عالمي

لماذا لا يتمكن كثير من الخريجين الصينيين من العثور على عمل؟

نشرت صحيفة “ذي إكونوميست” في عددها الصادر في الـ18 من أبريل (نيسان) 2024، مقالاً تناولت فيه مشكلة الشباب الصيني الذي يتخرج في الجامعات المرموقة ولا يجد فرصة عمل تليق بالشهادة التي حصلها. والحال أنه في هذا الوقت من كل عام، تزور الشركات حرم الجامعات في الصين بحثاً عن موظفين محتملين. غير أن الجو هذه السنة كان قاتماً. ففي معرض للتوظيف في ووهان، كانت إحدى الشركات تبحث عن متدربين في مجال الإدارة، شرط أن يكونوا من النخبة فقط، مقابل مبلغ بخس جداً يوازي 140 دولاراً شهرياً. وفي معرض في جيلين، كان معظم الوظائف المعلن عنها تتطلب حملة شهادات عالية الأمر الذي لا يترك مجالاً للمتخرجين حديثاً في الجامعات.

وتابع المقال بالقول إن البيانات ترسم هي التالية أيضاً صورة قاتمة عن الوضع، إذ بلغ معدل البطالة بين الأشخاص الذين تراوح أعمارهم ما بين 16 و24 سنة في المدن مستوى قياسياً نسبته 21.3 في المئة في يونيو (حزيران) 2023، إلى درجة أن الحكومة استبعدت عن حسابات البطالة شريحة الشباب الباحثين عن وظائف أثناء الدراسة، على عكس ما تفعله الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وأتت النسب الجديدة أقل، ولكنها لا تزال محبطة: ففي مارس (آذار) كان 15.3 في المئة من الشباب في المدن عاطلين من العمل، وهذا ما يقارب ثلاثة أضعاف معدل البطالة الإجمالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما بالنسبة إلى الخريجين الشباب فالوضع أكثر خطورة. فوفقاً للحسابات التي أدرجها المقال، بلغ معدل البطالة بين الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 16 و24 سنة والذين بلغوا التعليم الجامعي 25.2 في المئة في عام 2020، وهو العام الأخير الذي تتوفر عنه بيانات.

ويفيد المقال أن أحد أسباب اعتقاد الكاتب بأن الأمور لم تتحسن هو أن نسبة الخريجين من الشباب العاطلين من العمل تتزايد بصورة أسرع مما يمكن تفسيره. وشكل خريجو الجامعات والكليات المهنية والتقنية 70 في المئة من الشباب العاطلين من العمل في عام 2022، ارتفاعاً من تسعة في المئة قبل عقدين من الزمن. وكنسبة من الشباب، بلغت نسبة هؤلاء الخريجين 47 في المئة عام 2020.

ويشير المقال إلى أن جزءاً من المسؤولية يقع على عاتق الاقتصاد الصيني المتباطئ، إذ بقي الطلب على الخريجين في حالة ركود، فيما المعروض آخذ في الارتفاع. ومن المتوقع هذا العام أن يتخرج ما يقارب 12 مليون طالب في مؤسسات التعليم العالي، بزيادة وقدرها أكثر من عشرة أضعاف سنوياً.

ويذكر المقال مين تانغ، وهو صيني متخصص في الشأن الاقتصادي اقترح زيادة معدلات الالتحاق بالتعليم العالي كوسيلة للتعامل مع الأزمة المالية الآسيوية في أواخر التسعينيات. فمثل هذه السياسة من شأنها تأجيل دخول الشباب إلى سوق العمل وتحفيز الاقتصاد من طريق الإنفاق على التعليم. وتبنت الحكومة خطته التي تزامنت مع تغيرات مجتمعية دفعت في الاتجاه نفسه. وبفضل تحديد حجم الأسرة، تمكن الأهل من الاستثمار أكثر في كل طفل، لا سيما أنه سيترتب عليه إعالتهم يوماً ما في سن الشيخوخة.

ومع تزايد الطلب على الأماكن، زاد عدد الجامعات على صورة مؤسسات يديرها القطاع الخاص تسمى مينبان داكسو، وهي تفرض رسوماً أعلى بكثير من الجامعات الحكومية ويمكنها استقبال عدد أكبر من الطلبة. وقد تضخم معدل الالتحاق بهذه المؤسسات، إذ زاد بنسبة 560 في المئة منذ عام 2004.

وأضاف المقال أن العدد المتزايد من الخريجين يكاد لا يطرح مشكلة كبيرة لو كانوا يتعلمون المهارات التي يطلبها أصحاب العمل. لكن الشركات الصينية تشكو من عدم قدرتها على العثور على مرشحين مؤهلين لشغل مناصبها المفتوحة. وجزء من المشكلة هو مؤسسات مينبان ذات مستوى التعليم المتدني. على سبيل المثال، يتزايد عدد الطلاب الذين يدرسون العلوم الإنسانية على رغم أن الطلب عليهم أقل بكثير منه على المجالات الأخرى.

ويحاول بعض الطلاب التهرب من سوق العمل الصعبة في القطاع الخاص فيقدمون بأعداد هائلة بلغت ذروتها على اختبارات الدخول إلى وظائف القطاع العام، فيما يتابع آخرون تحصيلهم العلمي في الدراسات العليا.

وبسبب عدم قدرتهم على العثور على عمل يناسب شهاداتهم، يستقر عدد من الخريجين في وظائف منخفضة المهارات، مثل توصيل الطعام. في العام الماضي، أشارت مذكرة من مطار في ونتشو إلى أنه عين مهندسين معماريين ومهندسين مدنيين ليكونوا حراس أرض المطار وطاردي الطيور عن المدارج.

وفي عام 2008 بدا وكأن أحد المسؤولين في وزارة التعليم اعترف بأن الدولة ارتكبت خطأً في زيادة معدلات الالتحاق بالكليات والجامعات بهذه السرعة. ولكن سرعان ما نفت الوزارة مسؤوليتها. ويبدو أن الحكومة اليوم تهتم بحجم نظام التعليم أكثر من اهتمامها بجودته. والحال أنه تم افتتاح 61 كلية وجامعة جديدة في الصين العام الماضي. وتفاخرت صحيفة “بيبلز ديلي” فكتبت: “لقد بنت بلادنا أكبر نظام للتعليم العالي في العالم”.

وختم المقال بخطاب رئيس الوزراء لي تشيانغ، عن حال الأمة الشهر الماضي، الذي أعرب فيه عن تأييده فكرة التأكد من أن مزيداً من الخريجين يتعلمون المهارات اللازمة في قطاعات مثل التصنيع المتقدم ورعاية المسنين. لكن كثراً سيستمرون في الاعتقاد أن شهاداتهم ليست تذكرة للحصول على وظيفة جيدة. لقد قيل لهم لسنوات إن التعليم العالي هو السلم لحياة أفضل، وها هم اليوم محبطون.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى