عالمي

هل تتخلى الصين عن الإجراءات الانتقامية مع المستثمرين الأميركيين؟

يحضر الرؤساء التنفيذيون لبعض أكبر الشركات الأميركية إلى الصين، هذا الأسبوع، لقياس نبض إحدى أسواقهم الكبرى بعد إعادة فتح البلاد بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من القيود الوبائية، ويعد إيلون ماسك وجيمي دايمون ومالك “ستاربكس” من بين الأسماء الكبيرة في المدينة.

تأتي هذه الزيارات بعد سلسلة من الزيارات في الأشهر الأخيرة من قادة “أبل” و”سامسونغ” و”فلوكس فاغن” و”أتش أس بي سي” “وستاندرد تشارترد”، ويسلط استعراض الرؤساء التنفيذيين في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الضوء على أهمية الصين لعديد من الشركات، لكن ما يكتشفه التنفيذيون عند وصولهم هو بيئة أعمال أكثر تعقيداً تتميز بقمع الشركات الاستشارية الدولية والتوتر الجيوسياسي وتوقعات الاستثمار غير المؤكدة.

حتى ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كانت الصين مغلقة إلى حد كبير في ظل قيود صارمة “صفر كوفيد”، مما أدى إلى تصعيد الدعوات في مجتمع الأعمال الدولي لتقليل اعتمادهم على الصين، لكن هذه القيود اختفت في الوقت الحالي، وبدأ التعافي الاقتصادي في الربع الأول الذي يبدو الآن وكأنه يتلاشى.

ولحشد الأعمال التجارية، حث القادة الصينيون الشركات الأجنبية على زيادة الاستثمار في البلاد، ووعدوها بميدان مفتوح وفرص استثمارية متساوية مع الشركات المحلية، وكان هذا واضحاً عندما التقى الثري الأميركي إيلون ماسك وزير الخارجية الصيني تشين جانغ، الذي دعا إلى علاقة “صحية” مع الولايات المتحدة قائلاً إنها “في مصلحة البلدين والعالم”، وأيد ماسك هذا الرأي قائلاً إن “تسلا” كانت ضد فكرة “الانفصال” عن الصين، وفيما أكد وزير الخارجية الصيني أن “مصالح الولايات المتحدة والصين متشابكة مثل التوائم الملتصقة”، فقد نقلت وزارة التجارة الصينية عن ماسك قوله إن “العلاقات بين البلدين ليست لعبة محصلتها صفر، ويجب أن يفوز أحد الطرفين ويخسر الآخر”.

ولعبت شركة “تسلا” للسيارات الكهربائية دور الدفاع في الأشهر الأخيرة، حيث خفضت الأسعار بعد خسارة حصتها في السوق أمام المنافسين في الصين، مثل “بي واي دي” المدعومة من “وارن بافيت”، وأدت هذه التخفيضات إلى اندلاع حرب أسعار في قطاع السيارات الكهربائية في الصين، وهو أكبر سوق في العالم لمثل هذه السيارات.

“جي بي مورغان” يتحول إلى جسر للشركات العالمية

بالنسبة إلى المديرين التنفيذيين، تمثل هذه الزيارات فرصة لإعادة الاتصال بالموظفين ولقاء المسؤولين الحكوميين لأول مرة منذ سنوات، وتعد زيارة جيمي ديمون للصين هي الأولى له منذ أربع سنوات، بحسب شخص مقرب من البنك، فيما التقى رئيس “وول ستريت” رئيس الحزب الشيوعي في شنغهاي، الثلاثاء الماضي، حيث قالت السلطات، إن الحكومة تأمل أن تستخدم “جي بي مورغان” “نفوذها الدولي” لتعزيز الاستثمار في المركز المالي للصين، ونقل عن ديمون، في وقت لاحق في بيان صادر عن حكومة شنغهاي، قوله إن البنك سيكون بمثابة “جسر” للشركات العالمية لفهم المدينة والاستثمار فيها بشكل أفضل، لكن التعامل مع الصين “أصبح وضعاً أكثر تعقيداً بكثير”، كما أقر جيمي ديمون، وفق ما ذكره لوكالة “بلومبيرغ”، وتوقع ديمون أنه بمرور الوقت “ستكون هناك تجارة أقل بين الصين والولايات المتحدة، هذا ليس فصلاً، هذا يحد من المخاطرة”.

في السنوات الأخيرة، تعرضت الشركات الغربية لضغوط لتقليل المخاطر على أعمالها من خلال تنويع سلاسل التوريد خارج الصين، وكان الدافع وراء ذلك عدد من العوامل، بما في ذلك المخاوف من احتمال غزو تايوان من قبل الدولة والتوتر المستمر بين بكين وواشنطن، وكانت شركة “أبل” التي لطالما كانت الطفل الملصق للاستثمار الأميركي في الصين، تفعل ذلك بالضبط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الوقت نفسه تتزامن الزيارات مع حملة على الشركات الاستشارية الدولية أثارت قلق الشركات الأجنبية. وقالت سلطات أمن الدولة، هذا الشهر، إنها دهمت مكاتب عدة لشركة “كاب فيغن”، وهي شبكة خبراء مقرها في شنغهاي ونيويورك، جاء هذا الإعلان بعد أن أغلق المسؤولون الصينيون مكتب بكين لمجموعة “مينتز”، وهي شركة أميركية للعناية الواجبة بالشركات، واستجوبوا موظفين في الفرع المحلي لشركة “باين” الاستشارية، والتحقيقات هي جزء من جهود أوسع من قبل بكين لزيادة الرقابة على ما يعتبر معلومات حساسة ذات صلة بالأمن القومي.

وكان للحملة تأثير مخيف على الشركات الأميركية في الصين، ما دفع البعض إلى التساؤل “من التالي؟”، وفق ما ذكره مايكل هارت رئيس غرفة التجارة الأميركية في الصين، أيضاً قالت غرفة التجارة البريطانية في الصين، إن أعضاءها يشعرون بعدم الاستقرار. ودعت الحكومة الصينية إلى توضيح المبادئ التوجيهية التنظيمية.

الشركات تتبنى نهج الانتظار والترقب

وقد أدى عدم اليقين إلى تراجع بعض الشركات عن تخصيص مزيد من الأموال للصين، وفي استطلاع أجرته الغرفة البريطانية، الشهر الماضي، قالت 70 في المئة من الشركات إنها تتبنى نهج “الانتظار والترقب” في شأن قرارات الاستثمار على المدى الطويل في البلاد. وقال بن كافندر المدير الإداري لمجموعة “تشاينا ماركت ريسيرش غروب” للاستشارات الاستراتيجية، إن “عديداً من الشركات والمستثمرين يجلسون على الهامش في الوقت الحالي لأنهم ما زالوا يبحثون عن مزيد من الوضوح حول السياسة الاقتصادية للصين، بما في ذلك كيفية إدارة الصين لعلاقتها مع الولايات المتحدة”.

وفيما تعمل بكين وواشنطن على استقرار العلاقات، لكن التوترات لا تزال قائمة، وهذا الشهر، حظرت الصين شركة “ميكرون” الأميركية لصناعة الرقائق، من البيع للموردين الرئيسين في البلاد، مشيرة إلى مخاطر الأمن السيبراني، وينظر إلى هذه الخطوة على أنها انتقامية للقيود التي فرضتها الولايات المتحدة على شركات صناعة الرقائق الصينية.

ورأى نيك مارو رئيس التجارة العالمية في وحدة “إيكونوميست إنتليجنس”، أن ثقة الأعمال كانت “هشة نسبياً بالفعل” من سياسات الصين الوبائية التي انتهت أخيراً فقط. أضاف “لقد أدت الإجراءات الصارمة الأخيرة ضد مزودي المعلومات إلى تفاقم حالة عدم اليقين هذه، الشركات غير متأكدة بشكل متزايد من أين توجد الخطوط الحمراء للحكومة، وما الخطوات التي يتعين عليها اتخاذها لتجنب الوقوع في مواجهة المنظمين”.

ومع ذلك، في بعض الحالات، تعزز الشركات استثماراتها، وخلال الشهر الماضي، أعلنت شركة “تسلا” عن مصنع ثان في شنغهاي، مخصص لإنتاج البطاريات على نطاق واسع، وكشفت “فولكس فاغن” أيضاً عن خطط لضخ مليار دولار في مركز تطوير جديد للسيارات الكهربائية في الصين، وجاءت هذه الخطوة قبل أسابيع من مطالبة المساهمين بإجراء تدقيق مستقل لمصنع صناعة السيارات الألماني في شينجيانغ، المنطقة الغربية الصينية، الذي تم ربطه بمزاعم العمل القسري.

وقال مارو، إن قرار إعادة الاستثمار في الصين لم يكن مفاجئاً. أضاف “لقد حذرنا منذ فترة طويلة من التوقعات بحدوث هجرة جماعية واسعة النطاق للشركات الفارة من الصين، حتى مع تراجع معنويات الأعمال في السنوات الأخيرة، هذا لا يعني أن المحادثات حول إزالة المخاطر لا تحدث، لا سيما على المستوى الحكومي، وبدلاً من ذلك، فإنه يوضح مدى صعوبة أهداف السياسة هذه من الناحية العملية”.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى