عالمي

توقعات إيجابية في سوق النفط .. تراجع رهانات الهبوط

رغم استمرار حالة عدم اليقين في السوق النفطية، ظهرت توقعات إيجابية قادمة من خفض المضاربين رهاناتهم الهبوطية على الأسعار، ودعم قوي من الطلب العالمي مع اعتزام الولايات المتحدة شراء ستة ملايين برميل إضافي من النفط الخام للاحتياطي الاستراتيجي.
ومن المقرر أن تتم عمليات الشراء في تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) المقبلين، حيث وصل الاحتياطي إلى أدنى مستوى له منذ 40 عاما. 
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون إن العوامل الكابحة للأسعار مستمرة في مقاومة المكاسب وأهمها المعنويات الهبوطية، جراء البيانات الصينية التي كشفت أن اقتصادها على وشك الانكماش، لافتين إلى وجود مجموعة من التحديات الاقتصادية على المدى القريب في الصين. 
وسلط المحللون الضوء على تصريحات جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية التي قالت إن خطر حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة “ليس بعيدا تماما عن الطاولة”، مشددين على ضرورة التزام الحذر في تعاملات السوق النفطية.
وأعرب المحللون عن تخوفهم من عودة حصار إنتاج النفط الليبي مما يؤدي إلى انخفاض في الإنتاج والصادرات، مشيرين إلى تأكيد شركتي النفط العملاقتين إيني وتوتال إنرجي أخيرا أن الاستثمار مستمر في تطوير صناعة النفط الليبية.
في هذا الإطار، قال سيفين شيميل مدير شركة “في جي أندستري” الألمانية، إن المكاسب السعرية للنفط الخام قادمة وإن كانت الوتيرة أبطأ من المتوقع، مبينا أن النفط كان محدد النطاق منذ أواخر نيسان (أبريل) الماضي ويرجع ذلك جزئيا إلى التعافي الاقتصادي الباهت في الصين والتشديد النقدي القوي من قبل البنوك المركزية لمواجهة التضخم على المدى القريب. 
ورجح أن يسهم تقرير التوظيف الأمريكي القوي في جعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي يواصل خطط رفع أسعار الفائدة هذا الشهر ما يحافظ على الرياح المعاكسة لأسعار النفط الخام، كما ستقدم وكالة الطاقة الدولية وأوبك مؤشرات وبيانات جديدة عن السوق عندما تصدران تقارير شهرية في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
من جانبه، ذكر روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن توقعات الطلب على النفط على المدى المتوسط مشرقة في ضوء الطلب الموسمي القوي في فصل الصيف بسبب موسم القيادة، مشيرا إلى تقارير دولية تؤكد أن ربع نمو الطلب العالمي على الطاقة في الفترة 2020 – 2040 ينشأ من الهند.
وأشار إلى تصريحات هارديب سينج بوري وزير البترول الهندي إلى أن استهلاك الهند من النفط والغاز ينمو بوتيرة سريعة ولضمان استمرار المسار التصاعدي من الضروري أن يظل المستهلكون المحليون معزولين عن ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية، حيث ضمنت سياسات الهند التوافر المستدام للوقود بأفضل الأسعار المعقولة.
من ناحيته، توقع ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز، أن تكون أنشطة التكرير قوية في النصف الثاني من العام مدفوعة بالطلب المحلي القوي في الاقتصادات الآسيوية سريعة النمو وبقيادة الصين والهند، لافتا إلى توقعات البنك الدولي لمعدل نمو قوي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.3 في المائة للهند في 2023 – 2024.
 وأضاف أنه حتى في مواجهة التباطؤ العالمي من المتوقع أن تسهم الهند بنحو 15 في المائة من النمو العالمي في 2023، مبينا أن مخاوف الركود والتباطؤ الاقتصادي العالمي ليست وحدها المهيمنة على السوق وأن إجراءات تحالف “أوبك +” في خفض المعروض أثبتت فعالية في تحفيز الأسعار، خاصة إذا حدث تراجع جديد مفاجئ في الإمدادات الليبية.
بدورها، أكدت جولميرا رازيفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، أن فكرة خفض الاستثمارات في النفط والغاز لا تلقى قبولا من شركات الطاقة التي تؤكد على حاجة الاقتصاد العالمي لجميع موارد الطاقة في الأعوام المقبلة وتشير إلى أنه بدلا من ذلك يجب التركيز على رفع كفاءة الإنتاج والعمل على خفض الانبعاثات لمواجهة متطلبات حماية المناخ.
ولفتت إلى حث شركات النفط الكبرى الحكومات على التركيز على تقليل الطلب على الطاقة بدلا من الحد من العرض ما يشير إلى أنه أكثر فائدة للهدف طويل الأجل المتمثل في عالم خال من الانبعاثات، مبينة أن البعض ينظر إلى هذا الموقف على أنه محاولة من شركات النفط الكبرى للحفاظ على تركيزها على النفط والغاز خلال فترة أرباح قياسية.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس معوضا بعض خسائر الجلسة السابقة، مع تركيز المتعاملين على خفض السعودية وروسيا للإنتاج وترقب بيانات اقتصادية قد تساعد في التأكد من وضع الطلب على الخام.
وبحسب “رويترز”، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 33 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 78 دولارا للبرميل خلال التعاملات أمس، وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 35 سنتا أو 0.5 في المائة إلى 73.34 دولار.
وكانت الأسعار تراجعت 1 في المائة الإثنين وسط توقعات بزيادة احتمال رفع أسعار الفائدة الأمريكية، ومع جني المستثمرين للأرباح.
وفي حين قال مسؤولو البنك المركزي الأمريكي إن البنك سيحتاج على الأرجح إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لخفض التضخم، سادت الأسواق حالة من الارتياح في ظل المؤشرات التي تشير إلى أن المسؤولين يعتقدون أيضا بأن دورة تشديد السياسة النقدية الحالية تقترب من نهايتها. 
وساعدت تخفيضات الإمدادات من أكبر مصدري النفط في العالم، السعودية وروسيا، والمقرر إجراؤها في آب (أغسطس) على رفع الأسعار القياسية، التي تلقت أيضا الدعم من انخفاض الدولار إلى أدنى مستوى في شهرين. ويؤدي ضعف الدولار إلى جعل النفط الخام أرخص لحاملي العملات الأخرى وفي الأغلب ما يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط.
ويترقب المستثمرون صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكيين، وهو تقرير رئيس عن التضخم، هذا الأسبوع، فضلا عن تقارير اقتصادية من الصين لقياس توقعات الطلب.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 79.09 دولار للبرميل الإثنين مقابل 78.34 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق خامس ارتفاع له على التوالي وأن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 76.12 دولار للبرميل.


Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى