عالمي

هل تضغط وكالات التصنيف على مصر نحو تعويم كامل للجنيه؟

في تعليقه على تقرير وكالة “ستاندارد أند بورز”، أكد وزير المالية المصري محمد معيط أن قرار الوكالة الإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية كما هو عند مستوى (B) مع تعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، يأتي في ظل تعرض الاقتصاد المصري لضغوط خارجية صعبة أهمها تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا وما تلاها من تداعيات اقتصادية سلبية عالمياً، بما في ذلك الموجة التضخمية غير المسبوقة، لافتاً إلى أن الحكومة المصرية تقدم الدعم المالي للفئات الأكثر تضرراً.

وقال معيط إن حكومة بلاده ماضية في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، موضحاً أن الحكومة ستطبق حزمة إجراءات مالية ونقدية وهيكلية للتعامل مع المخاوف المتعلقة بارتفاع الحاجات التمويلية الخارجية للاقتصاد المصري التي دفعت مؤسسة “ستاندرد أند بورز” إلى تعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من مستقرة إلى سلبية، والتي تبلغ بحسب تقديراتها نحو 17 مليار دولار خلال العام المالي الحالي و20 مليار دولار خلال العام المالي المقبل 2023 – 2024.

من جهته أوضح المحلل الاقتصادي محمد جاب الله أن “التصنيف ينقسم إلى جزأين أحدهما خاص بالجدارة الائتمانية، والتصنيف يؤكد أن الاقتصاد المصري ليس مرناً ليتحمل مزيداً من الصدمات، وهو ما يأتي في إطار الضغوط التي تمارس على المؤسسات المصرية للاتجاه نحو تعويم كامل للجنيه المصري في مقابل الدولار”.

أما الجزء الثاني في تقرير الوكالة فيتعلق بالنظرة المستقبلية التي كانت مستقرة، مما يعني بحسب جاب الله أن هناك احتمالات لرفعها إلى إيجابية أو خفضها إلى سلبية، وهو ما يشير إلى أن المراجعة المقبلة قد تتضمن خفض الجدارة الائتمانية إذا لم تتبن الحكومة المصرية سعر صرف مرن للدولار في مقابل الجنيه المصري.

وأشار إلى أن التقرير ليست له علاقة بالسوق المحلية، لكنه يتعلق فقط بالسياسة النقدية وسبل الاقتراض من الخارج فقط، وقد يكون في مصلحة السوق أساساً لأنه يشير إلى احتمال خفض آخر في قيمة الجنيه مقابل الدولار الأميركي.

وأضاف، “أعتقد أن الدولار أصبح في منطقة التشبع الشرائي هو والذهب من الناحية الفنية، وبالتالي فنحن في مرحلة تشكيل قمة، وطالما تشكلت القمة فمن الطبيعي أن يحدث انحسار وبداية هبوط محتمل للذهب والدولار”.

إجراءات غير كافية

وقبل أيام خفضت وكالة “ستاندرد أند بورز” نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية، لكنها أبقت على تصنيفها عند مستوى (BB).

وأشارت الوكالة في تقرير حديث إلى أن التوقعات السلبية تعكس أخطار أن تكون إجراءات السياسة التي تنفذها السلطات المصرية غير كافية لاستقرار سعر الصرف وجذب تدفقات العملة الأجنبية اللازمة لتلبية حاجات التمويل الخارجية المرتفعة.

وأوضحت أنها قد تخفض التصنيفات خلال الـ 12 شهراً المقبلة إذا كان دعم التمويل متعدد الأطراف والثنائي أكثر محدودية من المتوقع.

وشددت على أن اتخاذ إجراء تقييم سلبي مسألة قد تحدث أيضاً في حال استمرار الضغوط التضخمية، بحيث يزيد خطر الاضطرابات الداخلية من بين تداعيات أخرى محتملة.

ومع ذلك أشار التقرير إلى احتمال مراجعة التوقعات إلى مستقرة إذا تمت ملاحظة وجود احتمالات أعلى لتلبية حاجات مصر من التمويل بالعملة الأجنبية، وأوضحت أن إصلاحات السلطات المصرية الكبيرة التي أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) 2022 قد تؤدي إلى تدفق مستمر للعملة الأجنبية إذا تم تنفيذها بالكامل.

وتشير توقعات “ستاندرد أند بورز” إلى أن متوسط نمو اقتصاد مصر خلال السنوات الثلاث المقبلة سيبلغ مستويات أربعة في المئة، لكن الوكالة لم تكن متشائمة عندما أصدرت تصنيفها الأخير في يناير (كانون الثاني) الماضي، إذ أكدت التصنيف الائتماني لمصر عند (B) مع نظرة مستقبلية مستقرة، وقالت إن حزم الدعم الجديدة من صندوق النقد الدولي ودول الخليج ستعزز قدرة مصر على تغطية حاجاتها التمويلية.

وخلال الأسبوع الماضي كشف صندوق النقد الدولي عن أنه أجرى محادثات مثمرة مع مصر للتحضير للمراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي حصلت بموجبه القاهرة على اتفاق تمويل بقيمة 3 مليارات دولار، وكان الصندوق وافق في ديسمبر الماضي على برنامج إصلاحات اقتصادية تقدمت به الحكومة المصرية في مارس (آذار) 2022 مدته 46 شهراً، فيما أثارت فترات الاستقرار الطويلة للعملة حتى مع انخفاض قيمتها في السوق السوداء المحلية تساؤلات حول التزام السلطات بسعر صرف مرن، وهو الشرط الأكبر الخاضع لرقابة صندوق النقد الدولي.

العجز الكلي يتراجع

وأشار وزير المالية المصري إلى أن حكومة بلاده حريصة على تنفيذ ما أعلنته في ديسمبر 2022 من إصلاحات هيكلية وبخاصة برنامج الطروحات وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة مع استكمال سياسات الضبط المالي، بما يؤدي بحسب التقرير إلى تدفق مستمر للعملة الأجنبية، مؤكداً أن مؤسسة “ستاندرد أند بورز” تتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في المتوسط أربعة في المئة سنوياً خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، مدفوعاً بقطاعي البناء والتشييد والطاقة، إلى جانب قطاعات أخرى مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتجارة الجملة والتجزئة والصناعات التحويلية والزراعة والصحة.

وأوضح أن الوكالة ألقت الضوء على استمرار تحقيق الانضباط المالي الذي ظهر بشكل كبير خلال نتائج العام المالي السابق 2021 – 2022، إذ بلغ العجز الكلي نحو 6.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي انخفاضاً من 6.8 في المئة من الناتج في العام المالي 2020 – 2021 في ظل جائحة كورونا، وتحقيق فائض أولي للعام الخامس على التوالي بنسبة 1.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت إلى أن التقرير سلط الضوء على النمو القوي في الإيرادات الحكومية بسبب توسيع القاعدة الضريبية على رغم الظروف الاقتصادية نتيجة إجراءات الميكنة واسعة النطاق التي يتم تطبيقها لتحسين الإدارة الضريبية، إضافة إلى جهود ترشيد النفقات والتوسع في شبكة الحماية الاجتماعية.

وقال معيط إن التقرير يشير إلى توقعات خفض عجز الحساب الجاري بالقيمة الاسمية خلال الفترة المقبلة حتى عام 2026، إذ سيدعم مرونة نظام سعر الصرف الصادرات المصرية وسط أداء قوي لإيرادات الصادرات البترولية بخاصة من الغاز الطبيعي التي وصلت أخيراً إلى 700 مليون دولار شهرياً.

تحسن كبير في الميزان التجاري

وأشار معيط إلى أن هناك تحسناً كبيراً في مؤشرات الميزان الجاري للعام المالي 2021 – 2022، إذ حققت حصيلة الصادرات غير البترولية ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 29 في المئة سنوياً في ضوء زيادة الصادرات من الأسمدة والأدوية والملابس الجاهزة، وأنه تم تحقيق فائض كبير في جانب الميزان التجاري البترولي يبلغ 4.4 مليار دولار مع التوسع في الصادرات من الغاز الطبيعي، وحققت قناة السويس حصيلة تعتبر الأعلى تاريخياً وصلت إلى 7 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من 8 مليارات دولار خلال العام 2023، إضافة إلى نمو الإيرادات السياحية.

ولفت إلى استمرار تحقيق تحويلات العاملين لحصيلة مرتفعة خلال العام الماضي بلغت نحو 33 مليار دولار، وزيادة حصيلة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 71 في المئة لتحقق نحو 9.1 مليار دولار مقارنة بنحو 5.2 مليار دولار في العام السابق، إضافة إلى تنوع مصادر الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى عدد من القطاعات وأهمها الصناعات التحويلية والتشييد والبناء والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وقال نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسي أحمد كجوك إن مؤسسة “ستاندرد أند بورز” أشارت إلى أهمية دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وزيادة إسهامه في جملة الاستثمارات، وفي هذا الإطار تستمر جهود الحكومة لتحسين بيئة الأعمال لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية من خلال تطبيق وثيقة ملكية الدولة التي تعكس رغبة الدولة ومؤسساتها في تشجيع القطاع الخاص لزيادة استثماراته ووجوده القوي في السوق المصرية، وزيادة إسهاماته في النمو الاقتصادي بصورة قوية خلال الفترة المقبلة.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى