية.
وأظهرت وثائق نشرتها هيئة الضرائب البريطانية أنه تم التشاور مع 51 شركة، بينها 41 شركة تطبق هذا النظام بالفعل، في شأن ثلاثة تغييرات محتملة.
التغييرات المقترحة
ويشير أحد المقترحات إلى إزالة الإعفاء من ضريبة الدخل والتأمين الوطني بالكامل، مما يعني أن موظفاً يتقاضى 35 ألف جنيه استرليني (47.11 ألف دولار) سنوياً ويدفع 5 في المئة من راتبه في المعاش سيفقد 560 جنيهاً استرلينياً (754.31 دولار) سنوياً، بينما سيتكلف صاحب العمل 241 جنيهاً استرلينياً (324.62 دولار) إضافية.
أما الاقتراح الثاني فينص على إزالة إعفاء التأمين الوطني فحسب، مما يكلف الموظف 210 جنيهات استرلينية (282.86 دولار) سنوياً، وصاحب العمل 241 جنيهاً استرلينياً (324.62 دولار) إضافية.
أما آخر الاقتراحات فيتعلق بإلغاء إعفاء التأمين الوطني على أي مبلغ يفوق 2000 جنيه استرليني (2693 دولار) تتم التضحية به من الراتب، مما يعني أن موظفاً يتقاضى 45 ألف جنيه استرليني (60.61 ألف دولار) سيفقد 30 جنيهاً استرلينياً (40.41 دولار) سنوياً، بينما يدفع صاحب العمل 34 جنيهاً استرلينياً (45.80 دولار) إضافية.
وأبدى أصحاب العمل معارضة واضحة لكل خيار، إذ اعتبر بعضهم إزالة الإعفاءين معاً تهديداً لوجود نظام “التضحية بالراتب” من الأساس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المرجح أن تواجه هذه الخطط رفضاً شعبياً بعد سلسلة من الزيادات الضريبية على أصحاب الدخول المرتفعة، بما في ذلك زيادات في ضريبة الميراث وضريبة الأرباح الرأسمالية وضريبة القيمة المضافة على الرسوم المدرسية الخاصة.
ودعت راشيل ريفز عندما كانت عضوة برلمانية في الصفوف الخلفية، إلى خفض جميع الإعفاءات الضريبية على المعاشات إلى معدل ثابت قدره 33 في المئة.
وقال ستيف ويب إن تكليف هيئة الضرائب البريطانية “HMRC” بإجراء أبحاث لقياس ردود فعل أصحاب العمل تجاه هذه التغييرات كان “كاشفاً للغاية”. وأضاف “رغم أن هذا البحث تم بتكليف من الحكومة السابقة، فإن الرغبة في زيادة الإيرادات أصبحت أكثر إلحاحاً اليوم، ومع وجود وزيرة خزانة يقال إنها تبحث عن طرق لسد فجوة بمليارات الجنيهات في المالية العامة في موازنة الخريف، فإن هذا البحث يشير بوضوح إلى أن تغييرات أنظمة التضحية بالراتب مطروحة بقوة على الطاولة، ومن المحتمل النظر إليها كإجراء لزيادة الإيرادات”.
من جانبه قال جوناثان واتس-لاي من شركة الاستشارات المالية والتقاعدية “ويلث آت وورك”، إن هذه الخطوة تمثل “ضريبة خفية”. وأضاف “سيكون الأمر سيئاً للجميع، سواء ألغوا إعفاء التأمين الوطني فحسب، أو التأمين الوطني وضريبة الدخل معاً، ففي جميع الحالات سيجد الناس أنفسهم يدفعون أكثر أو سيكتشفون أن صندوق تقاعدهم سيكون أصغر عند بلوغهم سن التقاعد”.
وأوضح “في كل الأحوال، ليس هناك أي تأثير إيجابي، إما أن يتحمل الناس الألم الآن، أو يعانوه عندما يصلون إلى التقاعد”.
ضغوط إضافية على ريفز
وحذر محللون هذا الأسبوع من أن تعهد حزب “العمال” بإعادة منح الوقود الشتوي لكبار السن، ومراجعة حد الاستحقاق لطفلين، قد زاد من الضغوط المفروضة على ريفز لجمع المزيد من الأموال.
وقال ستيفن ميلارد، من معهد الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية الوطنية “”NIESR إن ريفز قد تجد نفسها مضطرة إلى كسر تعهد حزب “العمال” بعدم زيادة ضريبة الدخل أو التأمين الوطني أو ضريبة القيمة المضافة، في حال وصلت الحاجة إلى جمع الأموال إلى ما بين 10 مليارات جنيه استرلينية (13.4 مليار دولار) و30 مليار جنيه استرليني (40.4 مليار دولار).
أضاف التقرير أن عدد الأشخاص الذين يتعمدون البقاء تحت عتبة الـ100 ألف جنيه استرليني (134.76 ألف دولار) يزداد، إذ يفضلون العمل أربعة أيام في الأسبوع، أو أخذ عطلات أطول، أو زيادة مساهماتهم التقاعدية لتفادي دفع معدل ضريبة دخل فعال يبلغ 60 في المئة وفقدان حقهم في الحصول على رعاية الأطفال المجانية. وقال متحدث باسم وزارة الخزانة البريطانية “هذه الادعاءات محض تكهنات، إذ تكلف هيئة الضرائب البريطانية بانتظام إجراء بحوث مستقلة حول مختلف جوانب النظام الضريبي”، مؤكداً “نحن ملتزمون الإبقاء على الضرائب منخفضة قدر الإمكان للعمال”.