هل تكون الشركات الصينية بديلة عن الأميركية في الحقول النفطية العراقية؟

أعلنت وزارة النفط العراقية السبت الماضي، توقيع اتفاق تسوية مع شركة عملاق الطاقة الأميركية “إكسون موبيل” لوضع اللمسات النهائية لخروجها من حقل غرب القرنة/1 النفطي، فيما عزا متخصصون أسباب الانسحاب إلى تدني معدل الربح في الحقل الذي يطبق نموذج عقد الخدمة وتركيز الشركة الأميركية على الاستثمار في الأميركتين بما فيها حقول النفط الصخري الأميركية والبرازيلية.
وترك انسحاب “إكسون موبيل” المجال لشغل شركة “بتروجاين” الصينية بأن تكون المشغل الرئيس للحقل، حيث ستمتلك الحصة الأكبر في الحقل بعد رحيل “إكسون موبيل” التي كانت تملك حصة تبلغ 22.7 في المئة في حقل نفط غرب القرنة/1 العملاق في العراق، الذي تبلغ طاقته 550 ألف برميل يومياً.
وقال معاون مدير شركة نفط البصرة لشؤون الحقول النفطية وجولات التراخيص، حسن محمد لوكالة “رويترز”، تمت دراسة اتفاقية التسوية من جانب وزارة النفط وشركة نفط البصرة، وتم التوصل إلى أن الخيار الأفضل هو أن تصبح “بتروجاين” المشغل الرئيس لحقل غرب القرنة/1.
وأشار محمد إلى إنه تم كذلك التوقيع على “اتفاقية بيع” تنظم الأمور المالية لاستكمال عملية الاستحواذ على حصة “إكسون موبيل” في حقل غرب القرنة/1 النفطي، من قبل شركة “نفط البصرة” التي تديرها الدولة.
ونوه إلى أن اتفاق البيع يتضمن التزاماً بحل مسألة قيمة الضريبة التي يتعين على “إكسون موبيل” أن تدفعها مقابل بيع حصتها في الحقل خلال محادثات إضافية.
وحول “مسألة الضريبة”، ذكر أنها لم تحل بعد “واستناداً إلى اتفاقية البيع هناك خياران، إما التوصل إلى اتفاق تسوية حول الضريبة أو اللجوء إلى التحكيم”.
وكانت شركة “برتامينا” الإندونيسية المملوكة للدولة، اشترت 10 في المئة من حصة “إكسون موبيل” في حقل غرب القرنة/1 النفطي العراقي، مما رفع حصتها إلى 20 في المئة، في حين اشترت شركة “نفط البصرة” 22.7 في المئة من الحقل.
أهمية بغداد لواشنطن
ومثل خروج شركة “إكسون موبيل” من غرب القرنة/1 في محافظة البصرة الحلقة الأخيرة للشركة الأميركية في قطاع الطاقة العراقي، لكن عضو لجنة النفط والغاز البرلمانية علي المشكور، قال إن “الولايات المتحدة الأميركية تعتبر العراق حليفاً مهماً لها على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، وهي تولي اهتماماً كبيراً بهذا الملف”، معتبراً أنه “لا يمكن أن تترك واشنطن بغداد بسبب انشغالها بأي ملف خارجي سواء حرب غزة أو غيرها”.
ونوه في تصريح صحافي إلى أن “العمل في القطاع النفطي العراقي، ليس حكراً على أي شركة أجنبية أميركية أو صينية أو روسية وغيرها، فالعراق تعامل بهذا الملف وفق مصالحه ووفق العروض التي تقدم له من قبل تلك الشركات، وليس له أي علاقة بقضية الخلافات بين الدول الكبرى”.
تدني معدلات الربح
وفي هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، إلى أن شركة “إكسون موبيل” قامت ببيع حصتها إلى شركة نفط البصرة البالغة 22.7 في المئة في حقل غرب القرنة /1، الذي يبلغ احتياطه 20 مليار برميل وينتج نحو 500 ألف برميل يومياً أو ما يعادل تسعة في المئة من إنتاج نفط العراق، وسيدفع العراق 350 مليون دولار للشركة الأميركية، غير أن هناك خلافاً بين الطرفين حول مقدار الضرائب التي تدفعها “إكسون موبيل” إذ يطالب العراق بأن تدفع الشركة الأميركية 120 مليون دولار، فيما وافقت “إكسون موبيل” على دفع 12 مليون دولار فقط، ولم يعرف بعد في ما إذا كان هذا الاتفاق قد حسم مسألة الضرائب أم أنها ستحال إلى التحكيم الدولي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، بموجب هذا الاتفاق ستصبح شركة “بتروتشاينا” الصينية المشغل الرئيس في الحقل الذي تبلغ فيه حصتها 32.7 في المئة.
وحول انسحاب “إكسون موبيل”، أشار المرسومي إلى أنه يرتبط بعوامل عدة أهمها، تدني معدل الربح في الحقل الذي يطبق نموذج عقد الخدمة، فضلاً عن تركيز الشركة الأميركية على الاستثمار في الأميركتين بما فيها حقول النفط الصخري الأميركي والبرازيلي، ومشاريع الغاز المسال في أفريقيا. ويأتي الانسحاب أيضاً في سياق بيع أصولها غير الاستراتيجية ومنها استثماراتها في حقل غرب القرنة، والتركيز على الاستثمارات ذات الأولوية الأعلى مما يحد من الحاجة إلى إصدار مزيد من الديون ويدعم توزيعات الأرباح الحالية.
بيع العقود
وفي هذا السياق، قال عضو مجلس أمناء مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية في العراق محمد رحيم، إن شركات النفط الأجنبية تواجه صعوبة العمل في العراق بسبب الاعتداءات التي تواجه مناطق العمل والتهديدات، كما أن قوانينها تمنع دفع الكلف خارج العقود وخارج عمليات الإنتاج.
وتابع أن الشركات الأميركية والعالمية الأخرى بدأت ببيع حصصها في هذه الحقول ما يعد مخالفة للعقود، مطالباً بأن ترجع هذه العقود إلى وزارة النفط بحسم الأمر معها وليس بيع العقود إلى شركات صينية أو شركات أخرى، معتبراً هذه الانسحابات ستتبعها انسحابات أخرى بسبب بعض الإجراءات الإدارية والتخبط الإداري في معاملات التراخيص وما يرافقها من شبهات فساد، إضافة إلى المخاطر التي قد تتسبب بمس سمعة هذه الشركات.
الشركات الصينية
وفي السياق قال الخبير النفطي حمزة الجواهري، إن شركة “إكسون موبيل” التي تعد من الشركات الأميركية الكبرى، وهي أبرز شركة عالمية نفطية، أعلنت في وقت سابق رغبتها بالانسحاب من حقل غرب القرن، مبيناً أنها لم تستفد من عقود جولات التراخيص.
ولفت إلى أن كل هذه الأسباب دفعتها إلى الانسحاب خصوصاً بعد أن مارست وزارة النفط أساليب الضغط عليها، موضحاً أن الشركات الصينية لا تقل أهمية عنها، إذ إن الشركة الأميركية تركت مكانها إلى تلك الصينية، والشركات الصينية تعمل في العراق تقريباً في معظم الحقول، لكنها لا تقل أهمية عن الشركة الأميركية، لافتاً إلى أن الشركات الصينية هي حكومية وإمكاناتها كبيرة جداً، وأن قرار الشركة الأميركية لا يؤثر في العراق بأي حال من الأحوال.