عالمي

“بلومبيرغ”: السعودية هي الصين الجديدة أمام المستثمرين

تبدو السعودية اليوم أقرب إلى صين جديدة للمستثمرين، وما مشهد حشود المستثمرين الغربيين في ردهات أفخم فنادق الرياض الأكثر ألفة من أي وقت مضى سوى دليل إضافي على تلك المسارعة إلى البحث عن موطئ قدم لمطاردة ثمار النمو، في وقت يشرع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في المضي قدماً ضمن خطة بعدد من تريليونات الدولارات اليوم لإبعاد بلاده من النفط كمورد أساس، وتنويع اقتصادها وجعله أكثر مرونة من أي عهد مضى.

وفي شهادة ثقة جديدة لوكالة “بلومبيرغ” العالمية يبدو مديرو الصناديق خلال الأشهر الأخيرة الأحرص بحثاً عن موطئ قدم باكر في قصة النمو الكبيرة التالية في الأسواق الناشئة، بخاصة بعد انضمام الرياض إلى مؤشر MSCI للأسواق الناشئة عام 2019، وبعد عقود لم تجتذب خلالها سوى قليل من المليارات التي يخصصها مستثمرو الأسهم لأسواق الأسهم العالمية.

الإصلاحات الاقتصادية

ويشير التقرير إلى سوق الأسهم السعودية التي ارتفعت أكثر من 11 في المئة خلال العام الحالي بدفع من الإصلاحات الاقتصادية في البلاد، وإن ظل تمثيلها في محافظ المستثمرين الدوليين دون الطموح، وفق وصفه، فيما بدا الاهتمام العالمي بفرص السوق السعودية في تزايد في ظل مشاريع ضخمة وتنويع اقتصادي وموقع جغرافي استراتيجي داعم في قلب الشرق الأوسط وطرق التجارة العالمية.

وتنقل الوكالة عن فيرغوس أرجيل الذي ساعد في إطلاق صندوق جديد للأسواق الناشئة لشركةEFG New Capital  قبل عامين ولديه تخصيص ثمانية في المئة لمؤشر الأسهم السعودية قوله، “تبدو السعودية الآن وكأنها الصين خلال العقد الأول من القرن الـ 20 بما لديها من إمكانات هائلة للنمو الاقتصادي”، في مقالة تتفق مع ما ذهب إليه رئيس نقابة أسواق رأس المال الآسيوية لدى “سيتي غروب” هاريش رامان من أن “المستثمرين المؤسسيين الآسيويين يبدون اهتماماً أكبر برؤية والالتقاء بالشركات من الشرق الأوسط، ويبحثون عن فرص استثمارية جديدة، وأن السعودية تعد واحدة من الأسواق الناشئة الأكثر جاذبية في العالم”.

وبينما يلفت التقرير بجلاء لمساعي الرياض إلى جذب استثمارات خارجية بقيمة تتجاوز 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2030، فإنه يأتي مكملاً لرؤية استشرافية لمحللة “موديز” كاتارينا نورو، الأحد الماضي، في ندوة “الآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2024” من أن الاقتصاد السعودية شهد تحولاً في العقد الماضي مع استحواذ القطاع غير النفطي على حصة متنامية من نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتقديم البلاد تسهيلات ائتمانية للشركات الصغيرة والمتوسطة لتحفيز النمو في القطاعات غير النفطية.

زخم المشاريع

وليس أدل على زخم المشاريع التي أشار إليها تقرير “بلومبيرغ” وتشهدها السعودية من إطلاق شركة لتصنيع أغذية المستقبل في الـ 10 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري من قبل شركة مدينة “نيوم” في مسعى نحو تحقيق معادلة الأمن الغذائي في بلد يعتمد على الاستيراد حتى وقت قريب.

وأبعد من ذلك بقليل ما أعلن في السادس من الشهر الحالي في نسق متلاحق من التحفيز، في شأن حزمة من الحوافز الضريبية لمدة 30 عاماً لدعم برنامج جذب المقار الإقليمية للشركات العالمية من جانب وزارة الاستثمار السعودية، وبتنسيق مع وزارة المالية وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، ويقدم برنامج الحوافز الضريبية مجموعة من المزايا وخدمات الدعم المميزة تتضمن الإعفاء الضريبي للمقار الإقليمية لمدة 30 عاماً بنسبة صفر في المئة لكل من ضريبة الدخل على كيانات المقار الإقليمية، وضريبة الاستقطاع للأنشطة المعتمدة للمقار الإقليمية، وستستفيد الشركات العالمية من حزمة الإعفاءات الضريبية من تاريخ إصدار ترخيص المقر الإقليمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحققت الرياض نتائج إيجابية منذ إطلاق برامجها الخاصة بتنوع موارد اقتصادها بعيداً من النفط، إذ بلغ إجمال الناتج القومي 17 في المئة من العائدات غير النفطية، في حين بلغ نمو القطاع غير النفطي 5.5 في المئة خلال 2021، كما ارتفع بالوتيرة نفسها خلال عام 2022، وفق تصريحات سابقة لوزير الاستثمار السعودي خالد الفالح.

بيانات فصلية قوية وتوقعات أقوى

وحلت السعودية في المركز الـ17 عالمياً من أصل 64 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم لتصبح من الدول الـ20 الأولى للمرة الأولى في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، بحسب ما أعلن في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) في مدينة لوزان السويسرية في يونيو (حزيران) الماضي، مما جعلها في المرتبة الثالثة بين دول مجموعة الـ20 للمرة الأولى لتتفوق على دول ذوات اقتصادات متقدمة في العالم، بينها كوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا واليابان وإيطاليا والهند والمملكة المتحدة والصين والمكسيك والبرازيل وتركيا، وفق منهجية التقرير التي تغطي جوانب مختلفة للتنافسية.

وموجة التفاؤل تلك والمدعومة ببيانات فصلية قوية دفعت عدداً من الوكالات والمؤسسات الدولية، ومنها وكالة “موديز” لرفع التصنيف الائتماني للبلاد خلال عامي 2023 و2024، ومن ذلك ما ذكرته “موديز” في آخر نسخة لتوقعاتها المستقبلية من أن “التعديل بزيادة النمو إلى 2.5 في المئة عام 2023 ثم 3.1 في المئة عام 2024، يعكس التوقعات بأن نشاط القطاع الخاص غير النفطي سيظل قوياً”.

الإصلاحات الجارية

من جهته أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السعودي شهد تحولاً نتيجة الإصلاحات الجارية للحد من الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل وتعزيز التنافسية.

ويمثل العام الحالي منعطفاً مهماً إذ أصبحت السعودية في منتصف رحلتها نحو تحقيق رؤيتها لعام 2030.

وكما تشير المراجعة السنوية الأخيرة للاقتصاد السعودي، فقد انعكس التقدم المحرز بوضوح على النمو غير النفطي الذي تسارعت وتيرته منذ عام 2021 ليبلغ في المتوسط 4.8 في المئة عام 2022.

وعلى رغم تراجع النمو الكلي بسبب الخفوض الإضافية في إنتاج النفط، سيظل النمو غير النفطي قريباً من خمسة في المئة عام 2023 مدفوعاً بقوة الطلب المحلي.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى