عمالقة التكنولوجيا يحصدون ثمار استثماراتهم في الذكاء الاصطناعي

تمكنت الشركات العملاقة في مجال التكنولوجيا (“غوغل” و”ميتا” و”مايكروسوفت” و”أبل” و”أمازون”)، من أن تحقق أرباحاً فاقت التوقعات في الربع الثاني من العام الحالي.
تلك المكاسب جاءت، على رغم إنفاق تلك الشركات الضخم على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وحال عدم اليقين الاقتصادي المرتبطة بالتعريفات الجمركية.
وعن ذلك كتب المحلل في “ويدبوش سيكيوريتيز” دان آيفز أول من أمس الخميس قائلاً “ثمة لحظات ستبقى محفورة في تاريخ الأسواق المالية مدة طويلة، وكان مساء الخميس بلا شك أحدها، مع النتائج المذهلة التي أعلنتها (مايكروسوفت) و(ميتا)”.
وتجاوزت القيمة السوقية لـ”مايكروسوفت” أول من أمس الخميس للمرة الأولى عتبة الـ4 آلاف مليار دولار، وباتت ثاني شركة تتجاوز هذه العتبة الرمزية بعد “إنفيديا” الرائدة في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي.
وجاء ذلك، عقب إعلان “مايكروسوفت” الأربعاء الماضي، أن صافي دخلها بلغ 27.2 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) من العام الحالي، بزيادة قدرها 24 في المئة على أساس سنوي، فيما بلغت الإيرادات 76.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 18 في المئة على أساس سنوي.
وتجاوزت إيرادات أعمالها السحابية (الحوسبة من بعد وخدمات الذكاء الاصطناعي للشركات) 100 مليار دولار للسنة المالية، أي أكثر من إجمال إيرادات “مايكروسوفت” قبل 10 أعوام.
كذلك فاجأت “ميتا” بورصة “وول ستريت” الأربعاء الماضي بصافي أرباحها الذي بلغ 18.34 مليار دولار، أي بزيادة 36 في المئة، في حين بلغت إيراداتها 47.5 مليار دولار في الربع الثاني من السنة الحالية، بزيادة قدرها 22 في المئة على أساس سنوي.
كيف تحققت الأرباح؟
وعزا الرئيس التنفيذي للمجموعة مارك زوكربيرغ أداءها إلى دمج الذكاء الاصطناعي في أدواتها الإعلانية، مشيراً خلال مؤتمر المحللين إلى قدرة الذكاء الاصطناعي مثلاً على اقتراح مواضع الإعلانات للمعلنين، مما يحسن معدلات تحويل الإعلانات (أي عدد الزوار الذين أكملوا إجراءً فعلياً على أساسها)، وقدرته كذلك على اقتراح المحتوى للمستخدمين، مما يعزز وقت يمضونه على منصات التواصل الاجتماع. ومن ثم حققت “ميتا” التي تحتل المرتبة الثانية عالمياً من جهة القدرة على جذب الإعلانات الرقمية هوامش ربح قوية على رغم الزيادة المطردة في إنفاقها على الذكاء الاصطناعي.
ومن شأن هذه النتائج أن ترضي زوكربيرغ الذي يتطلع إلى تقنية “الذكاء الخارق” الافتراضية ذات القدرات المعرفية المتفوقة على قدرات البشر.
وأغرى زوكربيرغ في الآونة الأخيرة مسؤولين بارزين في “أوبن أي آي” و”أنثروبيك” و”غوغل” بمبالغ كبيرة لترك وظائفهم والانتقال إلى صفوف مجموعته، ويعتزم استثمار “مئات المليارات من الدولارات” في مراكز بيانات جديدة مزودة برقائق متطورة وموارد طاقة هائلة.
كذلك أعلنت “غوغل” أن استثماراتها ستزداد أكثر، ومن المتوقع أن تصل نفقاتها الاستثمارية إلى نحو 85 مليار دولار العام الحالي، بزيادة قدرها 10 مليارات دولار عن المخطط له، مقارنة بـ52.5 مليار دولار عام 2024.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهذه الاستثمارات ضرورية خصوصاً لأعمالها السحابية، إذ حققت “غوغل كلاود” مجدداً نمواً قوياً مع زيادة مبيعاتها بنسبة 32 في المئة لتتجاوز 13 مليار دولار، لكنها تواجه صعوبة في تلبية الطلب.
ويمكن للمجموعة العملاقة في مجال الإنترنت الاعتماد على أرباحها، إذ ارتفعت إيراداتها بنسبة 14 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى أكثر من 96 مليار دولار، من بينها 28.2 مليار صافي دخل في الربع الثاني من العام الحالي.
مشكلات بسبب المنافسة
ولا يبدو إلى اليوم أن محرك البحث يعاني مشكلات بسبب المنافسة المتزايدة من الأدوات المساعدة العامة القائمة على الذكاء الاصطناعي على غرار “تشات جي بي تي” من شركة “أوبن أي آي” والأدوات المتخصصة في البحث الإلكتروني على غرار “بربليكسيتي”، إذ سارع هو نفسه إلى دمج أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية.
ولاحظ دان آيفز أن “السوق لم تستوعب بعد موجة النمو المقبلة، التي تغذيها خطط إنفاق تبلغ قيمتها نحو 2000 مليار دولار على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة من قبل الشركات والحكومات لنشر تقنيات الذكاء الاصطناعي”.
وكان المستثمرون مهتمين أيضاً برصد الآثار المحتملة للحروب التجارية، ويبدو أن “ميتا” و”أمازون” تستفيدان من سياسات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الوقت الراهن، ففي ظل المناخ الضبابي السائد، تحصن المعلنون بمنصات مجموعة وسائل التواصل الاجتماعي الموثوق بها.
وأفادت “أمازون كوم”، من جانبها، من تراجع المنافسة الصينية في الولايات المتحدة، إذ فقدت شركتا “شين” و”تيمو” الإعفاء الجمركي الذي كانت تتمتع به الطرود الصغيرة.
كذلك حققت الشركة التي تتخذ من سياتل مقراً لها نتائج أفضل من المتوقع، وخصوصاً بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي المخصصة للمستهلكين والشركات عبر منصة “أي دبليو أس” السحابية.
لكنها تنمو بوتيرة أبطأ من منافستيها “مايكروسوفت” و”غوغل”، وجاءت توقعات “أمازون” للربع الحالي مخيبة للآمال، وانخفض سعر سهمها بأكثر من ستة في المئة في التداول الإلكتروني بعد إغلاق بورصة نيويورك أول من أمس الخميس.
أما نتائج “أبل” الربعية فقوبلت بارتياح في السوق على رغم ارتفاع كلفة الرسوم الجمركية وتأخرها في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأعلنت المجموعة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها الخميس عن صافي ربح بلغ 23.4 مليار دولار (تسعة في المئة)، بفضل مبيعات هواتف “آيفون”.
وتجاوزت نتائج “أبل” بصورة كبيرة التوقعات على رغم فاتورة بقيمة 800 مليون دولار تتعلق بالرسوم الإضافية الأميركية، ومن المتوقع أن تتجاوز كلفة هذه التعريفات مليار دولار خلال الربع الحالي.