عالمي

هل سيتولى الملك تشارلز زمام المبادرة في مكافحة الملاذات الضريبية؟

أي نوع من الملوك سيكون تشارلز الثالث؟

من المتوقع أنه رجل محترم ذو مبادئ راسخة لم يخش قبل توليه العرش التعبير عنها، والآن لديه فرصة للمضي إلى أبعد من ذلك لفرض نفسه وإحداث فرق حقيقي.

ومن بين آرائه ثمة رغبة شديدة في تخفيف المعاناة والمشقة وتحسين أحوال الفقراء والمحرومين، ومع أخذ ذلك في الاعتبار كتبت إليه شبكة العدالة الضريبية، وهي تحالف من الباحثين والناشطين الذين ينفذون حملات ضد التهرب الضريبي، تتحدى الملك الجديد “أن ينهي إحدى أكثر المظلوميات استدامة في العالم”.

إنها إشارة إلى واحدة من الفضائح التاريخية في قلب التركيبة الدستورية في بريطانيا، الملاذات الضريبية الخارجية الموجودة في الأقاليم التابعة للتاج والأقاليم الخارجية البريطانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق شبكة العدالة الضريبية تستخدم أقاليم مثل جزر القنال الإنجليزي وآيل أوف مان وجبل طارق وجزر العذراء البريطانية وباقي الأقاليم لخفض فواتير الضرائب في أنحاء العالم كله بما يقدر بنحو 152 مليار جنيه إسترليني (190 مليار دولار) سنوياً.

“إن المملكة المتحدة والأقاليم التابعة للتاج والأقاليم الخارجية البريطانية مسؤولة في شكل جماعي عن تسهيل ما يقرب من 40 في المئة من خسائر الإيرادات الضريبية التي تعانيها البلدان في أنحاء العالم كله سنوياً لمصلحة تحويل الأرباح من قبل شركات متعددة الجنسيات، والتهرب الضريبي الخارجي من قبل أفراد أثرياء وذوي نفوذ في المقام الأول”.

وتواصل الرسالة، “هذا يجعل المملكة المتحدة وشبكتها من الملاذات الضريبية التابعة أكبر عامل ممكن لإساءة استخدام الضرائب العالمية في العالم، وتشير تقديراتنا الأخيرة في تقرير حال العدالة إلى أن مجموع هذه الخسارة الضريبية التي تفرضها الملاذات الضريبية البريطانية على العالم بلغ أكثر من 189 مليار دولار (152 مليار جنيه)”.

ويعادل هذا الدخل الضريبي المفقود أكثر من ثلاثة أضعاف الموازنة السنوية للمساعدات الإنسانية التي تطلبها الأمم المتحدة، ويُعد الحد من إساءة استخدام الضرائب العالمية أحد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة عام 2030.

ويقدر باحثون في جامعتي “سانت أندروز” و”ليستر” أن قلب الخسائر الضريبية التي تتسبب بها المملكة المتحدة والأقاليم التابعة للتاج والأقاليم الخارجية البريطانية من شأنه تمكين 6.4 مليون شخص في البلدان ذات الدخل المنخفض من الحصول على مياه الشرب الأساس، و12.6 مليون شخص من الوصول إلى الصرف الصحي الأساس، و1.2 مليون طفل من الذهاب إلى المدرسة لسنة إضافية، وهذا يجب أن يجعل الملك الجديد يتنبه ويأخذ علماً.

ويبلغ الناشطون الملك تشارلز أنهم يأملون في أن يمثل تتويجه “لحظة محورية لمعالجة الكلفة المالية والبشرية الثقيلة التي يتحملها الناس العاديون بسبب المملكة المتحدة وشبكتها من الملاذات الضريبية التي يتمتع جلالتكم بالسيادة عليها”.

وقال الرئيس التنفيذي لشبكة العدالة الضريبية أليكس كوبهام في الرسالة التي أُرسلت أيضاً إلى رئيس الوزراء ريشي سوناك، “نعتقد بأن جلالتكم يمكن أن يساعد من خلال الإشارة إلى الطريق لإنهاء إحدى أكثر المظلوميات استمراراً في العالم”.

من الهزلي حقاً أن البلد الذي يواجه التهرب الضريبي بقيادة الحكومات المتعاقبة التي أصدرت إعلانات كبيرة عن قمع التهرب والتجنب الضريبيين يترأس بالضرورة الأماكن التي توفر الحماية، ويجب ألا ينتابنا أي وهم، فستزعم هذه الأماكن أنها تكسب عيشاً جيداً من السياحة أو غيرها من القطاعات وهي تفعل ذلك، لكن بانتزاع الخدمات المالية وإدارة الثروات منها ستنهار هذه المواقع.

ما يجري تجاهله في كثير من الأحيان أيضاً هو أن هذه المواقع لا تعرض فقط تخفيضات ضريبية، فهي توفر أيضاً السرية، وليس جامعو الضرائب فقط هم من يكافحون من أجل اختراق القوانين الصارمة المتعلقة بالسرية في هذه الأماكن، فقد تجد الشرطة وغيرها من وكالات إنفاذ القانون الدولية صعوبة، إن لم يكن استحالة، في اختراقها.

إنه لأمر شائن أن تقدم ملاذاً كهذا وأنها تقع من ضمن اختصاص بريطانيا، وفي حين أنها موجودة وتزدهر فمن المستحيل على المملكة المتحدة أن تزعم أنها تتخذ موقفاً متشدداً في شأن الجريمة وتسعى إلى مصادرة عوائد الجريمة، وفي ما يتعلق ببريطانيا فيبدو أن “متابعة المال” لا تصل إلا إلى هذا الحد.

السبب في أننا نغض الطرف عن نشاطها في تلفيق المال هو أننا خائفون، وإذا حرمناها من تجارتها المربحة فستواجه الخراب المالي وستصل الفاتورة إلى عتبة بريطانيا، وتعهدت وزارة الخارجية قبل فترة طويلة بأنها لا تستطيع تحمل هذا الاحتمال، ولذلك فنحن نرضي هذه المواقع، والنتيجة هي نفاق على نطاق واسع، وهذا يعني أن جهودنا لاتخاذ موقف صلب لا بد من أن تفشل.

يقول كوبهام إن حكومة المملكة المتحدة أظهرت خلال الفترة 2015 و2016 “قيادة حقيقية” في مهاجمة التهرب الضريبي من خلال تحولها إلى أول دولة تعتمد سجلاً علنياً للملكية المستفيدة، وتطلب من الشركات المتعددة الجنسيات نشر تقارير تخص كل بلد على حدة في مجال الأرباح والضرائب.

“للأسف تراجعت حكومة جلالتكم منذ ذلك الحين عن هذا التقدم وجرى تأجيل الموعد النهائي المحدد للأقاليم التابعة للتاج والأقاليم الخارجية لإنشاء سجلات علنية للملكية المستفيدة، إذ تشير الآن بيانات أخيرة صدرت عن مسؤولين إلى أن الكيانات ذات السيادة قد لا تنشئ السجلات أبداً، بل إن جيرسي اعتمدت شكلاً جديداً من أدوات الملكية المجهولة هذا العام”.

تقول الحكومة إنها لا تعترف بمبلغ الـ 152 مليار جنيه إسترليني من دون تقديم تفاصيل، وكذلك تصر على أن الأقاليم الخارجية البريطانية والأقاليم التابعة للتاج تتمتع بالحكم الذاتي، “مما يعني أن القادة المنتخبين محلياً لهم الحق في وضع سياساتهم الخاصة لدعم اقتصاداتهم في إطار المعايير الدولية”، وهم يفعلون ذلك لكن بريطانيا لديها القدرة على فرض إرادتها عليهم لإخضاعهم، وننتظر باهتمام رد الملك تشارلز.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى