عالمي

كابوس الأسعار يحاصر الأتراك مع تضخم عند مستويات قياسية

على مدى سنوات الولاية السابقة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحول التضخم وارتفاعات الأسعار إلى كابوس مرعب يطارد غالبية الأتراك، فمعدل التضخم الذي لم يكن يتجاوز 2.6 في المئة خلال عام 2018، ظل يزحف بسبب السياسات المالية والنقدية الخاطئة إلى أكثر من 85 في المئة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

يعود جزء كبير من أزمة التضخم وارتفاعات الأسعار إلى السياسات الخاطئة التي انتهجها البنك المركزي التركي، ففي الوقت الذي كانت تتجه فيه البنوك المركزية على مستوى العالم نحو تشديد السياسة النقدية وواصلت رفع أسعار الفائدة بقيادة البنك المركزي الأميركي، استمر البنك المركزي التركي في تخفيض معدل الفائدة، مما تسبب في مضاعفة مغذيات التضخم، ليصبح الأتراك فريسة سهلة في يد تجار السلع.

أيضاً ترتبط معدلات التضخم بالخسائر والانهيارات التي تطارد الليرة مقابل الدولار الأميركي، إذ إنه خلال الفترة من 2018 وحتى 2023 فقدت العملة التركية أكثر من 77 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، وسجلت الورقة الأميركية الخضراء ارتفاعاً بنسبة 350.8 في المئة، بمتوسط مكاسب سنوية يبلغ نحو 70.2 في المئة، وذلك بعد أن زاد سعر صرف الدولار من مستوى 4.48 ليرة إلى نحو 20.2 ليرة في الوقت الحالي.

ووفق الإحصاء الذي أعدته “اندبندنت عربية” ارتفع التضخم من مستوى 2.6 في المئة خلال عام 2018 إلى نحو 16 في المئة خلال عام 2019، ثم واصل الارتفاع خلال عام 2020 ليسجل مستوى 36.7 في المئة.

وخلال عام 2021 سجل معدل التضخم في تركيا مستوى 45.4 في المئة، لكنه سجل أعلى مستوى على الإطلاق خلال عام 2022 حينما استقر أعلى مستوى 85.5 في المئة.

لكن البيانات الحديثة تشير إلى انخفاض التضخم السنوي في تركيا للشهر الثالث على التوالي إلى 57.68 في المئة خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، لكنه لا يزال أعلى من التوقعات. ووفق بيانات معهد الإحصاء التركي، فإن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 6.65 في المئة على أساس شهري، وهو تقريباً ضعف النسبة التي جاءت في توقعات استطلاع أجرته “رويترز” عند 3.8 في المئة.

وعلى أساس سنوي توقع الاستطلاع أن يبلغ تضخم أسعار المستهلكين في تركيا 53.5 في المئة، ويعزى الارتفاع الشهري الحاد إلى سلسلة من الزيادات في الأسعار في العام الجديد، بما في ذلك وسائل النقل العام ومنتجات التبغ، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبداية العام الحالي أظهرت بيانات رسمية أن التضخم السنوي في تركيا تباطأ بشكل حاد إلى 64.27 في المئة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وبلغ التضخم أعلى مستوياته في 24 عاماً عند 85.51 في المئة في أكتوبر 2022، مدفوعاً بسلسلة من التخفيضات غير التقليدية لأسعار الفائدة بدأت في سبتمبر (أيلول) 2021 وتسببت في انهيار العملة في أواخر ذلك العام.

وعلى رغم ارتفاع الأسعار خفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة إلى تسعة في المئة من 19 في المئة منذ عام 2021، بهدف تقليص العجز المزمن في حساب المعاملات الجاري من خلال تعزيز الاستثمار بقروض أرخص.

وينتهج البنك المركزي التركي سياسة تخفيض معدلات الفائدة في ظل ارتفاع الأسعار، وذلك في إطار تنفيذ تعليمات وسياسات الرئيس أردوغان. وعادة ما تفعل معظم البنوك المركزية الكبرى حول العالم عكس ذلك، بهدف عدم تشجيع المستهلك على الإنفاق بالتالي الحد من زيادة الأسعار.

عجز تجاري ضخم والاحتياطي ينزف بشدة

في سوق الصرف هبطت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد عند 20.2 مقابل الدولار خلال التعاملات المبكرة اليوم الثلاثاء، وتراجعت العملة التركية بنسبة 0.5 في المئة عن مستوى الإغلاق الذي سجلته في تعاملات الإثنين عند 20.0990 ليرة للدولار والذي كان أسوأ أداء يومي لها في ثمانية أشهر.

وخسرت الليرة نحو 7.3 في المئة منذ بداية العام، لكنها فقدت أكثر من 90 في المئة من قيمتها على مدى العقد الماضي إثر مرور الاقتصاد بدورات من الازدهار والكساد ونوبات من التضخم المستفحل، لكن الغذاء هو القطاع الأكثر تأثراً بالتضخم، ويقدر أن أسعاره زادت في المتوسط بنسبة 44 في المئة على أساس سنوي في أبريل (نيسان) الماضي، وهو أعلى معدل بين الدول الناشئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع التضخم المتسارع وانخفاض قيمة الليرة التركية واتساع العجز التجاري وتخارج مستثمرين، تجد تركيا نفسها في الاضطراب نفسه الذي حدث في عام 2001، قبل عام واحد من وصول أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” إلى السلطة.

أيضاً ارتفع العجز التجاري في تركيا خلال العام الماضي بنسبة 138.4 في المئة إلى مستوى 110.19 مليار دولار. ووفق بيانات وزارة التجارة التركية اتسع العجز التجاري في ديسمبر الماضي بـ52 في المئة مقارنة بالعام السابق إلى 10.381 مليار دولار، مع زيادة الصادرات 3.1 في المئة إلى 22.92 مليار دولار وارتفاع الواردات بنسبة 14.6 في المئة إلى 33.30 مليار دولار.

ارتفاع الدين الخارجي

على صعيد احتياطي البلاد من النقد الأجنبي سجل إجمالي الاحتياطات من العملات الأجنبية انخفاضاً قياسياً في الأسبوع الذي سبق الانتخابات الرئاسية.

وكشفت بيانات البنك المركزي عن هبوط احتياطي البلاد من النقد الأجنبي بمقدار 7.6 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 12 مايو (أيار) الجاري، ليصل إلى 60.8 مليار دولار، ليسجل بذلك أكبر انخفاض أسبوعي في البيانات التي تعود إلى عام 2000. وانخفض صافي الاحتياطات – الذي حدده صندوق النقد الدولي – بما في ذلك عقود المقايضة إلى 2.3 مليار دولار، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من عقدين.

كما ارتفع رصيد الدين الخارجي قصير الأجل في تركيا بنسبة 19.6 في المئة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. وفق البيانات الرسمية ارتفع رصيد الدين الخارجي قصير الأجل إلى نحو 145.4 مليار دولار، وفي هذه الفترة ارتفع رصيد الدين الخارجي قصير الأجل للبنوك بنسبة 18.1 في المئة إلى 60.7 مليار دولار، في حين زاد رصيد الدين الخارجي قصير الأجل للقطاعات الأخرى بنسبة 18.5 في المئة إلى 52.3 مليار دولار.

وانخفضت القروض قصيرة الأجل التي تستخدمها البنوك من الخارج بنسبة 4.8 في المئة مقارنة بنهاية نوفمبر 2021 إلى 10.5 مليار دولار، فيما زادت ودائع النقد الأجنبي لغير المقيمين باستثناء البنوك بنسبة 25.7 في المئة لتصل إلى 19.2 مليار دولار، بينما زادت ودائع البنوك غير المقيمة بنسبة 22.1 في المئة لتصل إلى 19.1 مليار دولار.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى