عالمي

كيف تؤثر رسوم ترامب على الأعمال داخل شركات النفط؟

خاص

كبرى شركات النفط العالمية

كبرى شركات النفط العالمية

يشهد قطاع الطاقة الأميركي واحدة من أصعب مراحله في السنوات الأخيرة، حيث عوامل اقتصادية ضاغطة بالتزامن مع توجهات سياسية مثيرة للجدل، في مزيج يشكل ضغوطاً غير مسبوقة على صناعة النفط.

وتتصاعد موجات القلق بين الشركات والعمال على حد سواء، وسط بيئة دولية متقلبة وأسواق تبحث عن التوازن بين المعروض والطلب.

وتطرح هذه التطورات أسئلة عميقة حول مستقبل قطاع يُعدّ ركيزة أساسية للاقتصاد الأميركي، في ظل تحولات عالمية متسارعة نحو بدائل الطاقة الجديدة.

بحسب تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، فإن “شركات النفط الأميركية تستغني عن آلاف الوظائف استجابة لانخفاض أسعار الخام، وارتفاع الرسوم الجمركية، وموجة من عمليات الاندماج في القطاع”.

كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وعد بفترة ازدهار لقطاع النفط والغاز عند توليه منصبه في يناير. لكن بدلاً من ذلك، فقد القطاع 4 آلاف وظيفة حتى أغسطس، وفقاً لأحدث بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي.

تأتي هذه التسريحات بينما تراجعت أسعار النفط الأميركي بنسبة 13 بالمئة منذ بداية العام بفعل الزيادة السريعة في المعروض العالمي من جانب أعضاء تحالف أوبك+.

أعلنت كبرى ثلاث شركات نفط أميركية ــ إكسون موبيل، شيفرون، وكونوكو فيليبس ــ عن خطط لتقليص الوظائف في 2025، بعدما نفذت عمليات استحواذ كبرى خلال العامين الماضيين ضمن موجة إعادة هيكلة القطاع.

إذ أوضحت “إكسون” أنها ستلغي ألفي وظيفة في إطار خطة إعادة هيكلة، بينما أعلنت “شيفرون” في فبراير أنها ستخفض ما يصل إلى 20 بالمئة من قوتها العاملة بحلول 2026. أما “كونوكو” فأكدت مطلع الشهر أنها ستستغني عن ما يصل إلى 25 بالمئة من موظفيها.

ويضيف التقرير: على نطاق أوسع، فقد قطاع الطاقة الأميركي 9 آلاف وظيفة حتى أغسطس من العام الجاري، بزيادة تقارب 30 بالمئة في معدلات التسريح مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، بحسب بيانات مؤسسة Challenger, Gray & Christmas.

كما توقف التوظيف في القطاع تقريباً هذا العام، إذ تخطط شركات الطاقة لشغل نحو ألف وظيفة فقط، أي بانخفاض يقارب 90 بالمئة مقارنة بأكثر من 12 ألف وظيفة متاحة خلال الفترة نفسها من عام 2024، وفقاً للبيانات ذاتها.

وانتقد مديرو شركات النفط الصخري سياسة ترامب الداعية إلى خفض أسعار النفط في وقت تتزايد فيه تكاليفهم بسبب الرسوم الجمركية على الصلب، محذرين من أن ذلك سيؤدي إلى فقدان الوظائف.

تأثير ترامب

يقول خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

  • “عند تسلّمه مفاتيح البيت الأبيض في يناير 2025، وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب صناعات النفط والغاز بمستقبل مليء بالتفاؤل والانتعاش والنمو”. “
  • “لكن الأشهر التي تلت تلك الوعود البراقة حملت معها تحديات جسيمة لهذا القطاع الحيوي”.
  • التعريفات الجمركية التي أعلن عنها ترامب مطلع أبريل الماضي خلقت حالة من عدم اليقين وزعزعة الثقة في الأسواق، الأمر الذي دفع بعض الشركات لإنتاج النفط والغاز إلى تأجيل مشاريع الاستثمار والتوسع والتطوير”.
  • “هذه الإجراءات أسهمت في تغذية التضخم وإبطاء النمو، وإشعال توترات تجارية عالمية انعكست مباشرة على أسعار الطاقة“.

ويؤكد أن تراجع أسعار النفط إلى جانب التعريفات الجمركية، أدى إلى موجة من تسريحات العمالة وعمليات اندماج واستحواذ واسعة في القطاع.

ويضيف أن شركة إكسون أعلنت الاستغناء عن أكثر من 2000 وظيفة، فيما خفضت شيفرون نحو 20 بالمئة من موظفيها، وأكدت كونوكو فيليبس نيتها الاستغناء عن 25 بالمئة من قوتها العاملة. وبشكل عام، يوضح إسماعيل أن التقديرات تشير إلى أن القطاع فقد نحو 9000 وظيفة حتى أغسطس الماضي.

ويختتم الخبير بالقول: “إن سياسات الرئيس ترامب القائمة على فرض التعريفات الجمركية، والضغط على الشركات لزيادة الإنتاج مع الإصرار على أسعار منخفضة، لا تؤدي فقط إلى إضعاف تنافسية الشركات الأميركية، بل تهدد أيضاً بخروج العديد من الشركات الصغيرة من السوق”، مشيراً إلى أن “هذه السياسات ستجلب مزيداً من التحديات أمام قطاع النفط الأميركي، وستترك انعكاسات سلبية على الأسواق العالمية للطاقة بأسرها”.

الغيص: تقرير وكالة الطاقة شهادة على دقة توقعات أوبك وصحتها

النفط الصخري

في سياق متصل، أصبح المسؤولون التنفيذيون في قطاع النفط والغاز متشائمين بشكل متزايد بشأن آفاق شركاتهم ومتزايد عدم اليقين بشأن المستقبل، وفقاً لمسح إقليمي أصدره بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس.

أشار المشاركون في أسئلة بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس حول الطاقة للربع الثالث إلى مخاوف بشأن تغييرات في سياسة الطاقة في عهد الرئيس دونالد ترامب، وتقلبات السوق، وزيادة عمليات الحفر المرتبطة بالرسوم الجمركية.

وكتب أحد المديرين التنفيذيين في شركة استكشاف وإنتاج: “لقد بدأنا مرحلة تراجع النفط الصخري“، مشيراً إلى تسريحات الوظائف وعمليات الدمج في قطاع الطاقة.

أسباب موضوعية رئيسية

من جانبه، يشير مستشار أسواق الطاقة، الدكتور مصطفى البزركان، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن:

  • شركات النفط العالمية واجهت خلال السنوات الأخيرة عقبات كبيرة أعاقت أعمالها، قد يكون من بينها تراجع أسعار النفط، لكن العامل الأبرز كان تراجع الاستثمارات في مجالات التنقيب والاستخراج.
  • هذه التراجعات جاءت نتيجة الضغوط التي تعرضت لها الشركات بفعل اندفاع العالم نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مقابل عزوف المستثمرين عن ضخ رؤوس أموال في قطاع الوقود الأحفوري.
  • شركات النفط الصخري الأميركية بدورها اصطدمت بأزمات مالية حادة أدت إلى إفلاس عشرات الشركات، حيث لم يكن سعر برميل النفط الخام يغطي تكاليف استخراجه، وهو ما دفع كبريات شركات النفط إلى الاستحواذ على الشركات الصغيرة.

ويشير البزركان إلى أن التطورات التكنولوجية المتسارعة في القطاع أسهمت في الاستغناء عن آلاف العاملين، الأمر الذي فرض على الشركات إعادة هيكلة عملياتها. كما يلفت إلى أن ارتفاع تكاليف الاستثمار في الطاقة المتجددة جاء على حساب الاستثمارات في النفط والغاز، إلى أن أعادت الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب توجيه البوصلة نحو دعم الاستثمارات التقليدية، وهو ما دفع الشركات إلى تأجيل توقعاتها بشأن ذروة الطلب على النفط لسنوات قادمة.

البزركان: أسعار النفط تواجه ضغوطاً عالمية

ويؤكد أن الأسعار لا تزال عند مستويات متدنية، بالتزامن مع وفرة المعروض من الخام، في وقت تشير فيه التوقعات إلى تراجع الطلب العالمي نتيجة الرسوم الجمركية واستمرار انكماش النشاط الصناعي في الصين، وهو ما يفاقم التحديات التي تواجه شركات النفط الدولية.

أخبار الشركات


Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى