عالمي

موجة اندماج واستحواذ متوقعة في القطاع المصرفي الخليجي

“على رغم النظرة المستقبلية المستقرة للقطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة كفاية رأس المال وحاجز أمان الدعم الحكومي في الأزمات، فإن فرص الاندماج والاستحواذ بين البنوك داخل دول المجلس تزيد مع استمرار أسعار النفط منخفضة إلى حد ما، خصوصاً أن معظم دول الخليج بها كثافة مصرفية عالية بما يبرر الاندماجات بصفقات استحواذ البنوك الكبيرة المستقرة على البنوك الصغيرة لتعزيز قوة القطاع المصرفي، كذلك تضيف ضغوط المنافسة في المنطقة إلى انخفاض أسعار النفط التي تضغط على توافر السيولة بصورة جيدة، بما يرفع التوقعات بصفقات اندماج واستحواذ خلال الفترة المقبلة”.

هذا ما خلص إليه تقرير لمؤسسة “فيتش” للتصنيف الائتماني صدر أول من أمس الأربعاء في لندن، لكن الدافع الأهم لزيادة عمليات الاندماج المحتملة، بحسب التقرير، هو سعي البنوك في الخليج لتنويع مصادر عائداتها وزيادة حجمها للحفاظ على وضعها الجيد واستمرار تقييمها الائتماني الإيجابي.

ومن العوامل الأخرى التي يوردها التقرير في سياق رفع توقعات عمليات الاندماج والاستحواذ، أن كثيراً من البنوك الخليجية تتشارك المساهمين أنفسهم، أي إن حملة الأسهم يستثمرون في أكثر من بنك خلال الوقت ذاته، ويعني ذلك أن حملة الأسهم في أكثر من بنك قد يسهلون مسألة الاندماج والاستحواذ.

إلا أن التقرير يشير إلى حقيقة أن عدد المساهمين المشتركين (أي في أكثر من بنك) ليس كبيراً داخل كل البلاد، بما يسمح لهم بالتأثير في قرارات الاندماج والاستحواذ في حال عدة بنوك.

تباين أوضاع بنوك دول الخليج

ليست كل التوقعات والتقديرات بالضرورة قابلة للتحقق، لكن وكالات التصنيف الائتماني العالمية وشركات الاستشارات الكبرى وإدارات الاستثمار في المؤسسات المالية العالمية تجري تلك الدراسات لتساعد على وضع خطط الاستثمار المستقبلية. وتستند في دراساتها وتوقعاتها إلى الأرقام والبيانات المتاحة وسيناريوهات تاريخية، لذا قدر تقرير “فيتش” أن احتمالات زيادة عمليات الاندماج والاستحواذ في القطاع المصرفي الخليجي مرهونة باستمرار انخفاض أسعار النفط.

ومن البيانات التي يستند إليها التقرير في توقعاته أن معظم دول الخليج تتميز بما يصفه “وفرة مصرفية”، بمعنى وجود عدد كبير من البنوك بالنسبة إلى تعداد السكان، إذ يوجد في دول مجلس التعاون الخليجي الست 150 بنكاً عاملاً، منها 75 بنكاً تجارية محلية.

وبحسب أحد الجداول الإحصائية في التقرير، فإن البحرين بها أكبر وضع “إغراق مصرفي” بحسب الدراسة، فمقابل 1.6 مليون نسمة هناك 13 بنكاً تجارياً محلياً، مع نسبة مستثمرين مشتركين كبيرة في أربعة بنوك، لذا يتوقع التقرير أن تشهد البحرين عمليات اندماج واستحواذ بمعدل أكبر من بقية دول الخليج، خصوصاً أن السلطات الرسمية ترحب بمثل هذا التوجه لفائدته على القطاع من حيث زيادة رأس مال الكيانات الناجمة عن الاندماج وتوسيع قاعدة العملاء، مما يجعل البنوك أكثر مرونة في مواجهة أية أزمات ويرفع من تصنيفها الائتماني بصورة عامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع أن الكويت وسلطنة عمان بهما أيضاً زيادة في عدد البنوك التجارية المحلية العاملة مقارنة بتعداد السكان، إلا أن عمليات الاندماج والاستحواذ المتوقعة في القطاع يمكن أن تكون أقل من البحرين، وأن هناك إصلاحات جارية في البلدين الخليجيين يمكن أن تخفف من ضغوط العوامل التي تدفع نحو الاندماج والاستحواذ.

وعلى رغم النمو الاقتصادي القوي والوضع المالي الجيد بصورة عامة، فإن الإمارات قد تشهد أيضاً عمليات اندماج واستحواذ، خصوصاً أن البنوك الصغيرة يمكن أن تواجه ضغوطاً أكثر خلال الفترة المقبلة من حيث معدلات الربحية، أيضاً السوق الإماراتية مشبعة مصرفياً بصورة كبيرة، فبالنسبة إلى عدد سكان 11 مليون نسمة، هناك 23 بنكاً تجارياً محلياً، كما أن بها أكبر نسبة من المساهمين المشتركين لعدد 11 بنكاً.

وضع مالي جيد بصورة عامة

في المقابل، يقدر تقرير مؤسسة “فيتش” أن احتمالات زيادة عمليات الاندماج والاستحواذ في السعودية أقل بكثير عنها داخل بقية دول الخليج. فمقابل عدد سكان يزيد على 35 نسمة هناك 14 بنكاً تجارياً محلياً، كما أن نسبة المساهمين المشتركين قليلة ولا تتجاوز أربعة بنوك، أي إن قاعدة المساهمين في البنوك أوسع.

ويضيف التقرير أن “السعودية تنفرد بأنها الأقل تشبعاً مصرفياً نتيجة حجم سكانها الكبير، وأن نسبة أصول النظام المصرفي إلى الناتج المحلي الإجمالي ليست كبيرة، إضافة إلى فرص النمو القوية في الاقتصاد”.

ويضرب التقرير أمثلة عدة على عمليات الاندماج والاستحواذ، مشيراً إلى صفقة الاندماج الأخيرة بين بنكي “التمويل الكويتي” و”الأهلي المتحد البحريني”، لكن القطاع المصرفي في السعودية مثلاً لديه كيانات كبيرة بالفعل من حيث قاعدة العملاء ورأس المال مثل البنك “الأهلي السعودي”، وكذلك الحال في الإمارات مثل بنك “أبوظبي الأول”.

وكانت مؤسسة “ستاندرد أند بورز” للتصنيف الائتماني أصدرت تقريراً نهاية العام الماضي حول توقعاتها للقطاع المصرفي الخليجي هذا العام، ثبتت فيه نظرتها المستقبلية الإيجابية.

وأرجع التقرير ذلك إلى أن البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي تميزت بأداء جيد يتوقع أن يستمر خلال العام الحالي، نتيجة تحسن الربحية مستفيدة من جودة الأصول لدى القطاع المصرفي وقوة رأس مالها وتوافر السيولة في كشوف حساباتها.

وأشار التقرير إلى أن القطاع المصرفي يستفيد من عملية التحول في اقتصادات المنطقة بتنويع النشاط بعيداً من قطاع الطاقة، إذ تحتاج مشروعات تطوير القطاعات الأخرى إلى عمليات تمويل تعود بالفائدة على القطاع المصرفي مما يجعل أداءه في تحسن مستمر، وانعكس ذلك على أداء القطاع المصرفي خلال الأعوام الأخيرة والذي يتوقع أن يستمر.

وأضاف التقرير وقتها أنه “على رغم الصدمة المالية في العالم نتيجة أزمة وباء كورونا، ظلت نسبة الديون الرديئة داخل القطاع المصرفي الخليجي عند ما بين ثلاثة وأربعة في المئة فحسب، بعدما استفادت البنوك الخليجية من تعديلات القواعد ولوائح العمل في دول المجلس، إلى جانب التحسن المطرد في المناخ الاقتصادي بصورة عامة، وأيضاً ساعد في ضبط دفاتر البنوك شطب كثير من الديون الرديئة”.

وخلال وقت سابق من العام الماضي أصدرت مؤسسة “موديز” للتصنيف الائتماني ستة تقارير حول وضع القطاع المالي في دول مجلس التعاون الخليجي الست.

وخلصت التقارير إلى أنه نتيجة استمرار معدلات النمو الاقتصادي الجيدة، والتوسع في القطاعات الاقتصادية غير قطاع الطاقة في إطار سياسة التنوع الاقتصادي، تستمر البنوك داخل دول مجلس التعاون الخليجي في وضع جيد، مع توقعات بتحسن الأداء أكثر خلال الفترة المقبلة.

وقال المدير ونائب الرئيس في مؤسسة “موديز” نيتيش بوغناغروالا في تقديم التقارير الستة، “تعكس تقديراتنا المستقبلية للقطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي النمو المستمر في الاقتصاد غير النفطي وظروف التشغيل المساندة”، مضيفاً أننا “نأخذ في الاعتبار عوامل من قبيل رأس مال البنوك وما لديها من سيولة وكذلك احتمال توافر الدعم الحكومي لها في حال الحاجة إليه”.

وبالنسبة إلى الاقتصاد الأكبر في المنطقة، أضاف نائب الرئيس في “موديز” أنه “تظل التوقعات للقطاع المصرفي السعودي إيجابية مع استمرار خطة تنويع الاقتصاد، وأن الطلب على الائتمان للمشروعات الكبرى المدعومة حكومياً سيحسن أداء القروض المصرفية ويوفر أرباحاً قوية للبنوك”.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى