عالمي

هل بدأت أسهم الذكاء الاصطناعي التصحيح؟

منذ أسابيع لا حديث عن الأسواق من دون الإشارة إلى احتمالات أزمة تصحيح كبيرة أو حتى انهيار مع غليان فقاعة أسهم شركات التكنولوجيا، بخاصة الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

مع ذلك واصلت مؤشرات الأسهم في السوق الأميركية والأسواق الكبرى حول العالم الارتفاع غير عابئة بتلك التحذيرات من المغالاة في قيمة الأصول.

في الأسبوع المنتهي، أول من أمس الجمعة، هبط مؤشر “ناسداك” ببورصة “وول ستريت” في نيويورك بنحو ثلاثة في المئة في أكبر هبوط له منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن قراره بفرض التعريفة الجمركية على كل شركاء أميركا التجاريين مطلع أبريل (نيسان) الماضي، ووقتها فقد مؤشر “ناسداك” نحو 10 في المئة من قيمته، وسط هبوط لكل مؤشرات السوق دفع بالرئيس ترمب إلى تأجيل فرض التعريفة الجمركية لثلاثة أشهر.

هذا الأسبوع خسرت شركات التكنولوجيا الأميركية التي لها علاقة بالذكاء الاصطناعي ما يقارب تريليون دولار من قيمتها السوقية، فيما عده البعض ربما بداية تصحيح في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي بعد فورة الغليان في قيمتها على مدى العامين الأخيرين.

بحسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” خسرت ثماني شركات لها علاقة بالذكاء الاصطناعي، مثل “إنفيديا” و”ميتا” و”أوراكل”، نحو 800 مليار دولار من قيمتها السوقية في غضون خمسة أيام من التداول في السوق.

ديون وحرق أموال

ما دفع البعض لتوقع أن تكون عمليات البيع الهائلة لأسهم شركات التكنولوجيا بداية تصحيح في أسواق الأسهم أن ما شهدته السوق في الأسبوع الماضي تزامن مع بيانات وأرقام رسمية تشير إلى ضعف سوق العمل في أكبر اقتصاد في العالم بالولايات المتحدة إضافة إلى تراجع ثقة المستهلكين في الاقتصاد.

صحيح أن ذلك لا يتسق تماماً مع مقدمات أزمات سابقة، إلا أن أجراس الإنذار بدأت تدق حثيثاً منذ فترة، فيقول مدير أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة “لومبارد أوديير انفستمنت مانجرز” فلويان إيلبو، إن “إنفاق الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي كبير جداً، وأغلبه يتم تمويله بالاقتراض والدين وهو ما يذكرنا بحمى الاستثمار المشكوك فيه الذي أدى إلى فقاعة شركات التكنولوجيا عام 2000”.

في الأسبوع الماضي، أعلنت أربع شركات تكنولوجيا كبرى، هي “ألفابيت” و”أمازون” و”ميتا” التي تملك “فيسبوك” و”غوغل”، أن إنفاقها الرأسمالي في الربع الثالث من العام الحالي 2025 مجتمعاً بلغ 112 مليار دولار، هذا في وقت اقترض فيه قطاع التكنولوجيا مئات مليارات الدولارات لتمويل التوسع في تطوير الذكاء الاصطناعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا التوسع في الاقتراض و”حرق الأموال” (الإنفاق بكثافة من دون تحقيق عائدات بعد) هو ما يجعل المحللين والاقتصاديين يحذرون المستثمرين من المغالاة في تقييم أسهم تلك الشركات، وبدأت بالفعل الشكوك تساور البعض في أن أموالهم التي وضعوها في شركات الذكاء الاصطناعي قد لا تأتي بما تصوروه من أرباح كبيرة وسريعة.

بحسب ما ذكره المحللون في بنك “جيه بي مورغان” الاستثماري فإن “المتعاملين الهواة” الذين غالباً ما يقبلون على شراء الأسهم مع هبوط السوق أحجموا عن الشراء الأسبوع الماضي، بينما قام المستثمرون الكبار بعمليات بيع كبيرة هوت بالمؤشر الذي يضم معظم شركات التكنولوجيا وبقيمة أسهم شركات الذكاء الاصطناعي.

تشير بعض التقديرات إلى أن تصحيحاً كبيراً في أسهم شركات الذكاء أو انهياراً في السوق قد يؤدي إلى تبخر ما يصل إلى 23 تريليون دولار من السوق الأميركية.

مخاوف الركود

تزامن ذلك مع المخاوف من أن الاقتصاد الأميركي ربما يتجه نحو الركود، ومما ضاعف من تلك المخاوف غياب كثير من البيانات الدورية عن مؤشرات الاقتصاد بسبب الإغلاق الحكومي الذي يقترب من شهرين الآن.

ويقول مايك زيغموت من مجموعة “ويزدم” للاستثمار إنه “ربما يزحف خطر الركود بالفعل تحت أعيننا ونحن لا نراه”.

يضاعف ذلك من المخاوف لدى المستثمرين الكبار في شركات التكنولوجيا، فيقول كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق “بلو وايل غروث” الذي يملك أسهماً كثيرة في شركة “إنفيديا” ستيفن يو “لا نعرف كثيراً عن بقية السبعة الكبار (شركات التكنولوجيا الكبرى)، وأنا قلق من استمرارها في حرق رأس المال لتظل في أوضاع تنافسية”.

كانت أكبر الشركات الخاسرة في هبوط هذا الأسبوع هي شركة “إنفيديا” لصناعة الرقائق الإلكترونية المتطورة التي تستخدم في الذكاء الاصطناعي، فبعد نحو أسبوع من وصول قيمتها السوقية إلى 5 تريليونات دولار، خسرت الشركة في الأسبوع الماضي ما يصل إلى 350 مليار دولار نتيجة هبوط سعر أسهمها في السوق.

عاد المحللون للحديث عن فورة الذكاء الاصطناعي واحتمالات تقدم الصين على الولايات المتحدة فيها. وكان إطلاق تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك” مطلع هذا العام بكلفته القليلة جداً مقارنة بالتطبيقات الأميركية هز الأسواق وقتها.

وفقدت شركة “إنفيديا” 589 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد في يناير (كانون الثاني) الماضي عقب إطلاق التطبيق الصيني.

وفي منشور له على مواقع التواصل بشأن هبوط هذا الأسبوع، علق الشريك المؤسس لمنصة الذكاء الاصطناعي “هغنغ فيس” توماس وولف متسائلاً “هل هذه لحظة (ديب سيك) أخرى؟”.

مما أضاف إلى عصبية السوق أيضاً في الأيام الأخيرة ما ذكرته المدير المالي لشركة “أوبن أي آي” للذكاء الاصطناعي عن أن الشركة قد تلجأ إلى الحكومة الأميركية لتوفر لها “دعماً” تمويلياً.

وكانت الشركة أعلنت التوصل إلى سلسلة اتفاقات بقيمة 1.4 تريليون دولار تتعلق بمنشآت بنية تحتية للذكاء الاصطناعي مع شركات مثل “إنفيديا” و”أي أم دي” و”برودكوم”، إضافة إلى اتفاقات للحوسبة السحابية مع شركات “مايكروسوفت” و”أمازون” و”غوغل”.

وتعني تلك الاتفاقات وهذا التشابك أن نمو معظم شركات التكنولوجيا تلك في السنوات المقبلة مرتبط بوضع شركة “أوبن آي أي”، التي تتركز عليها الأنظار مع احتمال أن يكون تراجعها شرارة انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى